ريما فرنجية: التماهي مع الطبيعة وسحر الموسيقى

الجسرة الثقافية الالكترونية
*فاتن حموي
طالعنا صوت رئيسة «مهرجان إهدنيات الدولي» السيدة ريما فرنجية مليئاً بالحماسة لانطلاقة المهرجان الليلة حيث تجسّد فرقةThe Royal Moscow Ballet رائعة وليم شكسبير «روميو وجولييت» بمرافقة راقصين من أعرق مدرسة باليه في العالم «بولشوي»، ولدى سؤالها عن منسوب القلق من الفشل تقول في حديث لـ «السفير» إنّ الفشل في التحضير يؤدي إلى الفشل، نحضّر كلّ التفاصيل وأعتبر أن التحضيرات مميزة وفريق العمل مرتاح ومليء بالحماسة».
تصف فرنجية الإقبال على حفل الافتتاح الليلة بالمقبول؛ «اللبناني يتفاعل مع اللاتيني والفرنسي والإنكليزي في آن، وتجربتنا الأولى منذ عامين مع باليه «بحيرة البجع» شجعتنا على استقدام هذه الفرقة الروسية، ولا ننسى أنّ الباليه الروسي هو الأجمل والأرقى، وأقول عن الحضور ماشي الحال، أمّا بالنسبة إلى الحفلات الأخرى فهو ممتاز». وترى أنّ الاستمرارية هي ما تميّز مهرجانات إهدن، وتفضّل أن تقول إنها تجربة مميزة لها ولكل العاملين في تنظيم المهرجان والمشاركين من فنانين وجمهور، لأنّ الابتعاد عن العاصمة للارتماء في أحضان الطبيعة الاستثنائية في أجواء من الكرم والفرح والشغف والحماسة والعراقة في التاريخ، يجعلنا نقول إنّ هذا المهرجان أكثر من مجرد حفلات موسيقية غنائية، هو تكامل وتماه مع الطبيعة وسحر حقيقي مع الموسيقى».
لا تخشى فرنجية على سير المهرجان، «اتكالنا على الله وعلى دقتنا في التحضير، ومن حق اللبناني أن يفرح وأن يواجه بقوة كل الظروف المحيطة بنا في العالم العربي من هدم للآثارات والحضارات. من هنا أرى أن حماستنا مضاعفة هذا العام، ولا يمكن أن أنسى شعوري بالقهر والقرف من مشهد النفايات في لبنان، وكل إنسان يشعر اليوم بنعمة امتلاكه غرفة في أحد جبال لبنان ليبتعد عن التلوث الفكري والبيئي والنفسي الذي يهدّد أعصابه في هذه الفترة، وآمل أن نجد حلاً قريباً لهذه المشكلة، ونحن في إهدن لا نعاني من هذه المشكلة».
أمّا عن كيفية اختيار الفنانين لا سيما أنّ بعض المشاركين يعتبرون اليوم بعيدين عن الساحة الفنية أمثال غلوريا غاينر في حفلها المقرّر في الحادي والثلاثين من الشهر الجاري، فتضيف أنّ اختيار غاينر بالتحديد يعود إلى المستشار الفني الأول للمهرجان الوزير سليمان فرنجية الشغوف بأغنية I love you baby بالتحديد وغيرها من الأغنيات، «هو يختار كل عام فناناً محبباً لقلبه، فهو الذي اختار ديميس روسوس وخوليو إيغليسياس، وما هذه الخيارات إلا حنين لاستعادة هذه الأصوات. نحن تربّينا على الأغاني الفرنسية ويوجد نوستالجيا كبيرة للعصر الذهبي لهذه الأغنيات، لذا وقع الاختيار على كلود بارزوتي وجاين مانسن (في السابع من آب) اللذين سبق لهما أن زارا لبنان، ومنسوب التفاعل الذي يعتمدانه على المسرح لا يمكن وصفه. ناهيكم عن أنّ فرنسا تعاني من العولمة والأغنية الإنكليزية تطغى على ذائقة الشباب، وهناك نوستالجيا كبيرة لهذه الأغنيات ولهذا التفاعل. كما أنّ لجنة المهرجانات المؤلفة من عشرة أشخاص تحرص في خياراتها على التنوّع مراعية البعد اللبناني والعربي والفرانكوفوني والإنكليزي معاً، من هنا كان أيضاً اختيار أنريكي ايغليسياس في العشرين من آب لجذب عنصر الشباب، وبالنسبة إلى مشاركة القيصر كاظم الساهر في 21 و22 آب، فهي ذات نكهة خاصة ومميزة ونعتبره عراقياً ولبنانياً في آن وأثبتت التجربة روعة مشاركته».
تعتبر فرنجية أنّ المنافسة بين المهرجانات إيجابية، «أنا على تواصل دائم مع معظم رؤساء المهرجانات، ولكل مهرجان جمهوره وأجد أن كل المهرجانات في تطوّر دائم، ما يجعل المنافسة جميلة وراقية. «كانت إهدن عامرة بالمهرجانات الفنية في ستينيات القرن الماضي، وكانت المهرجانات ذات طابع قروي، ثم توقفت بسبب الحرب اللبنانية، واستمرت الحفلات المنفردة في المطاعم التي تستوعب الآلاف، وبعد أن صرت فرداً من أهل إهدن وربطتني بها علاقة عشق، حملتني حماستي لأفكّر بأي إضافة لهذه المنطقة، فاستمزجنا الآراء لإطلاق هذه المهرجانات. باختصار كنت في الوقت المناسب والمكان المناسب ومع الأشخاص المناسبين لإطلاق المهرجانات»، بهذه الكلمات ترد فرنجية لدى سؤالها عن بلورة انطلاقة المهرجانات.
امّا عن العام المقبل فتقول فرنجية: «التحضيرات لمهرجان هذا العام بدأت منذ الصيف الماضي، وكذلك الأمر بالنسبة إلى العام المقبل، بدأنا أمس بالحديث عن الأسماء وإجراء الاتصالات على كل الأصعدة، هو مسار طويل يستمر عاماً كاملاً في محاولة لتقديم الأفضل، أمّا التنظيمات الدقيقة الأخيرة فتكون في الشهر الأخير».
تعتبر فرنجية أنّ لإهدن حالة استثنائية بالنسبة إلى إحياء الحفلات، «المطاعم الإهدنية تستقبل كل الفنانين اللبنانيين، ونعتبر أنّ مهرجاننا هو قيمة مضافة لإهدن، لذلك كانت الخيارات بعيدة إلى حد ما عن الفنانين اللبنانيين الذين هم جزء أساس من نسيج حفلات إهدن ولسنا في معرض منافسة أنفسنا»، ويتضمّن المهرجان حفلاً للمبدع زياد الرحباني تحت عنوان «العلّ»، «سينتقد كل «العلّ» الموجود في لبنان، ولنا ملء الثقة في الإبداع معه في الحفل المقرّر في الثلاثين من تموز الحالي»، تنفي فرنجية معرفتها بفحوى الحفل، «قال لنا زياد ضعوا ثقتكم بي ولنقدّم سوياً سهرة من العمر، وهناك شوق كبير لوجود المبدع زياد الرحباني في إهدن ضمن كادر طبيعي استثنائي يفتح آفاق الطاقات الإبداعية، ونعرف من خلال الأرقام أن الحفل استثنائي، إذ يشارك زياد على المسرح أكثر من ستين شخصاً، وطلبنا منه أن يكون العنصر اللبناني والعربي طاغياً على العنصر الغربي، وأعود وأكرّر أنّ لنا ملء الثقة بذوقه وإبداعه».
ويحتفل مهرجان هذا العام «بسبعينية» تأسيس «منظمة الأونيسكو» وعيد الجيش اللبناني في الأول من آب، عبر سهرة مجانية منوّعة بمشاركة «كورال الفيحاء» والفنانة جاهدة وهبة. وقد آثرت فرنجية أن يمتلك المهرجان بعده الإنساني منذ دورته الأولى، ولم تواجه أي مشاكل على صعيد التمويل، «هناك شركات خاصة ومصارف عدّة آمنت وما زالت تؤمن بالمهرجان على صعيد المصداقية والشفافية، وشركاؤنا الممولون فرحون بالبعد الإنساني لهذا المهرجان الذي يعود ريعه هذا العام إلى جمعية kids first التي تعنى بالأطفال المصابين بأمراض سرطانية وبأمراض الدم، كما إلى مركز الشمال للتوحّد NAC
المصدر: الحياة