صقر عليشي: في «معنى على التل».. السهل الممتنع

الجسرة الثقافية الالكترونية
*احمد عساف
المصدر: السفير
في ديوانه العشري: (معنى على التل) الصادر حديثاً عن وزارة الثقافة ـ الهيئة العامة السورية للكتاب ـ هذا الديوان هو التاسع، في مسيرة الشاعر: (صقر عليشي)، الذي قرر في لحظة ما منذ زمن بعيد أن يكون الشعر حياته وقدره، وأن يكون جداره الأخير الآمن الذي يأوي إليه.
إذا عدنا لبعض عنونات المجموعات الشعرية السابقة، سنجد الشيء ذاته يتكرر مع صقر عليشي في معظم عنواناته، إلا فيما ندر لنأخذ على سبيل المثال: (قصيدة مشرفة على السهل، الأسرار، الغزال، هي عناوين لا تمنح القارئ مفتاح الولوج إلى بيت القصيد، بينما نجد عناوين المجموعات الأخرى: قليل من الوجد، أعالي الحنين، الخ. تشكل عتبات دالة على عمق النصوص الشعرية.
في هذه المجموعة (معنى على التل) نسج الشاعر صقر عليشي، من عباءة الشعر قصائد مشغولة بعناية فائقة، لربما يرتق بها بعض الجراح، ولربما أكثر انه أراد أن يعيد للقصيدة ألقها وأبهتها.
إذا كان العنوان عتبة دالة للولوج إلى عمق النص، أو لربما أكثر يكون تلك الشرفة المشرعة لكثير من البوح المعلن، إلا أننا هنا وأمام العنوان لا نجد ما يدلنا على الفضاء الشعري داخل دفتي الديوان.
معنىً على التل والوادي العميق هنا/ والوادي العميق أنا/ والغيم خاطرة في النفس تنتقل/ ـ ص 28.
لعلّ ما يميز قصائد صقر عن سواه هو تلك السمة أو البصمة الخاصة، هي تنتمي لما يسمى بالسهل الممتنع: في قصيدة: (صدمة حداثية): ـ إلى عباس بيضون. يقول:
«معافى أنت في الشارع العام تمشي/ وليس على صفحة في «السفير»/ وهذا الذي يتحرك سيارة من حديد/ وليس سنونوة من مجاز تطير/ أنت قرب الرصيف انتبه/ لست قرب القصيدة». ص 36 ـ 37.
هذا هو الشاعر يحيك من المشهد اليومي قصيدة قد تبدو سهلة لكنها ذات دلالات أكبر من حيث، لعبة المخيال الشعري والانزياحات اللغوية التي تجعل للخيال دوراً حاسماً في تحول إدراك المعنى الشعري.
«تسكننا بعض الأحزان/ كأن سرائرنا بيت أبيها لا تخرج/ لا تستطلع طقساً/ حتى لو غادرنا الأبواب مفتحة لا تعطي نظراً للأبواب. ص 69.
العالم الموجود خارج ذات الشاعر هو عالمه الخاص بقدر ما يبدعه عن طريق تحويله إلى رؤيا متاحة لنفسه على وجه التحديد، بفعل القراءة التي هي من أرقى حالات الإنسانية، التي تجعل النص بدايات لا تنتهي، لذا كانت نصوص القراءة هي النصوص المفتوحة على كثير من التأويلات والاحتمالات.
على الغلاف الأخير للمجموعة الشعرية، نقرأ شهادات للشاعر: عباس بيضون «.. فالشاعر لا يني يقول لنا تلك هي الغرابة والطرافة والعصيان والتحدي، ونحن نتابعه وهو يعلّم من على قصيدته».
ـ الشاعر: محمد علي شمس الدين: «شاعر طريف ومثير وقادر على إخراج اللامألوف من المألوف».
على حين يرى الناقد د. محيي الدين صبحي: ـ «…، وأعلم أن ما يكتبه صقر عليشي، لم يستطع أن يكتبه نزار قباني. صقر شاعر مهم وخطير».