زرابي القيروان تنافس

الجسرة الثقافية الالكترونية – وكالات -تبقى مدينة القيروان عاصمة الإسلام الأولى في المغرب الإسلامي وغرب إفريقيا، فمنها انطلقت الفتوحات نحو الغرب والأندلس وصقلية،
والقوافل نحو الصحراء الكبرى وما وراءها، ومنها انبعثت نهضة فقهية وعلمية وأدبية وثقافية غمرت بأنوارها بلاد المسلمين، وتعرف القيروان بأنها رابعة الثلاث بعد مكة المكرّمة والمدينة المنوّرة والقدس الشريف، حيث انها أول مدينة إسلامية تم تأسيسها بعد البعثة المحمدية.
وكانت القيروان أولى المراكز العلمية في المغرب العربي وقد قصدها أبناء المغرب وغيرها من البلاد المجاورة. وكان جامع عقبة ومعه بقية المساجد، تستضيف حلقات للتدريس وأنشئت مدارس جامعة أطلقوا عليها دور الحكمة. واستقدم لها العلماء والفقهاء ورجال الدعوة من الشرق، فكانت تلك المدارس وما اقترن به إنشاؤها من انصراف القائمين عليها للدرس والبحث عاملاً في رفع شأن لغة العرب وثقافتهم. وكان لها دور كبير في نشر وتعليم الدين وعلومه بحكم ما علق عليها من آمال في هداية الناس.
وفي عهد الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز، أراد تثقيف أهل المغرب وتعليمهم أمر دينهم فجعل من المدينة مركزاً للبعثة العلمية المكونة من عشرة أشخاص من التابعين، فأرسلهم إلى إفريقيا، حيث انقطعوا إلى تعليم السكان أمور الدين، ومات غالب أفرادها في المدينة نفسها. وهكذا أصبحت مركزاً للعلم في المغرب الإسلامي وباتت مفخرة للجميع.
زرابي القيروان
تعرف القيروان بصناعة “الزرابي” السجّاد، وتعتبر الكاملة أول زربية قيروانية تنسج في تاريخ المدينة، واسمها يعود إلى صانعتها الكاملة بنت محمد الشاوش التي شرعت في نسجها سنة 1828 لتنتهي منها سنة 1830، وأهدتها لمرقد الصحابي أبي زمعة البلوي، وما يميز الزربية أشكالها وزخرفتها المستوحاة من التراث الإسلامي والمخيال الشعبي على غرار جناح الخطاف وعود المشموم والفانوس وخمسة للا فاطمة.
وتعتمد الزرابي بالأساس على الأشكال الهندسية المختلفة، وقد تطورت القيروانية منها، بنقلها الرموز البربرية الأمازيغية، مع تميزها في المزج بين التشكيلات الفنية وروح الزخرفة، لتبرز أصنافا جديدة من السجّاد التونسي بعد تطوير الأنوال البدائية ومعالجة المكونات وتحسين جودة الصوف وتطويعها، ووضع مقاييس تقنية للإنتاج، حتى تم الترفيع في عدد العقد من 40 ألف عقدة في المتر المربع، إلى حوالي مليون عقدة للزرابي الحريرية، ما يجعلها منافسة للفارسية مع اعتمادها خصوصيات المكان والبيئة الثقافية المحلية.
الحصن واستراحة القافلة
تقع القيروان وسط تونس على بعد 156 كم ، وترتفع عن سطح البحر بنحو 60 متراً. واسمها فارسي الأصل ويعني مكان السلاح ومحط الجيش أو استراحة القافلة وموضع اجتماع الناس في الحرب. وتعود بدايتها مع إنشائها عام 670 ميلادية، على يد عقبة بن نافع الفهري، بهدف تأسيس مدينة بعيدة عن البحر يستقر فيها المسلمون، وتكون قوة قمع أي محاولة لرجوع أهل البلاد الأصليين عن الإسلام بعد أن اعتنقوه.