سيدة هذا البيت

الجسرة الثقافية الالكترونية-العربي الجديد-

 

*عبد الإله الصالحي

 

علاقة خاصة ووطيدة ربطت محمد شكري بخادمته فتحية الخياطي لمدة 23 عاماً كانت هذه المرأة فيها حاضرة بقوة في حياته اليومية. وبحكم هذا الحضور، كانت تعرف تقريباً كل شيء عن شكري وحياته الخاصة، وبالتالي كانت تراه في كل حالاته، هو الرجل المتقلّب الطباع والمزاج. وضع شكري ثقته الكاملة في فتحية وأمّنها أسراره منذ أن سلّمها مفاتيح المنزل، وقال لها “من الآن فصاعداً أنت سيدة هذا البيت”. تحكي فتحية بأن شكري عاد ذات يوم إلى البيت وأعلن لها أنه سيستغني مُكرهاً عن خدماتها لأنه لن يعود بمقدوره دفع مرتّبها بعد أن توقف عمله في الإذاعة. لكنها أصرّت على مواصلة عملها إلى أن تنقشع محنته المالية. من هنا نفهم إصرار محمد شكري في “وصيته” على أن تتكفل المؤسسة التي ستحمل اسمه لاحقاً بدفع راتب شهري متواضع لها مدى الحياة، وهو الأمر الذي لم يحصل باعتبار أن هذه المؤسسة لم تر النور إلا حديثاً، وأن رئيسها عبد اللطيف بن يحيى استهزأ بها واتهمها علناً بـ”الإساءة إلى شخصية الراحل”. في السنوات الأخيرة، أدلت فتحية بحوارات صحافية مطوّلة أضاءت فيها جوانب مُهمَلة من سيرة محمد شكري وعلاقاته مع زواره من الأصدقاء والكتاب المغاربة والأجانب. ولحسن الحظ أنها أدلت بهذه الشهادات الغنية التي لا شك بأنها ستكون مادة دسمة لكتابة سيرة هذا المبدع المغربي العملاق. رحم الله رجلاً عرف قدر خادمته!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى