«عابر سبيل» تستهل عروض مهرجان المسرحيات القصيرة

الجسرة الثقافية الالكترونية

*أشرف مصطفى

المصدر: الراية

 

انطلق مساء أمس مهرجان العروض القصيرة الذي يقيمه المركز الشبابي للفنون المسرحية كنتاج لأعمال ورشة المختبر المسرحي التي أقيمت على مدار ما يقرب من شهر تحت إشراف الفنان فهد الباكر، بتقديم العرض المسرحي “عابر سبيل” من تأليف سعود الشمري وإخراج عمرو عبد الرحيم وبطولة حسن صقر وعلي الشرشني، ودراما تورج مصطفى إبراهيم، ومن المزمع أن تستمر فعاليات المهرجان على مدار أربعة أيام تشهد خلالها خشبة المركز تقديم أربعة عروض مسرحية بنصوص محلية وذلك في رد على القائلين بأن الساحة المسرحية تعاني من قلة النصوص المحلية وعدم إحكام أغلبها وضعف حبكتها، حيث تمّ اختيار مجموعة من النصوص لكتاب أراد المهرجان أن يحتفي بهم في نسخته الأولى لما لهم من دور فاعل في حركة التأليف المسرحي.

 

وتدور مسرحية “عابر سبيل” الذي تم تقديمها أمس كأول عروض المهرجان حول رجلين عانا من مرار الحرب سوياً فربطت الصداقة بينهما بعدما وجدا أنهما في مركب واحدة وهو الأمر الذي جعلهما يحتفظان بصداقتهما حتى بعد انتهاء الحرب، وعودتهما منها سالمين إلا من ضميرهما الذي بات يؤنبهما، بل أصبح شبحاً يخيم على حياتهما فيتهرب أحدهما منه، بينما يلقاه الآخر بصدر رحب ويرمي نفسه بين أحضانه، ويأتي إليهما عجوز ليكشف غطاءهما، فتسقط الأقنعة، ويرى كل منهما الآخر على حقيقته، ومع ذلك لايفترقان.

 

وتتبع المسرحية أسلوب البحث العميق في موقف الإنسان من لاعقلانية الواقع وتناقضاته المقيتة، وتستمد المسرحية موضوعها حيث التجارب المعاصرة من حروب وخراب شاهدناه في الآونة الأخيرة، وذكرنا بما شاهده العالم من قبل، إبان الحرب العالمية، وهو ما ولد حينها نوع جديد من المسرح سمي بمسرح اللامعقول، حيث شعر الإنسان في هذا الوقت بعبثية الحياة التي برغم حبه لها وتمسكه بها إلا أنه قضي عليها بنفسه، وهو الشيء الذي بدأ يرمي بظلاله من جديد على عصرنا الحالي حتى أصبح يخيم على منطقتنا العربية، ومن هنا انطلق النص ليعبر عن وجودية الإنسان الحالي وبحثه الشغوف عن ماهيته التي أصبحت ضائعة وتائهة في هذا العالم. محاولاً التحكم في الواقع، والتحرر من الخضوع لقيمه المنهارة، والتخطي لكل أشكال الغربة المحيطة بأركان حياته، بحيث تقترن عملية التحكم باستبصار لا تهاون فيه للحقائق الجوهرية، مزيلاً للزيف والأقنعة التي باتت تحيط بالبشر وتجعلهم يجهلون حتى أنفسهم أو أقرب الناس إليهم، ومن عابر السبيل تنبثق فكرة امتلاء الواقع بالزيف من خلال تبني العلاقات الرمزية المكثفة التي تتجاوز الأبعاد المعقولة، وتقاليد الحدث المسرحي وبنائه المألوف ولغته اليومية، حيث يهدم “عابر سبيل” الوسائل التقليدية العتيقة في التعبير، من خلال الأجواء المشحونة بإمكانيات الخيال وعلاقات العالم اللامعقول.

 

من جانبه أكد الفنان حسن الصقر أن الورشة التي أقيمت على مدار أكثر من شهر قدمت استفادة كبرى لمنتسبيها على عدة مستويات بدءاً من المجال النظري الذي جعلهم ينالون قدراً وافراً من الثقافة المسرحية ومروراً بالتدريبات العملية وصولاً لإنجاز عدة تجارب مسرحية متكاملة، كما لفت إلى أن الفائدة تعدت كونها لتعليم أسس ومناهج الإخراج بل أنها وصلت كذلك إلى إفادة الممثل ذاته وجعله يملك قدرة أعلى على التواصل مع المخرج أثناء التدريبات المسرحية، مشيراً إلى أنه على الرغم من أن عمر الورشة لم يتجاوز شهراً ونصف الشهر إلا أن ما تم إنجازه يؤكد نجاحها في إيصال أكبر قدر من الفائدة لمنتسبيها، وعبر صقر عن أمله أن تكون تلك التجربة هي البداية لكي يمتلك منتسبوها القدرة لقيادة الأعمال الفنية، كما تمنى أن تكون الأعمال التي سيقدمها الشباب على مدار المهرجان هي اللبنة الأولى لمهرجان العروض القصيرة للهواة، موضحاً أنه قد تم اختصار كل نص من الأعمال المشاركة وإعداده بطريقة جديدة ليتناسب مع غرض تقديمه وهو تدريب منتسبي الورشة على مناهج الإخراج، والأعمال المقدمة لن يتعدّى وقتها أكثر من 30 دقيقة.

 

الفنان علي الشرشني عبر عن سعادته باختيار مجموعة من النصوص المحلية للعمل من خلالها في مهرجان العروض القصيرة، بما يثبت ما نمتلكه من أعمال فنية جيدة، وتمنى أن يستمر المهرجان على مدار الأعوام المقبلة لافتاً إلى أن هذه المبادرة تسهم بشكل كبير في تدعيم الحركة الشبابية الفنية، لافتاً إلى أن الورشة ضمت 34 منتسباً من الجنسين من الراغبين في الإخراج درسوا لمدة تزيد على الشهر أساسيات المسرح والإخراج المسرحي، وقال تعلمنا الكثير من الجوانب النظرية للحركة المسرحية منذ نشأتها وطبقنا ما تعلمناه بشكل عملي من خلال ما ستشاهدونه خلال المهرجان الذي انطلق ليعرض نتاج هذه الورشة.

 

الفنان عمرو عبد الرحيم قال إن الورشة تميزت بشكل جديد وإطار مختلف ابتعد عن الشكل المتعارف عليه في مثل هذه الدورات والورش التي أقيمت من قبل في مجال الإخراج المسرحي، وأكد أن المختبر على مدار أيامه عمل دراسة وبحث ومناقشة والتحليل في إطار السعي لصنع مخرج واع، منوهاً إلى أنه استفاد مع زملائه من تلك الورشة إلى حد كبير مكنه من الإلمام بكافة أساسيات ومناهج الإخراج، وتمنى أن يستمر المهرجان في الأعوام المقبلة، وأشار إلى أن مهرجان هذا العام ليس غرضه تقديم عروض مسرحية بقدر ما هو تنفيذ عملي لما تلقاه الطلاب من دروس في مناهج الإخراج.

 

يشار إلى أن خشبة مسرح المركز الشبابي للفنون المسرحية ستشهد مساء اليوم تقديم عرض بعنوان الصغير والبحر من تأليف صالح المناعي ودراما تورج موسى الأمير، وإخراج علي الشرشني، وبطولة سيف اليزوري ومحمد عمر، أما اليوم الذي سيليه فسيشهد تقديم مسرحية بعنوان “وجبة حساء” من تأليف الكاتبة دلال خليفة وإخراج محمد عادل ودراما تورج محمد الجراح وسيقوم فيها ببطولة العمل الفنانان عبدالله الهيل وعادل الجزائري، وفي اليوم الأخير سيتم تقديم عرض بعنوان “العشاء الأخير” من تأليف د. حسن رشيد وهو عبارة عن كولاج لنصين هما “نزيف العمر”، و”الظل والهجير” والعمل من بطولة فاطمة الشروقي وفاطمة الزهراء وناتاشا أحمد، وفطيمة الزهراء أبو فتح، ودراما تورج فهد الباكر وإخراج حمدة الشمري.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى