عن صداقتي بالبحر ..ادريس علوش

الجسرة الثقافية الالكترونية-خاص-
لا أعتقد أني سأنسى يوما أول مرة نزلت فيه إلى البحر كان معي ساعتها رفيق طفولتي وصديقي نور الدين الحداد ابن حينا “سيدي والو”في مدينة أصيلة ،كان الجو حارا كمثل هذه الايام،هربنا من المدرسة كنت انذاك في المرحلة الابتدائية وان لم تخن الذاكرة كانت سنتي الاولى 1971،وفي بداية اكتشاف شغب الطفولة الجميل.اتجهنا صوب البحر، ولمن يعرف اصيلة في طبعتها القديمة والساحرة قبل ان تطالها هندسة الخراب والمحو والاتلاف،توجهنا الى مكان كان يسمى”سْطَراْديَالْ الخْفِي” القريبة من باب البحر ومن مقهى “زْرِيراقْ” او مقهى الصيادين كما يسميها المشارقة ،إدموند عمران المالح الكتاب المغربي يسميها “المقهى الزرقاء” وهو الذي كتب كتابا بهذا الاسم.
أذكر أن الماء كان صافيا لحد الدهشة والذهول واتخذ لون اللمعان والفضة،ونحن ننظر الى بركة ماء وسط الصخور كان قاعها شفافا وقريبا واعتقدت ان البركة لها حد ،خلعت ملابسي وألقيت بنفسي في وسطها وعندما صعدت لم اجد أثرا لقدماي، لولا تمسكي بحاشية صخرة انقضضت عليها بشراسة لكان ما تبقى من عمري هذا في خبر كان..!
صديقي نور الدين اندهش لأمري ولم يعرف ماذا سيفعل لكن حين صعدت قال لي لنذهب لحال سبيلنا الان كنت ستموت يا صديقي..! وهو ما فعلناه لبست ثيابي حملنا حقائبنا المدرسية وعدنا أدراج الطريق.
كان هذا أول درس تعلمته من شريعة البحر،بعده توطدت علاقتنا-انا وصديقي البحر- واضحى كل واحد منا يحسب حسابه للأخر،ولم يعد يغريني اللمعان ولون الفضة، ولم اعد اغامر إلا اذا تأكدت من حقيقة عمق القاع.