عبد الرحمن سيساكو: هناك أقلية خطفت الإسلام كرهينة

الجسرة الثقافية الالكترونية
*احمد ضيف
المصدر / ثقافة 24
تلخص روح فيلم “تيمبوكتو”، المرشح للأوسكار كأفضل فيلم بلغة غير الإنجليزية، وحشية الجهاديين وعبثهم، إذ يرسم المخرج الموريتاني عبد الرحمن سيساكو، في مشهد، مجموعة من الشباب يلعبون كرة القدم، لكن بدون كرة، في تحدٍ لتحريم أي نوع من الرياضة من جانب المتطرفين، وقي مشهد آخر، تواجه امرأة رجال الكلاشينكوف لأنها ترفض أن تلبس القفازات: وافقت بالغصب على تغطية جسدها كلية، لكنها لا تريد، ولا تستطيع، ارتداء قفاز أسود لأنها بائعة سمك، ما يعيق عملها.
في المشهد الأول يتحدث عن الذكاء والتضامن في مواجهة عبث المتعصبين، وفي الثاني يصف كيف يتكدس العنف الذي يفرضه الإرهابيون في كل مظاهر الحياة، محيلاً الحياة إلى الاستحالة.
“تيمبوكتو” تحكي قصة احتلال مجموعة من الجهاديين لمدينة مالية، وسيساكو شعر بحاجته لتسجيل هذه الحادثة، رغم أنه لم يصورها في تيمبوكتو لأسباب أمنية، عندما قرأ القصة الفظيعة في الجرائد: رجم الإرهابيون رجلاً وامرأة عام 2012 بتهمة الزنا، ولم يمنعهم من ذلك أن لديهما ابنين. حادثة تيمبوكتو يتكرر مثلها في سوريا والعراق ونيجيريا، إذ تقوم داعش وجماعات إرهابية أخرى بحرق المخالفين معهم سواء كانوا سجناء حرب أم لا، ويذبحون الصحافيين، ويلقون الأشخاص من فوق مبانٍ عالية، ويبيعون النساء كإماء، ويخضعون المواطنين لكل نوع من التحريمات.
أثار الفيلم الكثير من المشاكل، فبعد موجة الإرهاب التي اجتاحت فرنسا، منع عمدة ضاحية بباريس عرضه لفترة مؤقتة لأنه اعتُبر أنسنة للجهاديين، بينما ألغى عرضه مهرجان سينمائي ببلجيكا خشية أن يتسبب ذلك في أي اعتداء إرهابي. مع ذلك، تلقى فيلم السينمائي الأفريقي اعترافاً من النقد الفرنسي والأمريكي واعتبروه احتفاءً بالتسامح وضربة مؤلمة للإرهاب، حد أن وزارة الثقافة الفرنسية قررت عرضه في المدارس والجامعات كلقاح ضد الجهادية.
وفي حوار له مع جريدة “الباييس” الإسبانية، قال سيساكو: “الفيلم لا أراه إدانة بل رصداً لحياة أناس لم يعتادوا التأمل في العنف والوحشية. لقد اعتدنا أن ننظر للعالم على أنه مقسّم بين أخيار وأشرار. ما يريد الفيلم أن يقوله هو رفض العنف والوحشية، لكن ذلك لا يجب أن يمنعنا من رصد حياة هؤلاء المتطرفين. إنهم أشخاص عاشوا طفولة، كانوا طبيعيين، لكنهم تغيروا بعد ذلك، وهذا التغير ساقهم إلى الجهاد، لكن ربما يقودهم إلى شيء آخر من أشكال الجريمة. الجهاديون بشر طبيعيون بمعنى ما. كل رجل، حتى الوحشي مثلهم، لديه القدرة للشعور بالذنب. والفن يجب أن يتناول ذلك”.
يغلب على “تيمبوكتو” الانتصار للضحايا، الانحياز للضعفاء في مقابل قوة الإرهابيين. يقول سيساكو: “بلا شك، فالمتطرفون يظنون دائمًا أنهم سينتصرون، لكنهم مجموعة جبناء. بائعة السمك لا تتردد في مواجهة 4 رجال بالكلاشينكوف، هم عادة كذلك: مسلحون في مواجهة عزل، مثل الزوجين المرجومين. إنه شيء فظيع، ولا اعتقد أن الإنسانية لها علاقة بذلك، بل العكس تماماً. من العبث تحريم الموسيقى لأن بداخل كل منا موسيقى. عندما يدخن أحد قادة الجهادية، أريد أن أبرز نفاقه، لكن أيضاً إنسانيته، ربما شعوره بالذنب وتأنيب ضميره لما يفعله، لأنه يدخن بعد الرجم والحرق”.
في فيلم “تيمبوكتو”، ثمة مشهد عن إمام يطرد الجهاديين من المسجد، هل يريد سيساكو أن يقول إن هؤلاء لا يمثلون الإسلام وإن هناك إسلاماً متسامحاً؟ يجيب سيساكو بأن “كل دين يجب أن يكون في خدمة الإنسانية، في خدمة الاتفاق والتسامح. في حالة الإسلام، ثمة أقلية تختطف الدين كرهينة، ما من أحد يولد بلحية وكلاشينكوف. الإمام يمثّل مباديء الإسلام التي تعلمها، المبادئ التي ترمز لتيمبوكتو، وهي مبادئ عالمية