شوقي عبد الأمير: العالم العربي يعيش حالات التصحر الثقافي وستظهر خطورتها في الأجيال القادمة

الجسرة الثقافية الالكترونية

ماجد الندابي –
استضاف صالون أثير الثقافي مساء أمس الشاعر والإعلامي شوقي عبدالأمير خبير منظمة اليونيسكو الذي ألقى محاضرته عن «دور الإعلام في عمليّة نقل المعرفة» وذلك تحت رعاية سعادة د.إبراهيم بن أحمد الكندي الرئيس التنفيذي لمؤسسة عمان للصحافة والنشر والإعلان وذلك بقاعة المؤسسة.
بدأ شوقي محاضرته بمجموعة من المصطلحات، منها «الإعلام»، و«المعرفة»، مبينا أن الإعلام يتشكل من محورين أساسيين وهما الوسائل الإعلامية والخطاب الإعلامي، كما أنه اختار لفظة المعرفة بدلا من الثقافة لان الثقافة مفهومها واسع، ولكن هو يريد هنا أن يتحدث عن المعرفة التي تتمثل في الإنتاج الإبداعي والفكري، وبين عبدالأمير أن الإعلام له وسائل في نقل المعرفة، مركزا على وسيلتين وهما الصحافة اليومية، والشاشة الصغيرة وهي «التلفاز».
وأوضح شوقي بأن الصحافة اليومية تقرأ بكثافة ومشيرا إلى ان قراءة الكتب في تناقص مستمر، ولكن لسد هذا التباين وايجاد حل لهذه المشكلة قام روائي من البيرو اسمه ‏مانويل سكورزا بفكرة استطاع من خلالها نقل المعرفة من خلال الصحافة، وحقق بذلك نجاحات مبهرة، فقد اتفق مع رئيس تحرير صحيفة بأن يقوم بتوزيع روايته بشكل مجاني مع الصحيفة، وبالفعل تم توزيع 120 ألف نسخة من روايته، مما أحدث ضجة كبيرة وردود أفعال متباينة، ولكن هذا الكاتب مات شابا في حادث طائرة، ولكن فكرته لم تمت بموته فقد جاء بعده بسنتين واتفق مع اليونسكو لنشر هذا المشروع ليشمل جميع دول أمريكا اللاتينية التي طبعت فيها 6 ملايين نسخة في وقت واحد، وحققت نجاحات كبيرة.
وهذا الكاتب لحبه للثقافة العربية طلب أن ينتقل هذا المشروع إلى العربية، ولذلك بدأت التجربة العربية بعد التجربة الإسبانية، ولكنها كانت أكثر ثراء عن التجربة الإسبانية فقد تم إصدار 160 كتابا في جريدة، ومن خلال هذه التجربة، ولدت مشاريع «كتاب في مجلة» في العالم العربي، لكن هذه الفكرة تمثل انحرافا كاملا عن فكرة هذا المشروع، وذلك لأن مشروع كتاب في جريدة جاء ليحل مشكلة تناقص القراءة للكتب مقابل القراءة الكبيرة للصحافة، فأسباب عدم شراء الكتب تمثل في سعر الكتاب، ونوعه، وطريقة اختياره، وجاء كتاب في جريدة، ليحل هذه العوائق، فالكتاب مجاني، ونوعه عام، والكتاب ليس في شكل كتاب وانما يقترب من الصحف الصغيرة المصورة ،وقد انتشرت هذه الفكرة في الدول العربية، كمثل مهرجان القراءة في مصر.
ونشأت تجربة أخرى وهي التجربة الفرنسية التي حاولت التحديث في هذه الفكرة، فقامت بطباعة كتب موسوعات، أو كتب المجلدات التي تطبعها بطبعات جميلة وخفيفة، ولكن الجزء الأول من تلك الكتب يكون مجانيا، والجزء الثاني يكون سعره أرخص من سعر بيعه في المكتبات، وقد أخذت جريدة الليموند الفرنسية هذه الفكرة، وكلفت عددا من الكتَّاب بإنشاء موسوعة الحب والجمال عبر العالم، وقد انجزت 24 مجلدا ووزعت بالطريقة نفسها.
كما استعرض عبدالأمير معلومات موثقة وتقارير التنمية الثقافية، دلل فيها على حالات التخلف الثقافي والقرائي في العالم العربي، مؤكدا على حالات التصحر الثقافي التي يعيشها العالم العربي، والتي ستظهر خطورتها في الأجيال القادمة.
ومن ثم عرج على القنوات التلفزيونية في العالم العربي مشيرا أن مجمل ما تقدمه هذه القنوات من مواد ثقافية لا يتجاوز 4 % ، ولم تستطع الدول العربية من اصدار هذه القناة الثقافية الموحدة، على الرغم من توفر كل الإمكانيات. جدير بالذكر ان شوقي عبدالأمير من الأسماء العربية البارزة في المشهد الثقافي العربي والعالمي، نظراً لإسهاماته الإبداعية والفكرية الثرية في هذا المجال. وهو خبير في العلاقات الثقافية والإعلامية الدولية، ويشغل عدة مناصب ثقافية وإعلامية مهمة منها: المدير الإقليمي لشبكة الإعلام العراقي بأوروبا، مكتب باريس، ورئيس لجنة الإصدار الجديد لجريدة الصباح العراقيّة. كما شغل منصب رئيس مؤسسة «كتاب في جريدة»، وعمل مستشاراً ثقافياً للعراق في منظمة اليونيسكو بباريس.

….

عمان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى