صدور “موسوعة السرد العربي” عن مؤسسة محمد بن راشد بدبي

خاص (الجسرة)
بريهان الترك
خلاصة عمل طويل قام به الناقد العراقي د.عبدالله ابراهيم استغرق ما يزيد على الربع قرن في دراسة نقدية تحليلية فريدة من نوعها لظاهرة السرد في الأدب العربي منذ العصر الجاهلي إلى وقتنا الحالي، كالمقامات، والحكايات الخرافية، والسير الشعبية، وأدب الرحلة، والرواية الحديثة أصدر عن مؤسسة محمد بن راشد الثقافية في دبي، “موسوعة السرد العربي” بواقع 4000 صفحة قسّمت على 9 مجلدات.
تتبعت الدراسة، التي اعتمدت على أكثر من ألف مصدر أساسي، ظاهرة السرد منذ العصر الجاهلي مروراً بالإسلام، ثم العصور الإسلامية الوسيطة كالعصر الأموي والعصر العباسي، وانتقلت إلى القرن التاسع عشر حيث عملت على تفسير نشأة الظاهرة السردية الحديثة، وبخاصة نشأة الرواية العربية في محاولة لإعادة النظر بالتفسير الشائع الذي يقول إن الظاهرة الروائية إما أنها استعيرت من الغرب، أو أنها طورت عن المرويات السردية العربية، ثم انتقلت الموسوعة إلى القرن العشرين وحللت مئات الروايات.
لذلك ليس غريبا أن يستغرق المؤلف ربع قرن في هذه الموسوعة (1987- 2015) فجهد الذي بذله ليس توثيقيا بقدر ما هو جهد نقدي تحليلي يقوم على رؤية ثقافية للظاهرة السردية قدمت الكيفية التي يتشكل بها النوع الأدبي ثم يستقيم ويهيمن ثم كيف يتحلل، ويتفكك، ويتلاشى، وينبثق نوع جديد في أعقاب النوع القديم.
ومن السير التي تناولتها الموسوعة على سبيل المثال لا الحصر سيرة الأميرة ذات الهمة، وسيرة عنترة بن شداد، وسيرة سيف بن ذي يزن، والسيرة الهلالية التي تفككت إلى ثلاث سير بثلاثة مجلدات كبيرة، فضلا عن تناولها لأكثر من 500 رواية صدرت منذ منتصف القرن التاسع عشر إلى الآن، وجرى تحليل معظم اعمال الكتاب من مثل: “نجيب محفوظ، وأمين معلوف”.
وعن رعاية ونشر مؤسسة محمد بن راشد لمشروعه يؤكد المؤلف على أن هذا الدعم يعكس المكانة الثقافية الرائدة التي تتمتع بها دولة الإمارات بصفة عامة ودبي بصفة خاصة، وتوجه بالشكر للمؤسسة لدورها المهم في نشر الوعي الثقافي والأدبي، معربا عن سروره بالتعاون مع المؤسسة مستقبلا في مبادرات أدبية أخرى تسهم في تطوير مستوى الفكر والأدب.
وجاء في الكلمة التقديمة للجهة الراعية للموسوعة “مؤسسة الشيخ محمد بن راشد: “نضع اليوم، بافتخار واعتزاز، بين أيدي القرّاء ثمرة جهد استغرق زهاء ربع قرن من البحث النقدي المعمق، جهد عظيم بذله الدكتور عبدالله إبراهيم، الناقد والمفكر العراقي المرموق، وتمخض عنه كتاب جليل الشأن، هو “موسوعة السرد العربي”، التي جعل منها مؤلفها أشمل موسوعة متخصصة في تاريخ الأدب العربي، وأغناها بالتحليل النقدي القائم على معايير منهجية متينة، وفيها سلط الضوء على جذور الظاهرة السردية في الآداب العربية القديمة والحديثة، واشتق مادتها من مصادرها الأصلية الكبرى”.
” يستحق الثناء على عمله استحقاق العالم المنصرف إلى موضوعه من دون أن يشغله عنه شاغل آخر. تفتخر المؤسسة بدعم هذه الموسوعة لما تمثله من قيمة استثنائية في مجال النقد القائم على وضوح الرؤية، وصرامة المنهج، ورهافة التحليل، فمن الأهداف الأساسية للمؤسسة إطلاق المشاريع الثقافية المتميزة، وتندرج هذه الموسوعة في سياق طموح المؤسسة إلى ترسيخ المعايير الرفيعة في البحث. آملين أن تنال هذه إعجاب القرّاء عامة، والباحثين بخاصة، فتكون مرجعا أساسيا لهم في تحليل السردية العربية”.
يذكر أن المؤلف باحث وأكاديمي من العراق ولد في مدينة كركوك عام 1957، يحمل شهادة الدكتوراه في الأدب العربي – جامعة بغداد منذ عام 1991، عمل في جامعات عربية عدة، شارك في عشرات المؤتمرات والندوات والملتقيات الأدبية والفكرية، نال في عام ٢٠١٣م جائزة الشيخ زايد للكتاب في حقل الدراسات النقدية، وجائزة شومان للعلوم الإنسانية عام 1997، متخصِّص في الدراسات السردية، ونقد المركزيات الثقافية، وحوار الثقافات، وتأثيرات العولمة، وله أكثر من 14 كتاباً، وأكثر من ثلاثين بحثاً فكرياً في كبريات المجلات العربية.