عبد الكريم شمس الدين.. غياب شاعر

الجسرة الثقافية الالكترونية
*كامل جابر
المصدر: الحياة
غيّب الموت أمس الشاعر عبد الكريم شمس الدين عن ثمانين عاماً، كانت حافلة بالإنتاج الشعري والدواوين التي تجاوزت 18 ديواناً جلّها من الشعر العمودي والشعر التفعيلي، مخلفاً 8 مخطوطات لم تنشر بعد.
ولد الشاعر شمس الدين في قرية مجدل سلم سنة 1935 وتلقى علومه الابتدائية في مدرستها، ثم انتقل إلى مدينة النبطية مع عائلته ليتابع تحصيله العلمي حتى المرحلة الثانوية. ومعها نقل نفوسه إلى النبطية. في منتصف الخمسينيات عمل موظفاً في مصلحة المساحة وظل فيها إلى تاريخ تقاعده.
بدأ كتابة الشعر في مطلع الستينيات، ونشر أولى أعماله ديوان «ظلال» سنة 1963. شارك في العديد من المهرجانات الشعرية العربية (المربد في العراق، ومهرجانات الربيع في سوريا وفي جامعة الكويت). ويؤكد المقرّبون من شمس الدين أنه لم يأخذ حقه من الشهرة على نحو أترابه من شعراء الجنوب، وهو الغزير في التأليف والنشر، بسبب التزامه الإقامة الدائمة في مدينة النبطية. وكان يردّد في هذا الإطار «منذ اليوم الذي ولدت فيه لم أغادر الجنوب إلا في حالة الدعوات، وحتى خلال أيام الحرب الإسرائيلية لم أغادر الجنوب لأن هذه قناعتي وهذا مكاني».
ربطته علاقات وثيقة بعدد من الشعراء أمثال بولس سلامة وبشارة الخوري (الأخطل الصغير) وعمر أبو ريشة ومحمد الفيتوري ونزار قباني وغيرهم. وغنّى له العديد من المطربين أمثال نازك ونور الهدى ووديع الصافي (لا تسلنا، ولو يدري الهوا لو يدري) وعاصي الحلاني (سيدتي) وأحمد قعبور (ما اخترت سواك) وغيرهم.
«ظلال» (1963)، «مواسم» (1965)، «الحبُّ أحلى» (1967)، «الفجر المدمى» (1969)، «قصائدي لكم» (1972)، «بين حد الحرب والحب» (1981)، «أغنيات عشق جنونية» (1982)، «ظل وجهك» (1993)، «الأعمال الشعرية» (1997)، «جسد حاصره الحب» (2000)، «في انتظار فرحي» (2001)، «أشواق مسافرة» (2003)، «آخر الكلمات» (2003) نشر هذا الديوان بخط يده؛ «لصيق بك القلب» (2007)، «أدرك وجهك خلف الحصار» (2008) وديوان «وتبقى القصيدة شاهدة» الذي نشره سنة 2011 وقد خطّ هذا الديوان برغم نظره الذي بدأ بالتلاشي، وقال في خضم إطلاقه «أنا لا أعيش من دون كتابة، لذلك أنا لا أستسلم وأريد أن أشعر بوجودي ومن دون الشعر أنتهي».
لم يترك قضية إنسانية الا وخاض في تناولها شعراً، لا سيما الانسان بمختلف صوره ونشاطاته، من الفلاح الى العامل الى الأم والطفل الى الجندي والمقاوم.
كان يبرر التزامه القصيدة العمودية بقناعة خاصة «كتبت الشعر العمودي والشعر التفعيلي ولم أكتب النثر. هناك قصيدة النثر التي لا أؤمن بها ولا أكتبها ليس تعصباً مني، ولكن كيف تكون قصيدة وهي نثر؛ وكأنك تقول «أحكمك بالإعدام براءة» فكيف تنفذ هذا الحكم. أما التفعيلي فهو شعر موزون وله موسيقاه وقيوده، وهذا ما أحببته على الدوام».
ويتابع: «أنا لا أفهم بموضوع الطباق، أنا لا أخترع الشعر ولا أصنعه، ولم أفكر يوماً بشكل القصيدة التي أكتبها أو نوعها. تأتي القصيدة فأكتبها. وفي إحدى المرات نظمتُ قصيدة وأنا كنت شبه غائب عن الوعي وقامت زوجتي الراحلة بكتابتها لي».
أما آخر ما قاله قبل دخوله في غيبوبة سبقت الوفاة: «تمنياتي لهذا البلد أن يستقرّ ويرجع لحياته الآمنة والمستقرة وتنتهي هذه العداوات، لأن الإنسان مع العداوة ليس إنساناً. وللجنوب أن يبقى صاحب الكرامة، صاحب الفعل، وصاحب الإرادة».
عضو اتحاد الكتّاب العرب، عضو اتحاد الكتّاب اللبنانيين، عضو جمعية المؤلفين والملحنين في باريس. انتسب إلى المجلس الثقافي للبنان ونادي الشقيف في النبطية والنجدة الشعبية اللبنانية. يشيع عند الثانية من بعد ظهر السبت في 21 شباط الجاري، في جبانة النبطية.