سيرة جابي برامكي وجامعة بير زيت

الجسرة الثقافية الالكترونية
المصدر: الحياة
يحكي كتاب «سيرة جابي برامكي وتجربته في جامعة بير زيت 1929- 2012» الصادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية – بيروت 2015 سيرة مقدسي ساهم في مسيرة البناء الوطني على أرفع مستوياته من خلال دوره المحوري في إنشاء جامعة بير زيت كمؤسسة تعليم عال وطنية أولى تحت الاحتلال. أما مؤلف الكتاب، عبد الرحيم الشيخ، فهو أستاذ الفلسفة والدراسات الثقافية والعربية في جامعة بير زيت. يحتوي الكتاب على مقدمة وخمسة فصول وخلاصة، إضافة إلى ستة ملاحق وعدد كبير من الصور.
رأت إسرائيل في جامعة بير زيت «خطراً أمنياً» عليها، ليس لأن ثمة «بنادق فوق الرفوف بدلاً من الكتب»، بل «لأنها، كمؤسسة أكاديمية وفضاء لاختبار الأفكار، صارت مكاناً يخرّج كثيرين من القادة الفلسطينيين على المستويين المحلي والعالمي»، مبيّنة للعالم أن الفلسطينيين شعب متحضر وحيوي وذو ثقافة عالية له هوية وطنية متميزة. ولدى الفلسطينيين، كسائر البشر، طموحاتهم وأحلامهم وأمانيهم ومخاوفهم».
وعلى رغم الحملة القمعية المسعورة التي استهدفت الجامعة فقد نجحت في التحول إلى حاضنة للعمل الوطني والمجتمعي؛ فكان طلابها يأتون من المناطق الفلسطينية كافة، من الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة وحتى من مناطق 1948، وكانوا ملزمين بتأدية واجبهم في العمل التعاوني مدة 120 ساعة، يساعدون الفلاحين في موسم قطاف الزيتون، ويشاركون في التصدي لحملات مصادرة الأراضي. أما أكثر المواد التي كانوا يدرسونها تميّزاً، فكانت مواد الدراسات الثقافية التي تتمحور حول تاريخ الفكر الإنساني، والفكر العربي الحديث والمعاصر، والقضية الفلسطينية.
بيد أن جامعة بير زيت تميّزت، عن غيرها من الجامعات الفلسطينية، بجسمها الطالبي الآتي من مختلف أنحاء فلسطين التاريخية «ليصقل شخصية وطنية لافتة صكّتها المعاناة اليومية التي كان النشاط الجامعي، الأكاديمي والمجتمعي، واحداً من أعمدتها».
في 3 أيار (مايو) 1979، قرّرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إغلاق جامعة بير زيت بعد وقوع صدامات بين طلابها وبين المستوطنين الذين كانوا يحتفلون، بطريقة استفزازية وبحماية القوات الإسرائيلية، بـ «عيد الاستقلال» في بلدة بير زيت. وإثر ذلك الإغلاق الذي استمر شهرين كاملين، وضعت جامعة بير زيت خطة طوارئ للعمل من خارج الحرم الجامعي، وذلك من طريق تنظيم أماكن التدريس والإدارة في المناطق المجاورة. وقد أسفرت الصدامات المتكررة التي صارت تقع بين طلاب الجامعة وقوات الاحتلال عن سقوط شهداء.
عدد الشهداء بلغ في الفترة 1976-2009 ما مجموعه 199 طالباً، هذا إضافة إلى عدد كبير من الجرحى والمبعدين. وقد برزت في الجامعة مجموعة من قيادات العمل الوطني والعسكري الفلسطيني، مثل مروان البرغوثي وبسام الصالحي والشهيد يحيى عياش وغيرهم. وانخرط طلاب الجامعة في السنوات الأخيرة في الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، التي انطلقت في عام 2004، والتي وجد جابي برامكي فيها «ضالته كحاضنة للمقاومة السلمية التي لم يكف عنها لحظة على امتداد مسيرته في جامعة بير زيت بصورة خاصة، وفي قطاع التعليم والعمل الوطني الفلسطيني بصورة عامة».
في هذا الكتاب سيرة مناضل أكاديمي فلسطيني آمن بالتعليم طريقاً وسلاحاً لتحرير شعبه.