سيدي العربي الشرقاوي يرقص التانغو في مونتريال

الجسرة الثقافية الالكترونية
المصدر: الحياة
تستقبل مسارح مونتريال للمرة الأولى الكوريغراف المغربي سيدي العربي الشرقاوي في سلسلة عروض من أحدث تصاميمه الراقصة «ميلونغا (Milonga) الفلمنكية الأرجنتينية، وتستمر حتى أواخر الشهر الجاري في عدد من المدن الكيبيكية. وأمضى الشرقاوي نحو ستة أشهر في بوينس آيرس لفهم هذه الرقصة، ومعرفة جذورها والتمكن منها وفهم أسرارها.
ولد الفنان الملقب بـ»الطنجاوي»، في مدينة انتويرب (أنفيرس) البلجيكية عام 1967 لأم بلجيكية وأب مغربي. تعلم في إحدى المدارس القرآنية في المغرب، ثم دخل مدرسة للرقص في بلجيكا، ليبدأ حياته الفنية عام 1999. وفي رصيده اليوم اكثر من 30 عرضاً وجوائز عالمية ولقب من اليونيسكو هو «فنان شاب من أجل الحوار بين ثقافات العالم العربي والغربي»، اضافة الى تصميمه رقصات لأفلام مستوحاة من الادب العالمي، منها فيلم «آنا كارينينا».
يتمتع الشرقاوي على المسرح بكاريزما جذابة تستحوذ على مشاعرالمشاهدين. ويمتاز وراقصوه بأجساد رشيقة وحركات بهلوانية سريعة تحبس الأنفاس. ويبدو الجميع أحياناً فرادى وجماعات، أشبه بدمى تتحرك، وأحياناً أخرى كأجسام تطير كأنها بلا وزن أو مصنوعة من مطاط لشدة انسيابها وليونتها ومرونتها الفائقة. وتنتهي عروضهم بموزاييك من الرقصات المشبعة بالروح والجمال والأناقة والتفاؤل.
«ميلونغا» نسيج من ثقافات موسيقية متنوعة شرقية وغربية ودينية وصوفية وكلاسيكية. رقصات تفرد مساحة واسعة لحركة الجسد وإيحاءاته التعبيرية وتفاعله مع الجمهور. وتتميز بالتجدد والغنى والابداع والتنوع فنياً واجتماعياً وثقافياً حتى انها لا تخلو من أبعاد سياسية. فهي تتحدث بلغة كونية وتزيل الحدود بين عوالم الرقص والموسيقى والمسرح، وتمزج فنون الشرق بالغرب وتترجم الثقافات والاشياء الى لغة معاصرة. أما مسرح الشرقاوي فهو معرض كوزموبوليتي بامتياز لاحتضانه شذرات من تراث حضاري انساني وربطه الرقص بالحياة وجعله لغة ورسالة وفناً خالداً لا يحده زمان أو مكان.
مع رقصة «ميلونغا» يحرّر الشرقاوي التانغو ويعيد العاطفة الى رقصة الشوارع الشعبية في عاصمة الأرجنتين بوينس ايرس، ويحمل جمهوره اليها بصحبة عشرة من أسياد الرقص الفلمنكي الارجنتيني مع ثنائي من الرقص المعاصر وأوركسترا موسيقية من خمسة عازفين. يمتلئ مسرح «دانس دانس» بتشكيلات راقصة ثنائية، ظهراً لظهر، رجل مع راقصتين، خمسة أزواج بواحد، ثلاثة رجال معاً. والجميع في حالة دوران وتنافس، وكأنهم في مباراة للتفوق في الاداء والبراعة والاثارة، أو على شكل «مجرة» من أجساد تؤدي رقصاً كونياً.
ومن أدبيات التانغو ان يدعو الراقص شخصاً آخر لا يعرفه. فيتواصلان بلغة الجسد، وتنشأ بينهما علاقة فنية تكتمل صورتها بلوحة تشكيلية، ثنائيات وجماعات، تنضم اليها رقصات الحوامل التي تنقل المشاهدين الى عالم الخصب والحياة على شكل أبراج بشرية يسودها الوئام والحب والتناغم.
أما ما يجذب المشاهد في مسرح «ميلونغا»، فهو تحاور الراقصين بلغة الجسد من دون ان ينبس احدهم ببنت شفة أو أن ينظر أحدهم الى الآخر، وتشابكهم على شكل أبراج بشرية يسودها الحب والتناغم والوئام، وتتويج المشهد النهائي برؤية الشرقاوي المعاصرة المفعمة بالمشاعر الانسانية الراقية.