عثمان الدهيمي يحوّل مجلسه لمتحف خاص

الجسرة الثقافية الالكترونية
*مصطفى عبد المنعم
المصدر: الراية
استطاع الوالد عثمان الدهيمي تحويل منزله إلى متحف خاص يضمّ آلاف القطع التراثيّة والمقتنيات القديمة التي حرص على جمعها من مختلف أصقاع العالم بجهد فردي استغرق عشرات الأعوام تمكن خلالها من الحصول على عدد كبير من المقتنيات التراثية التي تعود إلى أزمنة وبلدان مختلفة، سواء كانت أسلحة أو أدوات غوص وأدوات يدوية، ومصنوعات قديمة، وأجهزة كهربائية وإلكترونية قديمة وعملات مالية ورقية ومعدنية نادرة ومختلفة، والعديد من المقتنيات ذات الأشكال والأنواع المختلفة التي تعتبر تحفًا تراثية في وقتنا الحالي وستزداد قيمتها كلما مرّ الزمان، وحصر جميعها داخل مجلسه الخاص الذي يقتطع جزءًا كبيرًا من منزله ليزدحم بالمقتنيات بشكل كبير وواضح ليعلن لكل من يشاهده أن هذا المكان بحاجة إلى أن يتوسّع ليكون بمثابة متحف تتاح زيارته للجميع، خاصة أن الدهيمي نجح بجهوده الشخصية في رحلة جمع واقتناء تزيد على 50 عامًا في أن يحوّل مجلسه إلى متحف خاص غني بآلاف القطع التراثية.
ومن خلال مقطع فيديو صوّره أحد الأشخاص لمجلس الدهيمي ونشره على الواتس آب تتبعت الراية الفيديو ونجحت في الوصول إلى الوالد عثمان ناصر محمد الدهيمي بمنطقة الغرافة لنتعرّف منه على حقيقة ما شاهدناه في هذا المقطع، حيث حدّثنا عن بداية رحلته مع جمع القطع الأثرية، وقال: رحلة جمع المقتنيات الثمينة بدأت في مطلع الستينيات حيث كنت أشتري من جميع الأسواق التراثية التي كنت أحرص على زيارتها في كل دولة، وأضاف: إنه بدأ هوايته هذه وحده رغم عدم وجود أحد من العائلة يتشارك معه في هواية جمع المقتنيات، وتابع: بدأت أهتمّ بالموروث القديم منذ الصغر لأشرع بجمع الأدوات التراثية والموروث القديم من مختلف البلدان التي أزورها وممن هم حولي ومن الأقارب والأصدقاء وكنت أدرك قيمة الأشياء التي ربما يستغني عنها البعض ولا يعطونها قدرها فضلاً عن وجوب حفظها للأجيال القادمة وتعريفهم على موروث الأجداد والآباء الذين كانوا يستعينون بها لعيشهم في السابق، وقمت بتخصيص جزء من منزلي وهو المجلس لأصنع منه متحفًا شاملاً للأجواء التي كان يعيشها الآباء والأجداد سابقًا.
وتابع: بحمد الله استطعت أن أجمع الكثير من المقتنيات القديمة، أما المقتنيات التي لم أستطع الحصول عليها، فقمت بصناعتها من جديد، عن طريق بعض الصور ومن خلال ذاكرة وخبرة كبار السن في المنطقة وها أنا اليوم أجمع المئات من الأدوات الأثرية الخاصة بتاريخ قطر ومنطقة الخليج ومختلف بلدان العالم، وأصبح لديّ كثير من المقتنيات التي كانت تستخدم قديمًا في أمور الحياة داخل الخليج وبعض منها يستخدم أيضًا بشكل مشابه في أماكن عديدة أخرى.
مقتنيات معارة
وأضاف الدهيمي: أحرص على أن أقدّم مقتنياتي لأي هيئة حكومية أو مدرسة قطرية للمشاركة في المعارض على أن يُعيدوها مرة أخرى وهذا من منطلق نشر المعرفة التي أعتبرها حقًا أصيلاً للأجيال الحالية لتتعرّف على تراثها القديم، وعرض علينا أن ابنه الصغير خالد يرتدي اليوم زيًا تراثيًا في مدرسته بمناسبة إقامتهم لاحتفال تراثي استعانوا فيه بمجموعة من مقتنياته، كاشفًا عن أن هناك عددًا من الشخصيات الهامة يحرصون على زيارة مجلسه ومن بين هؤلاء السفيرة الأمريكية في الدوحة التي شاهدت عددًا من القطع الفنية التي كان قد أعارها للمدرسة الأمريكية وأعجبتها كثيرًا وطلبت من الطلاب أن يرسموا مثلها كما رسموني أنا شخصيًا في مجلسي، ثم سألت السفيرة عن مصدر هذه المقتنيات ولما علمت أنها لي جاءت لزيارة المجلس وعرضت عليّ زيارة لأمريكا وتذاكر الطيران والإقامة ولكنني لم أقبل الدعوة بسبب تقدّمي في العمر، حيث ستكون رحلة طويلة ومرهقة وشكرتها على هذه المبادرة، ويضيف قائلاً: أنا أحرص على أن أقدّم مجموعات من مقتنياتي للمدارس حتى يستفيد بها أكبر عدد من طلابنا.
مال لول
وحول رأيه في معرض “مال لول” قال: أنا شاركت في النسخة الأولى وحصلت على شهادة تقدير من سعادة الشيخة المياسة وكانت مشاركة مميّزة أثلجت صدري ولكن للأسف لم أشارك في النسخة الثانية حيث لم أدرِ عنها شيئًا ولم يدعني أحد للمشاركة فأنا لا أتابع الصحف، وهم يعرفون عني كل شيء ولو طلبوا مني المشاركة لما تردّدت لحظة، وهذا المعرض هو فكرة جيّدة تسهم في تعريف الأجيال القادمة بتراثهم وبطريقة حياة آبائهم وأجدادهم.
حرب البسوس
وعرض الدهيمي نسخًا طبق الأصل عن بعض الأسلحة القديمة – الرماح – التي ربما استخدم بعضها في حرب البسوس وأخرى من أيام الرومان، حيث إن هناك بعض الأسلحة لم يستطع أن يشتريها فقام بصناعة نسخ مطابقة منها، مؤكدًا أنها ستصبح أيضًا أثرًا تراثيًا مهمًا بعد عشرات السنين، مؤكدًا أنك لن تجد رمحًا يتشابه مع الثاني ولديه أيضًا سهام وأقواس وسيوف وخناجر، ويقول الدهيمي: لديّ سيف مطابق لسيف سيدنا علي بن أبي طالب ذي النصلين ومكتوب عليه “لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار” وقد جاءتني عروض كثيرة لشرائه ولكنني لن أبيعه، وعندي كذلك مجموعة من البنادق التي كانت تستخدم في الحروب مع كمية من الذخائر والبارود لا تكاد تشكل ضررًا في زمننا هذا، مؤكدًا أنها كانت تعد تهديدًا خطيرًا في الزمن القديم وتعد فخرًا واعتزازًا لكل من يحملها، وشرح لنا أنواع البنادق الموجودة وتواريخ صنعها حيث توجد لديه بنادق ذات الطلقة الواحدة وأخرى بست طلقات وسبع وعشر وغيرها، ولديه مجموعة نادرة من الأقفال القديمة ذات المفاتيح العجيبة لن تجدها في أي مكان حول العالم سوى في مجلس الدهيمي.
ويضيف الدهيمي: كانت لدينا عزبة في منطقة العديد على البحر وكنت أهوى الصيد هناك وعندي خشم سمكة قمت بصيدها من نوعية سمك السياف وهو من أخطر أنواع سمك القرش وقمت بوضع مقبض لفم السمكة ليصبح سيفًا له أنصل عديدة من العاج، وكنت أصطاد أسماكًا نادرة هناك ولكن لم تعد هذه العزبة موجودة الآن ولكن ظلت المنطقة معروفة باسمنا ويوجد هناك طعس الدهيمي كل من يذهب إلى العديد يعلمه جيدًا.
أهم القطع
وحول أهم وأندر القطع الموجودة عنده قال: لديّ كثير من القطع النادرة والغالية كأدوات الحلاق القديمة وأدوات الصيد، وأدوات للعديد من المهن والحرف، وعندي مجموعة من دلال نادرة حساوية وسورية ولديّ عملات دولة قطر منذ الإصدار الأول حتى الآن وعندي طوابع قطر منذ أن تمّ استخدامها حتى الآن، وعندي أدوات زينة قديمة خاصة بالمرأة وصناديق مبيتة، وعندي “حصالتي” التي يزيد عمرها على 50 عامًا ومليئة بجميع العملات من أيام البيزات وبها عملات هندية وكنت أضع فيها النقود حتى امتلأت عن آخرها، وعندي ساعات لماركات عالمية رولكس واوستن، وكاميرات بولارويد العالمية وأنواع قديمة منها ولديّ أجهزة محمول “موبايل” وبليبات وغيرها.
ساعة نادرة
ويضيف: لديّ ساعة نادرة لا توجد منها سوى قطعتين في العالم وتناولتها الصحف في الثمانينيات وقالت وقتها إن قيمتها تتجاوز المليون دولار وأنا الآن لا أعرف قيمتها بالضبط وهي تعمل بكفاءة وأنا حصلت عليها بالصدفة واشتريتها بسعر غالٍ مقارنة بأسعار ذاك الزمان الذي اشتريتها فيه ولكنها الآن قيمتها ارتفعت أكثر، وقال الدهيمي: أنا لن أبيعها أو أبيع أيًا من مقتنياتي خاصة أنها تعدّ مصدر السعادة الأساسي لي في حياتي مع أولادي، فقد رزقني الله بأربعة عشر ولدًا وبنتًا وأحرص على أن يدركوا قيمة هذه المقتنيات، وأشار إلى أنه يحرص على أن يجتمعوا يوم الجمعة سواء كانوا أبناءً أو أحفادًا ويلتقوا في المجلس وجميعهم يدركون قيمة المقتنيات الموجودة في المجلس، حتى الأحفاد لا يحرّكون قطعة من مكانها.
وأخيرًا يؤكد الدهيمي أن ضيق المكان يحول دون وضع كافة المقتنيات، حيث يتكدّس بعضها فوق بعض، متمنيًا أن يكون لديه مكان أكثر اتساعًا ورحابة حتى يضع فيه كافة المقتنيات، وقال: أنا تعبت كثيرًا على جمع هذه المقتنيات طيلة سنوات مضت ولا أودّ أن تظل هكذا ويجب أن يستفيد بها الجميع بمشاهدتها ولكن شريطة أن تعود لي مرة أخرى وأرحّب بكل من يأتي ويزور مجلسي، فأنا الآن مُتقاعد وليس لديّ همّ إلا مجموعتي هذه وأقوم بالاعتناء بها بنفسي وأشرف على كل قطعة ومكانها بنفسي ولا يُساعدني أحد إلا أبنائي أو السائق الخاص.