علاقة تكاملية تجمع الشعر النبطي والفصيح

الجسرة الثقافية الالكترونية-الراية-
*هيثم الأشقر
كد عدد من الشعراء القطريين أن العلاقة بين الشعر النبطي والفصيح تكاملية وأن كلاً منهما يأخذ من الآخر بالرغم من اختلاف الجمهور، نافين في الوقت نفسه أن يكون هناك تراجع للشعر الفصيح في مواجهة الشعر النبطي “العامي” الذي يرجع انتشاره في منطقة الخليج العربي إلى حب الجمهور لهذا اللون الشعري، وفي ظل دعم وزارة الثقافة له، بالإضافة إلى تجذره في هذه البيئة وقدرته على التعبير عن وجدانها وقضاياها الاجتماعية والسياسية والإنسانية منذ قرون طويلة، الأمر الذي زاد من انتشاره إعلاميًا ومجتمعيًا دون أن يتجاوز قيمة الشعر الفصيح، مشيرين في الوقت نفسه إلى أن هذا الواقع لا ينفي كون الشعر الفصيح لا يزال يحتفظ بمكانته وقيمته الأدبية كونه مستمدًا من اللغة العربية التي يستطيع أن يفهمها كل العرب من المحيط إلى الخليج.
علاقة تكاملية
في البداية يؤكد الشاعر علي ميرزا على العلاقة التكاملية بين الشعر الفصيح والنبطي، فكل منهما يأخذ من الآخر، والقصيدة النبطية تبنى بنفس أسس وموازين القصيدة الفصحى، مشيرًا إلى أن الشعراء يتعاملون بشكل أكبر مع القصيدة النبطية بسبب سهولة اللهجة العامية، وسهولة الأخذ من منابعها، باعتباره يمارسها بشكل يومي، ويمتلك حصيلة من التعبيرات والمعاني والصور، وكل ما تحتاجه القصيدة من عوامل فنية وجمالية.
كما أن هناك بعض الشعراء، وليس جميعهم، يصعب عليه التعامل مع مفردات اللغة العربية فيذهب أكثرهم لتغليب القصيدة النبطية، مشيرًا إلى أن اللغة ليست الأهم في القصيدة، بل الأهم هو صدق الكلمات والتجديد والإبهار.
من ناحية أخرى أكد أن برامج المسابقات الشعرية التي انتشرت مؤخرًا، ظاهرة إيجابية وهذه المسابقات تزيد من الزخم لدى المتلقي، وتثري الساحة الأدبية بالعديد من الشعراء الموهوبين.
موروث شعبي
من جانبها نفت الشاعرة والأديبة د. زكية مال الله أن يكون هناك تراجع للشعر الفصيح أمام النبطي، بل أكدت أن الشعر الفصيح موجود وله مكانته الخاصة في معظم الدول العربية، ولكنها أرجعت انتشار الشعر النبطي في منطقة الخليج العربي خاصة في قطر والسعودية بسبب حب الجمهور لهذا اللون الشعري، مشيرة إلى أن الطبيعة القبلية لسكان المنطقة جعلت الشعر النبطي جزءًا من التراث الشعبي لهم، يتوارث حبه وشغفه عبر الأجيال، فتجد الأطفال يحفظون القصائد النبطية ويردّدونها في جميع احتفالاتهم.
وأضافت قائلة: إن الشعر النبطي في قطر يلقى دعمًا كبيرًا من وزارة الثقافة والمؤسسات المعنية بالشعر، فتقام له المسابقات والمهرجانات، ويتم تكريمهم في جميع المناسبات، بعكس الحال بالنسبة لشعراء الفصحى الذين يفتقدون لنفس الدعم الذي يتلقاه شعراء العامية.
كما أشادت د.زكية مال الله ببرامج المسابقات الشعرية، مؤكدة أن هذه المسابقات سلّطت الضوء على الكثير من الشعراء الجيدين وأعطتهم الفرصة لكي يظهروا موهبتهم، نافية أن يكون للجوائز المالية لهذه المسابقات أي دور في الإضرار بالجانب الإبداعي، بل اعتبرتها حافزًا للشعراء لإبراز إبداعاتهم للجمهور.
الفصحى هي الأساس
الشاعر ناصر الشمري أكد أيضًا على عدم تراجع الشعر الفصيح، مشيرًا إلى أنه مهما بلغت مكانة وانتشار الشعر النبطي إعلاميًا ومجتمعيًا فلن يتجاوز قيمة الفصيح، لافتًا إلى أن الأساس في الشعر هو الفصحى، لأنه مبني على مفردات اللغة العربية التي يفهمها ويستوعبها كل شعوب المنطقة العربية من المحيط إلى الخليج، بعكس الشعر النبطي المستمد من اللهجة العامية لكل دولة والتي قد يصعب على الغريبين عنها فهم مفرداتها.
وأرجع الشمري انتشار الشعر النبطي في دول الخليج العربي إلى طبيعة المجتمع القبلية والبدوية، نافيًا أن يكون هناك تقصير من وزارة الثقافة في دعم الشعر الفصيح، مشيرًا إلى أن انجذاب الجمهور القطري للشعر النبطي يفرض على الوزارة تنظيم العديد من الفعاليات والمهرجانات التي تحتفي به.
وعن القيمة الأدبية للمسابقات الشعرية أكد الشمري أن مثل هذه المسابقات ليس لها أي تأثير سلبي على القيمة الإبداعية للشعر، بل ساهمت هذه البرامج في تغيير شكل الخريطة الشعرية، وأظهرت مواهب شابة واعدة ما كانت لتأخذ فرصتها لولا ظهور هذه البرامج.
سيطرة العامية
بدوره أقر الشاعر عايض بن غيده القحطاني بوجود تراجع فعلي للشعر الفصيح في مقابل النبطي، أرجعه بسبب سيطرة اللهجة العامية على الذوق العام للجمهور، وكذلك انتشار الأغاني المكتوبة باللهجة العامية بين أوساط الشباب لسهولة حفظها وترديدها.
ولكنه أكد أن الشعر الفصيح هو الأقوى والأهم، واصفًا الذي لا يمتلك قصيدة بالفصحى بعدم الانتماء لفصيلة الشعراء.
كما أكد أن هناك اهتمامًا خاصًا من قبل وزارة الثقافة والمؤسسات الثقافية الأخرى بالشعر النبطي على حساب الشعر الفصيح، وضرب مثلاً مهرجان “نصرة غزة” الذي افتتح واختتم بقصيدة نبطية.
وعن طبيعة العلاقة بين هذين اللونين أكد عايض أن الشاعر إذا كان مثقفًا وملمًا بالنوعين أصبح علاقة تكاملية، وأخرجت لونًا شعريًا جميلاً وهو ما يسمى باللغة الوسطى التي تخلط بين رزانة وقوة الفصحى وجمالية العامية.