غادة غانم: حفلتي «تمارين» أمام الجمهور

الجسرة الثقافية الالكترونة-السفير-
ليس تنظيم حفلة موسيقية ـ غنائية في بيروت زمن الارتباكات المتنوّعة سهلاً. المهرجانات الصيفية الفنية تواجه القلق والخوف، وتصنع من أمسياتها نوعاً من كسرٍ لهلع مترامٍ هنا وهناك. «تمارين» غادة غانم مزيج متكامل بين الرغبة في ابتكار الجديد على مستوى شكل الحفلة، والسعي إلى إيجادِ مُغايرٍ للمألوف في نمط التخاطب مع الجمهور، والبحث عن أفق مختلف للقول. «تمارين» عنوان حفلتها الجديدة، يعكس ـ برؤية حاذقة ـ شيئاً من رفض مبطّن وعلني في آن واحد لواقع الحال اللبنانية، فنياً وثقافياً وسياسياً وأمنياً: «التمارين تُحضّر الفنانين لتقديم أمسياتهم. لكن، يحدث مراراً ألاّ تُقدَّم الحفلة لحدث أمني من هنا، أو لسبب سياسي من هناك. القلق من عدم تنظيم الحفلة يُرافق الفنانين غالباً. أردتُ في حفلتي هذه أن أنقل بعض هذه الأجواء إلى داخل المسرح. على الخشبة، لن يكون المعتاد حاضراً. الفنان إنسان وليس شبحاً. لا يُمكن أن يأتي ويُلقي أغنياته التي يحفظها، ويخرج، فينتهي كل شيء. لنُجرّب بعض الجديد والمختلف. لتكن الأمسية تمارين نقوم بها أمام الجمهور، بدلاً من أن تكون «تسميعاً» لدرس مُلقّن لنا».
هكذا تختزل غادة غانم أجواء أمسيتها التي تقام مساء اليوم في «مسرح المدينة». فالشكل جزءٌ من المضمون، وامتداد له. والمضمون مزيجٌ من قديم وجديد في لائحة أعمالها التي تتعاون على تحقيقها مع آخرين. بالنسبة إلى الشكل، تُضيف غانم أنها وأعضاء الفرقة الموسيقية سيكونون في حالة حقيقية من التمارين: «قد أتوقّف عن الغناء، وقد لا أتوقّف. الموسيقيون سيتحدّثون بعضهم مع بعض، ثم يتابعون العزف. ستكون الأجواء هي نفسها الموجودة أثناء التمارين فعلياً». إنها المرّة الأولى التي تُقدّم غانم فيها حفلة مصنوعة بهذا الإطار: «الناس يحبّون كل جديد ممكن. يحبّون الخروج من الروتين أيضاً. الفنان لا يختلف عنهم. يريد التقرّب من الجمهور بأي وسيلة ممكنة. الخروج من الروتين أحد هذه الوسائل. الفنان نفسه يحبّ هذا أيضاً. يحبّ تغيير نمط التقديم والغناء والتواصل». إنها تجربة ضرورية، مفتوحة على احتمالات شتّى، لعل أبرزها إشراك الجمهور بما يحدث على خشبة المسرح، وإتاحة المجال أمام الجمهور للتمتّع بنمط آخر من الغناء. هذا النمط موجود في المضمون، إذ إن البرنامج غنيّ بالتنويعات المختلفة. تقول غانم إن الأمسية «متنوّعة جداً»، وإن العناوين خليطٌ من أوبرا معطوفة على مفردات التخت الشرقي الذي ألّفته هي نفسها بواسطة نغمات الـ«أكورديون» و«الكمنجة» و«القانون» والـ«كونترباص» و«الدفّ». تقول غانم: «ألّفتُ وصفة خاصّة جمعتُ فيها الشرقيّ بالغربي، مع نماذج كلاسيكيّة».
ماذا عن عناوين الأغنيات؟ تبدو غادة غانم حريصة على التنويع بين قديم وجديد. هناك ما هو من نتاجها الخاصّ، كـ«أنتَ وأنا» مثلاً. هناك أيضاً قصيدة لطلال حيدر بعنوان «صوتك مَرَق» (من أسطوانة «ريحة شتي»). هناك موشّح «يا ذا الذي». لكن اللافت للانتباه كامنٌ في توقّفها عند أحداث فلسطين المحتلّة، إذ إن عثورها على نصّ مكتوب لأطفال غزّة «شهداء الشاطئ» حرّضها على تحويله إلى أغنية: «عثرتُ على هذا النص على صفحة جو غانم على «فيسبوك»، الذي أصبح «صديقاً افتراضياً» لي. أعجبني النصّ كثيراً. تواصلنا معاً بعد قراري بتحويله إلى أغنية. استمع إلى اللحن، فوافق. إنها «وليدة إنترنت». تمّ الاشتغال عليها خلال أسبوع واحد. لذا، أقول إني سأقدّم مطلع أغنية جديدة خاصّة بهؤلاء الأطفال».