شارل شلالا: إخراج على النوتة

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

 

فاتن حموي

 

 

بدأ شارل شلالا العزف على البيانو في الثامنة من عمره، ومنذ ذاك الوقت، بدأت رحلته مع الموسيقى، من عازف يرافق جوقة للأطفال، إلى دراسة الموسيقى في مدرسة القديس يوسف (عينطورة)، وإصدار ألبوم موسيقي روحي في العام 1986 لإذاعة «صوت المحبة». كانت محطته التالية في فرنسا العام 1989. الهرب من الحرب كان سبب السفر. تابع دراساته العليا في الموسيقى، وخضع لدورات في الإخراج، ليعود بعد ذلك إلى لبنان، حيث عمل أستاذاً للموسيقى في عدد من المدارس والجامعات. استمر نشاطه الموسيقي، خصوصاً في التسعينيات، وبدأ مسيرته في مجال الموسيقى التصويرية مع برنامج «طق رير» لشربل خليل على شاشة «تلفزيون لبنان»، تلته برامج وإعلانات ومسرحيات ومهرجانات.

يقول المؤلف الموسيقي والمخرج إنّ بدايته الحقيقية في عالم الإخراج، كانت لدى خضوعه لدورات تدريبية مع فريق فرنسي زار لبنان بدعوة مع السفارة الفرنسية. يقول: «حزتُ المرتبة الأولى في تلك الدورات، وقدمت عدداً من المشاريع التي أعتبرها المدماك الأساس في مفهومي للإخراج، على أيدي أساتذة أكفاء». كان منغمساً في عالم الموسيقى تأليفاً وتعليماً، لكنّ مآخذه على بعض إنتاجات الدراما اللبنانيّة، دفعته لافتتاح شركة إنتاج مع صديقه روك شلالا. «لا إخراج من دون إيقاع موسيقي، يقول صديقي الممثل يوسف الخال. أقوم بالإخراج من خلال موسيقاي، وأؤلف الموسيقى برأس مخرج. علينا أن نعرف ما الذي تحبه الناس وكيف يجب أن تقال الأمور، والإخراج عبارة عن سيمفونية، كأنّ كل ممثل يعزف على آلته بتناغم. من المهم جداً أن يكون لدى المخرج حس موسيقي لأنّه يساعده في عمله ككل، ولأنّه أساسي في العيش والكلام، ويدفع بالناس إلى تصديق ما يرونه من خلال الشاشة».

ألّف شلالا الموسيقى للمسرح مع فادي تابت وجورج خبّاز، إلى جانب تأليف الموسيقى التصويريّة لعدد من البرامج والمسلسلات منها «عبدو وعبدو» و «بسمات وطن» على شاشة «المؤسسة اللبنانيّة للإرسال». اقترح على إدارة المحطّة إخراج مسلسل، فكان ردّها أن يذهب ويُنجز عمله، وإن أعجبها تعرضه. «لم تكن هناك ثقة بي كمخرج، لكنَّني كنت مصرَّاً على تقديم عمل في مجال الدراما، فكان «القناع» من كتابة جبران ضاهر وإخراجي وإنتاج شركتي Chelae. صوّرتُ المسلسل بين لبنان وإفريقيا، وعملاً بمبدأ أن أكون المنتج والمخرج في آن. المنتج البخيل يبتغي الإخراج الضعيف ليكسب المال، والمنتج المقامر يقدّم إخراجاً جميلاً ولكنه لن يربح، هذا ما قاله لي أحد أساتذتي الفرنسيين. أتذكر كلماته يومياً، وأعمل وفقاً لتلك القاعدة».

عُرض «القناع» العام 2011 على «أل بي سي آي»، من بطولة جورج خبّاز، وكارمن لبّس، وجورج شلهوب، لكنّ النقلة النوعيّة في مسيرة شلالا كانت العام 2013 مع مسلسل «وأشرقت الشمس» عن نصّ لمنى طايع، من إنتاج ميلاد أبي رعد. «تضافرت جهود ثلاث شركات إنتاج ليرى العمل النور. كان الرهان كبيراً، ونجح العمل لأنّ عناصره كافة مكتملة. حين نعمل بإخلاص تكون النتيجة ممتازة، نعطي كلّ مشهد حقّه وبسخاء. لا ننسى أنّ العمل كلّف 5 ملايين دولار».

يضيف شلالا أنّه يجب رفع القبّعة للمخرج والمنتج اللبناني، لأنّه يعمل ضمن ظروف ضاغطة إنتاجياً. «هناك مخرجون يصوّرون ثلاثة مشاهد يومياً، ونحن في لبنان نصوّر 20 صفحة في اليوم. هناك صعوبات عدّة تواجهنا مقارنة مع غيرنا من الدول العربية، فلبنان لا يتحمّل صناعة دراما ضخمة، بحسب السوق والعروض. ولم يكن باستطاعتي أن أخرق السوق العربية إلا بإنتاج ضخم وبمشاركة مدير تصوير كان دوماً إلى جانبي وهو كمال بو نصار». يقول إنّه لا يفكّر بتقديم أكثر من عمل أو عملين سنويّاً. «أشاهد كلّ حلقة 10 مرات قبل تسليمها إلى التلفزيون، لا أدّعي أنَّني لا أفشل، إذ يمكن أن أفشل أو أن أنجح، لكن المؤكّد أنّني أسعى دوماً إلى الكمال في العمل، وفي السير نحو الخط الصحيح في صناعة الدراما».

حالياً، يضع شلالا اللمسات الأخيرة على مسلسل «سوا» مع بطلَي «وأشرقت الشمس» إيميه الصيّاح ويوسف الخال. «طلبت من الكاتبة رينيه فرنكوديس أن تكتب الحب الممنوع بين يوسف وإيميه، واخترت التصوير بين بولندا ولبنان، لإظهار ضخامة الإنتاج. سافر فريق العمل المؤلّف من 20 شخصاً من ممثلين وتقنيين ومساعدين إلى بولندا، وصوّرنا في أهم ساحات وارسو، وفي أهم المعالم السياحية، وسيرى الناس كاميراي في قلب الساحات البولندية، وهذا مكلف للغاية، ولكنّه ضروري وأساسي إلى جانب القصة وأداء الممثلين. وفي لبنان صوّرنا في كلّ المناطق اللبنانية من الشمال إلى الجنوب، وفي جبل لبنان وبيروت، واستخدمت تقنية الكاميرا الطائرة في أكثر من مكان».

أنهى شلالا العمل على عشر حلقات من المسلسل. «هناك أربع خلايا للموسيقى والصوت والإضاءة وباقي التفاصيل بالنسبة إلى عملية المونتاج، وقد يكون المسلسل من 30 إلى 35 حلقة»، مضيفاً أنّ التفاوض جارٍ مع أكثر من شاشة محلية وعربية لعرض العمل، مؤكداً أنّ «سوا» سيُعرض بالتوازي عبر شاشة محلية وأخرى عربية.

وعلى صعيد آخر، انتهى شلالا من العمل على فيلم تلفزيوني عن حياة الراهبة الفلسطينيّة ماري ألفونسين (1843 ـ 1927) التي أعلنها الفاتيكان قديسة في أيّار الماضي. «أنجز هذا الفيلم التلفزيوني بلغة سينمائية ناعمة، وعلى مستوى عالٍ، ومن المقرّر أن يُعرَض عبر الشاشات في تشرين الأول المقبل».

المصدر: السفير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى