ريكامو.. رواية في 20 نَوْبَة

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

تصدر، هذه الأيّام، عن دار زينب للنّشر، تونس، في 246 صفحة، رواية ريكامو لمؤلّفها يوسف رزوقة محلاّة بلوحة للرسّام الباناميّ أوزفالدو هيريرا غراهام.

 

هذه الرواية هي الرّابعة في مدوّنة المؤلّف السّرديّة، بعد “الأرخبيل” الصّادرة عن “الأخلاّء” – تونس و”مسمار تشيخوف الصّادرة عن عن دار مومنت بلندن، و”وداعا براءة العالم” الصادرة عن دار العين بمصر، فضلا عن رواية قيد الطبع في مصر بعنوان “أعشاش مغشوشة”.

 

وتنطوي الرواية على 20 نوبة هي بـمثابة فصول تـحكي عن إنسان الهنا والآن في ظلّ حراك مغشوش وعن قرفه من “مدينة بلا قلب” وعودته في نـهاية المطاف إلى مسقط رأسه “وادي العسل” وبين المدينة والرّيف، أحداث ومفارقات وتطلّعات.

 

على الغلاف الخلفيّ للكتاب، كلمة عن مؤلّف الرّواية بإمضاء الشّاعر عامر بوعزّة، جاء فيها على سبيل الإضاءة:

 

“… لعلّه يـمثّل ظاهرة فريدة في تونس الّتي يتّسم إنتاج كتّابـها ومثقّفيها بالنّدرة بدءا من أبـي القاسم الشّابـي ووصولا إلى محمود المسعدي. تـجربة الكتابة لدى يوسف رزوقة متنوّعة فقد جمع بين لغات شتّى ووظّف ذلك ليكون بـمحض مبادرته جسرا بين الثّقافة العربيّة في شـمال إفريقيا ونظيرتـها في أميركا اللاّتينية، وهو ينتقل جيئة وذهابا بين الشّعر والرّواية وإن كان لا يتفرّد بـهذا إذ درج كثير من الشّعراء على الانتقال في مراحل متقدّمة من تـجاربـهم إلى السّرد مستثمرين حوار الأجناس في أعمالهم لاكتشاف مناطق جديدة في التجريب الإبداعيّ.

 

… جـمع يوسف رزوقة منذ بداياته بين الشّعر والنّثر بإصداره روايته الأولـى “الأرخبيل” (1984) لكنّه لم يعد إلى الكتابة السرديّة بقوّة إلاّ بعد ثورة 14 يناير/كانون الثاني، لتصدر له، في هذا السّياق، رواية (مسمار تشيخوف) ورواية ضخمة بعنوان “وداعا براءة العالم”.

 

يعتبر الابتكار في اللّغة أحد أبرز مـميّزات تـجربة يوسف رزوقة الإبداعيّة شعرا ونثرا، فقد عرف في الوسط الثقافيّ الـمحليّ ومن ثـمّة العربـيّ والعالميّ بـمعجمه الخاصّ منذ أعماله الأولى كما عرف بريادته في تطويع مصطلحات العصر اليوميّة”..

 

من مناخات الرّواية:

 

تـخاريـم صابُونِيّة، مُنَمْنَمة ورهيفة. يـجذبه الرّيكامو ولا يدري لـماذا.. يرى فيه أثر “الآخر” ويـحسّ بالجانب المقموع فيه يزهر على نـحو استيهاميّ، كاسر…

 

تناهى إليه صوتـها الغجريّ من بعيد: ريكامو! ريكامو! صوت الغجريّة الّتي أسرته بـجمالـها وبابتسامة هي الأولى في ريف لا يبتسم.

 

تذكّرها فاشتعلت ناره.. أدنـى ياسة منه بضمّة من يـمناه.. وكانت ليلة بطعم الرّيكامو.

 

هي الرّيكامو في أروع تطريز.. قال شمّار.. تـحملنا، أنا وأنت، بصفاتـنا الوراثيّة يا ياسة.. ألم تلاحظي ذلك؟ ياااه.. كم أنا سعيد! زايلني ضيقي. كم كان قاتلي!

 

لا ينقصنا الآن يا ياسة إلاّ أن نُطرِّز بوجودها ما تبّقّى لنا من حياة خلناها سرابا وخلنا أنفسنا خرجنا منها بيد فارغة وبأخرى لا شيء فيها.. لا ينقص أسـماء الآن، وهي أميرة “وادي العسل”، إلاّ أن نُطرِّز حياتـها بثوب الفرح.. سنطرَّزه معا يا ياسة بالحرير وبرموشنا إن لزم الأمر.

 

الحياة ريكامو.. اُطْرُزْها غُرْزَة غُرْزَة تكُنْ لك، في فصل الشّتا، كنْزَة! لكنّني، يا ياسة، مع هَوَسي المرضيّ بالرّيكامو، كما تعلمين، ومن باب المفارقة، لم أكن طَرّاز زمانـي.. لم أُطَرِّزْ شيئا ذا معنى في حياتـي.. أسـماء جاءتني مُطرَّزة، على طبق من ذهب، في الوقت المستقطع وقد تـخرَّمَ كلّ تطريز لـي.

 

ما حدث قد حدث.. فرحتي بـمن هي، الآن وهنا، ريكامو حياتـي لا تعادلـها فرحة.. يااااه.. لكأنّني أسـمع صوت تلك الغجريّة الإسبانيّة يتردّد في أنـحاء ذاكرتـي: ريكامو! ريكامو! فإذا بـجسمي كلّه في حالــة نيرفانا.. يتطاير في الفضاء اللاّ متناهي شظايا من نور.

ميدل ايست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى