رواية «الزيني بركات» نقلة نوعية في كتابات جمال الغيطاني

الجسرة الثقافية الالكترونية
رانيا يوسف
على هامش فعاليات الدورة السابعة والأربعين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في الفترة من 27 يناير/كانون الثاني وحتى 10 فبراير/شباط، أقامت الهيئة العامة للكتابة أولى ندوات «شخصية المعرض» عن الأديب الراحل جمال الغيطاني، الذي رحل عن عالمنا في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، واختارته الهيئة هذا العام ليتصدر ملصق الدورة الحالية، حيث يتم الاحتفاء به، وقال هيثم الحاج رئيس الهيئة العامة للكتاب، إنه تم اختيار جمال الغيطاني شخصية المعرض، حيث ارتبط بعنوان هذه الدورة «الثقافة في المواجهة» وكان دائما في المواجهة منذ أن كان مراسلاً حربياً.
الندوة شاركت فيها مجموعة من الكتاب والنقاد منهم، القاص سعيد الكفراوي، والكاتب محمد بدوي، وأدار اللقاء نبيل عبد الفتاح، والناقد حسين حمودة، الذي قال إن مشروع «الغيطاني»، هو مشروع متنوع وممتد ومتفرد. وعن أسلوب الغيطاني أوضح أن كل شيء ينمو ويتنامى ويمتد بمستوياته المختلفة، وفي لغته العديد من المعاني، لأننا نستمتع بلغة مشبعة بالمعرفة في كتابات تتنوع بين أزمنة وأماكن شتى، بالإضافة لصلته العميقة بالمناطق التي قادته إلى مستويات افتراضية مستدعاة ومشبعة بذائقة، ومن هذه المعالم نبرة الشجن الخفية التي تخللت نصوصه».
وأكد حمودة أن صلة الغيطاني العميقة بالمكان ميزته، واهتمامه بالأزمنة والأماكن، مثل منطقة الجمالية منبره للتعبير ونقطة البدء والوصول، منها ينطلق عالم جمال الغيطاني».
القاص سعيد الكفراوي قال في حديثة عن الغيطاني، إنه كتب مشروعه وتجربته، وحين نتأمل حياته نجد أنها حياة موازية للأدب، وتتقاطع معه وتنتهي في النهاية لكي تصف صاحبها بأن هذا الكاتب بالفعل هو رجل أدب، الغيطاني عاش طفولته في مناخ قاس، ثم انتقل مع والدته إلى الجمالية، ودرس وتعلم النسيج والنقش والسجاد، ثم تعرف على طريق الثقافة حتى اعتقل عام 1966، وكان ضمن جيل كان له موقف، ضد سلطة القمع، حين تتأمل إنتاج جمال الغيطاني الفكري والثقافي تجد واحدًا من أصحاب الإرادات، ممن يمتلكون القدرة على الفعل والعمل وعلى أن يبعد نفسه عن المقاهي التي يجلس فيها المثقفون، تجربته الروائية أبدعها في 17 رواية و12 مجموعة قصصية وغيرها من الكتب الفكرية.
ويختم الكفاري أن عالمه الروائي يتلخص في ظواهر كونت وعي الكاتب وقارئه وكانت تجربته وعلاقته بالكتابة ثرية إلى حد مدهش، فهو أول ابناء جيله الذي انتبه لما في التراث من غنى وآمن بأنه ما دام لدينا هذا التراث فعلينا ألا نعتمد على تراث آخر، وأمضى حياته يتخذ من تراثه العربي الإسلامي منهجاً.
الناقد محمد بدوي قال إن رواية «الزيني بركات» للغيطاني، أحدثت نقلة نوعية في كتاباته، وكانت أساساً للمفاهيم التي سيعمل عليها بعد ذلك، مؤكداً أنها استطاعت أن تجمع بين مجموعة عناصر جعلت الغيطاني، متميزاً عن أقرانه من كتاب السيتينيات، وفي الوقت نفسه متميزاً في الكتابة السردية المصرية عن آبائه، ومن بينهم «نجيب محفوظ، يحيى حقي، يوسف إدريس»، مشيرا إلى أن هذه العناصر تتمثل في مجموعة من الانجازات الفنية.
وأكد بدوي: «لسنا مع الشكل التقليدي للرواية، حتى عبر المرحلة الثانية لدى نجيب محفوظ، حيث نجد بطلا فرداً متميزاً كسعيد مهران، أو كما في «السمان والخريف»، أو بطلا إيجابيا كما نرى في روايات عبد الرحمن الشرقاوي، لكننا مع مشهد واسع متقطع، الكاتب فيه يعمل خارج الواقع لتنشأ بينه وبين هذا الواقع حالة توتر خلاقة تجعله، يلجأ إلى النص القديم، وخاصة النصوص التاريخية بشكل خاص عند اليأس».
وأوضح أن شخصية الزيني بركات جادة جداً في السرد، لكنها تحولت لدى جمال الغيطاني إلى شخصية تستطيع أن تلقي بأضوائها على واقع معيشي ثقيل وقد حقق جمال الغيطاني، هذا بالتحديد بأن استطاع أن يقيم عددا من الأشكال المعقدة جداً مع كتابات السرد القديم ومع الحديث كان موجودا في شخصية سعيد الجهيمي التي رغم أنها تعيش في العصر المملوكي إلا أنها شخصية مصري مثقف معاصر»، وتابع، لم تكن رواية «الزيني بركات» تمثل تفتت الواقع ولا تمزقه كما حدث في روايات أخرى لزملائه مثل «تلك الرائحة».
المصدر: القدس العربي