فرقة «المولوية» المصرية تُنشد رسائل السلام

سامر سليمان

اجتمع خمسة منشدين وراقصين وخمسة عازفين في فرقة واحدة هي «المولوية»، لا تفرق بينهم عقيدة دينية ولا أيديولوجيا سياسية ولا اقتناعات فكرية سوى السعي نحو «السلام الذي يبدأ من الداخل عبر حالة من التأمل داخل النفس، من أجل تحويل الخطاب من المادة إلى الروح التي هي الفطرة الأولى للإنسان».
يقول يوسف الرومي إن الفرقة لم تتكون بترتيب معين أو وفق بحث من أحد الأطراف، «وإنما هي الصدفة البحتة والعشق الإلهي والرفض للعالم الخارجي وماديته وصلادته وتصنعه، وقسوة آلياته وخواء أفكاره وبرودة أداءاته».
اتخذت الفرقة من أشعار الصوفي الشهير جلال الدين الرومي ونثرياته مادة أساسية لعروضها، والمولوية طقس صوفي ابتدعه ابن جلال الدين الرومي عندما توفي والده، فقد أقام لأبيه كل يوم ليلة «عرس»، تنفيذاً لوصــية الرومي حين قال: «لا تبكوا يوم وفـــاتي فهــــو يوم عرسي وزفافي».
ويقول يوسف الرومي: «بالاندماج مع الذات الإنسانية تتوحد طاقات المنشدين والراقصين والعازفين والحضور». ويضيف أن الفرقة تسعى الى نشر روح السلام، «فالإنسان إذا شعر بتردد الروح في جسده سار في طريق السلام، فالسلام لله والله هو الحب بين البشر، وحب الله هو السلام بين البشر». والى جانب أشعار الرومي تنشد الفرقة للحلاج وابن الفارض، إضافة إلى الابتهالات الدينية ومدائح في حب الله.
لم يمثل اختلاف الديانة عائقاً أمام الفرقة، ويوضح يوسف: «اجتمع عازف ناي مسيحي وعازفة عود مسيحية ومنشد مسيحي ولاعب إيقاع مسلم وآخر مسيحي. لم نلتفت إلى فكرة مسلم ومسيحي إلا عندما تنبه لها العالم في ظل موجة التشدد والإرهاب التي ألمت بعالمنا العربي».
ويضيف: «ينسب اسمي إلى مولانا جلال الدين الرومي فأنا أتبع طريقه ومنهجه في حب الله. نحن ننشد معاً ونعزف معاً ونرقص معاً منذ فترة طويلة، وفجأة اكتشفنا أننا مسيحيون ومسلمون، وفجأة اكتشفنا أن هناك من يسعى إلى تفرقنا. ولكننا فريق واحد وسنظل كذلك وللنهاية».
ويوضح: «ما نقدمه اليوم هو محاولة جادة لتقريب المسافات بين الناس.
ولهذه الغاية تنقلنا في كل أنحاء مصر، جبنا شرقها وغربها وخيّمنا في صحرائها وفيافيها. ذهبنا إلى صحراء الفيوم والدلتا وأسوان والقاهرة والإسكندرية… لم نترك مكاناً في مصر إلا قصدناه».
قدمت الفرقة أخيراً حفلة في الإسكندرية وسط حضور كبير من عشاق المولوية، وفيها أنشدت «يا مولاي»، «ته دلالا «، «رآنا ربنا قوما»، «زفة بارك المحفل»، مع أداء راقصي المولوية الصوفية بملابسهم البيضاء الفضفاضة، ما أضفى حالة من الصفاء الوجداني التي جذبت الجميع واتسقت مع روحانيات شهر رمضان.
يذكر أن جلال الدين الرومي (1207 – 1273) هو محمد بن محمد بن الحسن البلخي، ولد في بلخ بأفغانستان وانتقل مع والده إلى بغداد، ثم عاش في قونية. رجل دين ومتصوف له العديد من المؤلفات في التصوف والشعر أبرزها «معارف بهاء ولد».
لقب بـ «مولانا»، وقد أوصى أن يكتب على قبره بيت شعر يقول فيه: «لن تكون الأرض بعد الموت قبري… إن قبري في صدور العارفين».

(الحياة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى