ستيفان زفايغ راهنٌ بعد 72 سنة على رحيله

الجسرة الالكترونية الثقافية-السفير-
بعد 72 عاما على غيابه منتحرا (مع زوجـته «لوتي»، في شباط 1942)، لا يزال الكاتب النمساوي ستيفان زفايغ يشكل ظاهرة حقيقيـة في عاـلم الأدب، وبخاصة في عالم النشر، حيث لا تتوقف الدور العديدة في العالم عن إعادة طبع كتبـه التي لا تزال تبـاع منهـا مـئات الآلاف من النسخ. إذ تقول صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية إن العام 2013 شـهد فـقط 160 طبعة مختلفة لكتبه المتنوعة التي عرضت في مختلف مكتبات العالم.
من هنا، لا يزال زفايغ في المكـتبات يشـكل استثـناء لأنه واحد من كتّاب قليلين عرف نجـاحا ساحقا وهو بعد على قيد الحياة، كما أن «النجاح» لا يزال يلاحق كتبه بعد رحيلـه احتجاجـا (انتحـارا) لما آلـت إليه أوروبا في زمن النازية. هذا النجاح الذي لم يعرفه العديد من كبار الكتّاب وكأنه لم يمر في «مطهر» التاريخ بمعنى أن حضوره لا يزال «أبديا»، (على الأقل لغاية الآن).
حضور تؤكده الأرقام، وفق ما ذكرت الصحيفة الفرنسية نقلا عن «مؤسسة دراسات السوق» التي تعتمد فقط على أرقام الكتب المبيعة في المكتـبات فقط. فصاحـب «لاعـب الشطرنج» وصـل في السـنوات العشر الماضية إلى 3,2 مليون نسخة، أي أن كتبه بيعت بمعدل 320 الف نسخة كل عام. من هنا، وبعد هذه العقود على رحيله لا يزال زفـايغ يشـكل «فرحـا» حقيـقيا لأصحاب دور النشر وبخاصة لسلسلة «كتاب الجيب» التي أصدرت غالبية أعماله، قبل أن تصبح أعماله ملكا «للحق العام» (بدءا من سنة 2012) أي تستطيع أي دار نشر الكتب وترجمتها من دون أي حقوق.
النجاح لم يصب فقط الأعمال المنشورة سابقا، بل أيضا أصاب الأعمال غير المنشـورة. ففـي عام 2009 احتل الكاتب المركز الثاني في قائمة أكثر الكتب مبيعا عند منشورات «غراسيه» التي أصدرت له مخطوط «الرحلة في الماضي»، وهو مخطوط لم ينشر من قبل وجدته فاليري بوالير التي كانت تعـد أطروحـة دكتوراه عن الكاتب. ونظرا إلى هذا النجاح عادت الدار الفرنسية عينها لتنشر لزفايغ كـتابا مجهولا بالفرنسية بعنوان «ريبة شرعية» ليحظى أيضا بالنجاح الكبير.
ونظرا إلى ذلك، أعادت «منشورات ستوك» في العام عينه، نشر كتابه «رسالة إلى امرأة مجهولة» ليكون الكتاب ثاني أفضل الكتب مبيعا في فرنسا. وللمفارقة يذكر أن «ستوك» كانت نشرت هذا الكتاب عام 1927 وعرف يومه نجاحا منقطع النظير.
يرى سيبستيان روو المسؤول عن فرع الكتب في «مؤسسة دراسات السوق» (وفق «لوفيـغارو») أن عامي 2009 و2010 كانا العامين اللذين شهـدا أعلى نسبة في المبيع من كتب زفايغ (480 ألف نسخة) وذلـك بفضل ترجمة «رحلة إلى الماضي». أما عام 2103 فقد شهـد 160 طبـعة مختلـفة لأعمـاله التي لا تـزال تشـهد إقبالا لغاية اليوم. من هنا أعادت منشورات «كتاب الجيب»، العـام الماضـي، إصـدار أعمـاله في طبعة أنيقة وجـديدة تضم 37 عنوانا مخـتلفا، تبـوأ فيها الصدارة كتاب «لاعب الشطرنج» (مليون نسخة لغاية اليوم) و«24 ساعة من حياة امرأة» (600 ألف نسخة).
هل لذلك كله قررت «غاليمار» العام الماضي نشر أعماله في سلسلة «لابلياد»؟ مهما يكن من أمر، فلا بدّ من أن نعترف بأن ستيفان زفايغ لا يزال كاتبا راهنا وأن الكثير من المتع تصاحبنا حين قراءته.