عيد «شهيد» في فلسطين

الجسرة الثقافية الالكترونية – القدس العربي

لم يُكتب لعيد الفطر هذا العام أن يكون «سعيداً» في فلسطين، في قطاغ عزة على وجه الخصوص، وفي الضفة الغربية تضامنا. وتصاعدت أصوات كثيرة، تحولت إلى لوحات فنية، ترسم الوجع والألم الذي يحس به أهالي الضفة جراء ما يجري في القطاع، من قتل وتدمير، وتعلن أن العيد هذا العام، لن يكون سوى «عيد شهيد»، لأن الدماء الفلسطينية النازفة، لم تعط مجالاً للاحتفال بشيء، وليس العيد فقط.
فالاجواء في أسواق وشوارع الضفة والقدس رغم وجود بعض المتسوقين، ليست أجواء العيد المعتادة. فالزائر لأسواق القدس العتيقة، في البلدة القديمة على وجه، يشعر بالحزن يعم المحلات والدكاكين ولا يسمع إلا الأهازيج الوطنية، التي كانت تسمع ايام الانتفاضة الأولى عام 1987،
ولا يرى الزائر تلك الحلويات آلتي تشتهر بها محلات الحلوى في القدس خاصة في الأعياد. وأما دكاكين ومحلات الملابس فلا تعرض تلك الألوان الزاهية على ابوابها، لتحل محلها، ملابس بعبارات التضامن مع غزة مثل «كلنا غزة»، أو «غزة الغزة»، أو «عيدنا يوم انتصارنا»، و»أنا مش معيّد.. روحي في غزة».
وحيث التواجد الأكبر للمسيحيين بجميع طوائفهم في مدن مثل بيت لحم والقدس ورام الله وبيت ساحو. وبيت جالا،اعتذر المسلمون لإخوانهم ا لمسيحيين وقياداتهم الذين اعتادوا منذ القدم بزيارات في وفود كبيرة تعبيرا عن التآخي، عن تلقي التهاني بالعيد هذه المرة، تضامناً مع غزة، واقتصار العيد على الشعائر الدينية.
وأعلن مجلس كنائس ورعية بيت ساحور، على سبيل المثال، أن «اخواننا المسلمين قد اعتذروا عن استقبال التهاني بالعيد بسبب الأوضاع الراهنة»، وجاء في بيان مجلس الكنائس «نتمنى لشعبنا الخلاص من الاحتلال ليكون عيدنا القادم في القدس بحضور ابناء شهداء غزة الصامدة».
كما دعت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية المواطنين الفلسطينيين، إلى اقتصار الاحتفال بالعيد على الجانب الديني العبادي، تضامناً مع أهلنا في غزة الذين يعانون من العدوان الإسرائيلي المسعور عليهم، امتثالاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
وطالبت الوزارة المواطنين لتكثيف زيارات بيوت الشهداء وعيادة الجرحى، وزيارة أهالي الأسرى تضامناً وتعاطفاً معهم ومع أهاليهم الذين يحتاجون لمن يكون معهم في لحظات ألمهم ووجعهم، مؤكدة أن الهم الوطني هو الذي يجب أن يكون سيد الموقف في لحظات العيد» لنظهر لعدونا موقفنا المترابط والموحد في وجه هجماته وانتهاكاته وحربه الجائرة بحق أبناء شعبنا المظلوم».
والأسواق الفلسطينية في شمال ووسط وجنوب الضفة الغربية لا يختلف حالها عن حال القدس، فلا تعج بآلاف المواطنين كما جرت العادة قبل عيد الفطر، فلا الشوكولاتة بألوانها المميزة، وأشكالها الفاخرة موجودة، ولا أنواع الكعك الكثيرة متوفرة كما المعتاد، واقتصرت البضائع في الأسواق على القليل من التمور، بينما اقتصر التسوق على الاحتياجات الضرورية والمهمة وتحديداً للأطفال من صغار السن.
وتعاني الأسواق الفلسطينية عموماً من حالة الكساد غير المسبوق منذ بداية شهر رمضان المبارك، في ما تجددت الدعوات لمقاطعة البضائع الإسرائيلية بعد انطلاق العدوان على غزة، وتطويرها إلى مقاطعة حقيقية، وتنبه الناس بشكل لافت لكل ما هو إسرائيلي، كي لا يكون شريكاً في العدوان على الأهل في القطاع.
منذ انطلاق الشرارة الأولى للانتفاضة الفلسطينية في عام 1987 في غزة، والضفة الغربية لم تتخاذل في نصرتها، ونصرة أهلها، والجميع كما قال رجل مسن لـ «لقدس العربي» «نحن على قلب واحد»، وليس من الممكن أن يكون هناك عيد وسط هذه الدماء التي لم تجف بعد، وهذا الجرح النازف بغزارة في قطاع غزة، وكذلك في الضفة الغربية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى