روحانية الصورة في أربعة معارض مصرية

ياسر سلطان

يستضيف «مركز سعد زغلول الثقافي» في القاهرة حالياً أربعة عروض تجمع بين التجهيز والفوتوغرافيا والرسم، ويحمل سياق بحثها تفاوتاً في التناغم، وتتسق إلى حد ما في محتواها، سواء لجهة التقشف في توظيف الأدوات والعناصر، أو ملامستها الجانب الروحاني.
العرض الأول عنوانه «المعرفة المقدسة»، للفنان شادي أديب سلامة، في سياق مشروعه الممتد منذ عام 2011 تحت عنوان «توالد المعرفة»، والذي ينطلق من مفهوم «أن حقيقة ردود فعل المعرفة هي المعرفة ذاتها».
يعتمد سلامة على روابط مشتركة بين هذه التجهيزات، أبرزها اللون الذهبي الذي يسيطر على معظم العناصر والمفردات المستخدمة، وهو لون مقدس عند قدماء المصريين، ويرمز إلى البذخ والثراء والتفاخر، ومن ثم فإنه يعد المقابل المادي للمعرفة كأحد أسباب التميز. في رحلة بحثه البصرية عن مصادر المعرفة، دائماً ما يصل سلامة إلى الكتابة، باعتبارها العنصر الأول والوسيلة الأبرز في تلقي المعرفة، وتختلف الأسطح التي تحملها من زمان إلى آخر، من الحجر، إلى الرقاع والصحف المصنوعة من جلود الحيوان، إلى الكتاب الورقي كما نعرفه اليوم. كلها عناصر تتبادل أدوارها في أعمال سلامة التي تندرج تحت هذا المفهوم.
يوظف الفنان جلود حيوانات مغطاة باللون الذهبي ومعلقة على جدران القاعة. وكل قطعة تحمل إشارة ما لها علاقة بالمعرفة وأشكالها في الديانات والعقائد المختلفة، وتتراوح بين العلامات والكتابة بأشكالها في سياق يحمل احتفاءً بهذه الرموز، أو بروح المعرفة التي تتجلى من خلالها.
«في حضرة مولانا»، هو عنوان المعرض الثاني للفنان تامر شاهين الذي يستعين في صَوغ أعماله بكثير من الصيغ كالتوليف والحذف والإضافة، باحثاً في تلك العلاقة الروحية التي تجمع بين ضريح أحد المتصوفين ومريديه. وتلتقط الكاميرا حالات مختلفة من التأمل والتهجد والورع والانتشاء لأناس من مستويات تعليمية وثقافية متباينة. ويمزج الفنان تلك الصور بعناصر مختلفة قريبة الشبه بتلك الأجواء الصوفية: كتابات، قطع من أوراق مكتوبة، خليط من الصور والمشاهد والتأثيرات المصنوعة رقمياً.
تتجاور تلك العناصر لتؤكد الدهشة التي أحس بها شاهين وهو يستمع إلى واحدة من بين هؤلاء وهي تروي سبب وجودها، «في حضرة مولانا».
وكان للفوتوغرافيا حضورها كذلك في عمل الفنان بسام الزغبي «صولو» الذي يوظف فيه تقنيات الكاميرا لصنع حالة من الخلل أو الاهتزاز في تكوين الصورة بهدف توفير مساحة للتداخل بين الفراغ والعنصر المتمثل في جسد يتحرك أو يتراقص أمام عدسة الكاميرا.
في الصور تشتبك الخلفية القاتمة مع سحابات اللون المتحركة غالباً في دوائر، فتبدو كتجمعات من الدخان المتكاثف. والواقع أن «صولو» تجربة مميزة في الأداء الفوتوغرافي والإمكانات المتعددة للكاميرا.
أما المعرض الرابع فهو للفنان طارق راضي، بعنوان «صُدفَة»، ويجمع بين رسوم لعناصر عضوية وغير عضوية، وهو جزء من مشروع طويل المدى. ويقول راضي: «هذه التجربة تأتي نتاج البحث والرصد والتجريب المستمر خلال العامين الماضيين لمجموعة هائلة من الخبرات والمثيرات البصرية المكتسبة على مدار سنوات، في شكل يومي وفي بيئات متنوعة، كمحاولة لتوليد أقصى طاقات العنصر بصرياً ومفاهيمياً».
تحمل أعمال راضي رؤية بصرية قريبة من روح الرسوم السريعة، وهي أشبه بحالة من البحث المتواصل عن إمكانات الخامة والعناصر وتداعياتها البصرية في الفراغ.

(الحياة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى