عبدالفتاح صبري يقدم أنطولوجيا مبدعي الإمارات

الجسرة الثقافية الالكترونية
محمد الحمامصي
يقدم جناح وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع الاماراتية في جناحه بمعرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ 34 عددا من الإصدارات الجديدة والمهمة من بينها “مبدعون من الإمارات – الشعر : أنطولوجيا” للشاعر والناقد المصري عبدالفتاح صبري، وذلك في جزئين ضخمين.
وأكد المؤلف في توطئته للجزء الأول أن المتابع للتاريخ الحضاري والثقافي في الخليج والامارات خصوصا سيرى التواصل المتنامي أساسا والمرتبط بوسائل الاتصال وتطورها عبر التاريخ، وأننا سنكتشف أن الإنسان هنا لا ينفصل عن محيطه الخليجي والعربي.
وأضاف “لقد ارتبطت النهضة والحضور الثقافي في المجتمع الاماراتي القديم بتطور أساليب وطرق الانتقال ومراكز التجارة العالمية، والتي كانت المنطقة تشكل عصبها منذ قرون عدة، وفي نهايات القرن الثامن عشر ومع ازدهار تجارة اللؤلؤ وصيده سنلمح بروز نوع من النخبة التي اشتغلت بالتجارة وشكلت قاطرة للنهوض الثقافي والحضاري. وحدث تواشج مع مناطق الحجاز والشام والعراق ومصر عبر الهند، ومن ثم الاطلاع على مستجدات المعرفة والدوريات العربية التي اقتنيت وشكلت نواة أساسية عضدت بفتح الكتاتيب وانتشار المطوع لتعليم الفقه والقرآن والكتابة والقراءة”.
ورأى المؤلف أنه في مرحلة لاحقة تشكلت ظاهرة ثقافية مهمة في الشارقة ألا وهي منطقة الحيرة التي أفرزت جماعة الحيرة، والتي تعاضدت فيها الثقافة وبروز الشعراء من خلال المجالس والمنتديات التي شجع عليها طبقة التجارة والموسرين.
وساند هذه النهضة أن منطقة الشارقة خاصة أصبحت منطقة جذب للنخب الثقافة من مناطق الخليج الأخرى ومناطق الحجاز، فبرزت قامات شعرية من أمثال سالم بن علي العويس ومبارك العقيلي وأحمد بن سلطان وخلفان بن مصبح وسلطان العويس، وإبراهيم المدفع وآخرين، وقد أودعوا راية الشعرية لأجيال تواصلت مع هذا الفن لاحقا، ونلاحظ أن هؤلاء الجدد قد حملوا رياح التغيير إلى هذا الفن متأثرين بما لحق الشعر من تأثيرات في عموم الوطن العرب ومن هؤلاء أحمد أمين المدني، هاشم الموسوي، عباس العصفور وآخرون.
وأكد المؤلف أن الشعر الاماراتي قد بدأ تشكيل مرحلته الجديدة وذائقته الجديدة وبدت ملامح الانزياح تتخطى أقانيم القصيدة الكلاسيكية لتلج قصيدة التفعيلة، والتي ستسلمها سريعا إلى قصيدة النثر التي تجرأت على اجتراح النص، متأثرة بالتبدلات الفنية المتعالقة معها، والواردة من تطور القصيدة العربية ذاتها.
ونلمح في المشهد أسماء جديدة رفدت قصيدة الشعر الاماراتية بالخروج إلى التفعيلة أو قصيدة النثر، من أمثال حبيب الصايغ وأحمد راشد ثاني وظبية خميس وعارف الخاجة ونجوم الغانم وخالد البدور وإبراهيم محمد إبراهيم، وتلتهم موجة أخرى جددت في المضامين مستمرة في التمسك بالحداثة والخروج عن القصيدة العمودية انتصارا مستمرا للتفعيلة ولقصيدة النثر، منهم عبدالعزيز الجاسم وظاعن شاهين، وكريم معتوق وثاني السويدي وحمدة خميس ومحمد المزروعي وعادل خزام.
ويلاحظ المؤلف “أن هذه التجارب تفلتت بحدود القصيدة العمودية، ولكن منها الذي أمسك بالتطور في معمارها وفنياتها، وأنجزت صورها المبتكرة وإن لم يخلُ الأمر من بعض النصوص ذات النفس الملحمي والأسطوري والفلسفي والصوفي، الأمر الذي استتبعه قدرة على ابتكار لغتها وكذا معانيها الجديدة، ثم كانت موجة أخرى نلمح من بينها خلود المعلا، صالحة غابش، إبراهيم الملا، عبدالله عبدالوهاب، الهنوف محمد، عبدالله السبب، هاشم المعلم، أحمد العسم، وآخرون.
ونوه المؤلف أن مراكمة هذه الموجات الشعرية، لا يمكن فصلها زمنيا أو مرحليا. إنما هي مجرد تقسيم للإحاطة بالمشهد رغم صعوبة الحصر الفعلي والمتابعة، ولقد اتسع المشهد الآن أكثر، خاصة بعد أن شهدت الامارات أخيرا سوقا رائجة للنشر راكمته المؤسسات الرسمية منذ سنوات، ومن ثم دخول دور نشر أهلية كثيرة إلى ساحة العمل الثقافي فخرجت عشرات الدواوين في السنوات الأخيرة لجيل جديد من الشباب، ما زال يضيف ولم يفصح عن نفسه فنيا جيدا، لأن التجربة مازالت غضة وبكرا ولا شك أن السنوات القادمة سوف تشهد تبدلا مهما في المراكمة الفنية.
وقال: “في مجمل التجربة الشعرية الاماراتية سوف نجد ملامح التجديد المستمر وسنرى النص الشعري الجديد نتاج رؤية مختلفة ومغايرة عما سبقه، وكأنه تأطير متباين مما يؤكد على ثراء القصيدة الشعرية الاماراتية واكتنازها دوما بمداميك الفن والرؤى المتجددة”.
المصدر: ميدل ايست اونلاين