غثيان الزمن الضائع / د. حيدر البستنجي (شاعر أردني مفيم في قطر)

الجسرة الثقافية الالكترونية-خاص-
(1)
اللوحةُ تَسخرُ من مرآة الدارِ
قد شاخ الكل سواي
يشرقُ وجه المرآة بخبثٍ يحكي
أنا بهو الوقتِ وقلبي جرن الأسرار
(2)
كلّ ثانية تمضي بدون جدوى هي وقت ضائع ، يستهلكنا الوقت حين نتوهم أننا من يستهلكه لكن بنفس القسوة التي أطلقها جاك دريدا على إرتباط استباق المستقبل بصيغة الخطر المطلق، غرفت تيتانيك لأنها كانت تستعمل محركا من زمن الرادار الذي لم يوجد بعد فكل ما جاء قبل أوانه لم تتحقق شروطه ولكن ماذا نفعل في المقابل للتخلص من إرث سنوات الجمود الطويلة حين كنا نغط بسبات عميق والعالم حولنا مرجل يغلي هذا الإشكال عميق ومثير للغثيان .. ليسَ غثيان سارترالوجودي بل هو جوهر الشرط التاريخي الكَينونة وَالصرخة الوجودية معا ، لنقل إننا مدعون إلى إعمال الفكر في طاقتنا المهدورة وأهمها الوقت وكأنها لعنة سيزيف كلما بنينا منجزاً ما حتى لوكان ناقصا تضافرت عوامل الهدم علينا ومن داخلنا حتى صرنا نمضي خطوة للأمام وعشرات الخطى للخلف ، حتى فترة قريبة كان لدينا خميرة معرفية أصداء تاريخانية العرى العروبية و نظريات سيف الدولة في الثورة والتحديث أو حتى نقد الجابري للعقل العربي و وأركون شروحاته المستفيضة ونقده للعقل الإسلامي كل هذا إذا إجتمع مع بوادر فكر اقتصادي عربي معاصر كما عند سمير أمين وأتباعه، هذه الخميرة وغيرها والتي كانت بحاجة إلى فسحة من الوقت وهامش أوسع من الحرية كي تنتج صيرورة خاصة وديناميكية فاعلة هذه الخميرة للأسف إرتدت عليها كهوف التاريخ وسردياته الموغلة في الدم والدمار لتعيدنا إلى ماقبل الدولة إن لم يكن ما قبل التاريخ.وبإنتقال المفكرون ورجال العلم إلى الصفوف الخلفية لم يعد يتصدر المشهد العربي اليوم غير بساطير الجنود ووحشية الإرهابيين وعقارب الساعة التي تدور للخلف نتسارع هائل.
غاص اينشتاين في البحث عن الزمن ثم أعلن أن الزمن مجرد وهم وكل شئ يحدث بالتزامن!! اما الفيلسوف الفرنسي برجسون فقد قسم الوقت الى نوعين الوقت العلمي الذي يقسم الساعة إلى ستين دقيقة والدقيقة إلى ستين ثانية وهو وقت ثابت لا يتغير والوقت النفسي وهو الوقت الذي يعيشة الإنسان ويستمتع به وهو بالنسبة له الوقت الحقيقي وبالنسبة لمعظمنا في هذه البقعة المجنونة من العالم فنحن مثل صديقنا جبر من بطن أمه للقبر يمر علينا الوقت ونحن في متاهة نتحسس سبل الخروج منها دون حظ كبير.