فنانون مهمتهم إفشال الأعمال وإحباط المشاركين

الجسرة الثقافية الالكترونية

*مصطفى عبد المنعم

المصدر: الراية

العديد من التجاوزات قام ويقوم بها بعض الفنانين داخل الوسط الفني تجاه زملائهم، كثير من الأحقاد والضغائن يمكن أن تتولد من جراء التنافس على حجز مقاعد الصف الأول داخل بورصة النجوم، ولكن أن تتجاوز هذه الخلافات والصراعات حدود الوطن فهذا ما لا يمكن السكوت عنه، فقد اشتكى بعض المشاركين من تصرفات غريبة سلبية حدثت على هامش المشاركة القطرية بمهرجان الشارقة الأول للمسرح الخليجي والتي تمثلت في عرض مسرحية المرزام من تأليف وإخراج عبد الرحمن المناعي وبطولة كوكبة من الفنانين القطريين، وقد اعتبر البعض أن هذه التصرفات تسيء للوفد القطري ولسمعة الحركة المسرحية القطرية بشكل عام، وهو الأمر الذي دعا جريدة  الراية  للتصدي لهذه القضية الخطيرة ووضعها أمام المسؤولين والفنانين في محاولة لإيجاد حل جذري لها، وفي أعقاب عودة الوفد من الشارقة حدثت موجة من ردود الأفعال بين عدد من الفنانين في الوسط المسرحي ممن استاؤوا كثيرًا واعتبروا أن الاعتراف بالمشكلة ومحاولة إيجاد حل لها خطوة على الطريق الصحيح لعلاج واحد من أهم أمراض المسرح القطري، بينما خشي البعض الآخر من فتح القضية باعتبار أنه موضوع حساس وربما يغضب البعض.

 

ومن ضمن هؤلاء الذين تفاعلوا كثيرًا مع ما حدث هو الفنان سالم ماجد رئيس وفد قطر خلال المشاركة الأخيرة بمهرجان الشارقة للمسرح الخليجي الذي بدأ حديثه مع  الراية  قائلاً: “ابتعدت عن المجال بسبب مثل هذه الأمور”!.

 

 

 

العامل الهادم للمسرح

 

وأشار الفنان سالم ماجد إلى أن هناك أمرًا شديد الغرابة تحول إلى ظاهرة في الوسط الفني المسرحي القطري ويتكرر في المشاركات الخارجية أو المهرجانات، حيث إن هناك من يحرصون على المشاركة فقط لإسقاط الروح المعنوية وإفشال المهام وإحباط المشاركين، وبدلاً من أن نشاهد حالة من الدعم والتشجيع والتفاخر بتنا نرى حالة من الهدم والإحباط والتناحر، وللأسف لا ندري لما هذا التناحر ولماذا هذه الروح؟

 

وقال ماجد إنه كان سعيدًا جدًا بالعمل القطري المرزام وكان يشعر أنه من الأعمال المميزة وبعد العرض تفاجأ كثيرًا من الردود التي قالها البعض في أعقاب العمل، حيث كانت غالبيتها سلبية مما أصابه بإحباط شديد، وأعرب عن صدمته الشديدة لنتائج المهرجان ولرد فعل بعض المشاركين الذين باركوا قراراتها، والمفترض أنهم أن لم يقولوا خيرًا فليلتزموا الصمت، فنحن في الأخير نمثل دولة قطر وإلى متى ستطغى العلاقات الشخصية على المصلحة العامة، ولو استمررنا على هذا المنوال سنتذيل قائمة المسرح في العالم كله.

 

 

 

النقاد الحادقون

 

وعن تفاصيل ما شهدته الندوة النقدية التي أعقبت عرض مسرحية المرزام قال الفنان سالم ماجد رئيس الوفد القطري لـ الراية : الناقد الحاقد هو ذلك الشخص الذي تراه موجودًا في مثل هذه الأعراس الفنية والتظاهرات الثقافية، وعادة ما يبدأ هو في التعليق إذا ما فتح القائمون على الندوة باب المشاركة للحضور، ويبدأ كلامه وحديثه بحسب ما يريد للندوة أن تسير إما سلبًا أو إيجابًا لخلق حالة من التوجيه العام لدى جميع الحضور، خاصة أنه يتم انتقاؤه بعناية ويكون من ذوي الألسن ولديهم دراية بفنون المسرح، وهؤلاء النقاد الحاقدون عادة ما يكونون مدفوعين بأهواء شخصية لمصلحة آخرين يدفعونهم للأمر ويبقون بعيدين عن الأعين وكأنهم لا علاقة لهم بما يحدث وهؤلاء أشبه بالمرتزقة وظيفتهم إفساد الندوات، لتتحول الندوة من حدث نقدي يضيف للعرض المسرحي ويتناوله نقدًا بشكل علمي مدروس يستفيد منه الجميع إلى ندوة للتطاول والإقصاء.

 

 

 

سبب ابتعادي عن الوسط

 

ويؤكّد سالم ماجد أن مثل هذه التصرّفات التي أصبح الوسط الفني والمسرحي يعجّ بها قديمة وليست حادثة، وأنها كانت السبب الرئيس في ابتعادي عن المسرح وهناك كثيرون ممن يرتكبون هذه الأفعال لا يعلمون أنه على الباغي تدور الدوائر وسوف يتجرعون مرارة الكأس، وطرح ماجد سؤالاً اعتبره بديهيًا وهو.. لماذا لا ندعم بعضنا البعض خاصة في المحافل الخارجية؟ ولماذا لا ننحي الخلافات الشخصية بعيدًا عندما يتعلق الأمر بالمصلحة العامة لدولة قطر؟ ولماذا لا نعلي اسم قطر على خلافاتنا مع بعضنا البعض ونعتبر أنه تنافس من أجل خدمة الحركة المسرحية؟ وأكّد أنه لا يستثني أحدًا من هذا الأمر ولا يخص أحدًا أيضًا، موضحًا أنه يحاول أن يضع المشرط على الورم السرطاني في محاولة لاستئصاله حتى نقضي عليه، لافتًا إلى أن هذا لن يحدث دون أن نعترف بالمشكلة ونواجهها ونسعى لحلها بمنتهى الصراحة، وهذا الأمر يستلزم شجاعة حتى لا نظل متخلفين أو مغردين خارج السرب، وكرّر ماجد قوله بأنه لا يستثني أحدًا حتى نفسه من الإصابة بأمراض المسرح داعيًا إلى ضرورة المساهمة في القضاء على مثل هذه الظاهرة.

 

ويضيف رئيس الوفد القطري بمسرحية الشارقة إن الأمر لا يقتصر على صراعات داخلية لعدد من الفنانين وإنما يتخطاه للدرجة التي يقول فيها أحد الفنانين الإماراتيين – محمد يوسف الغانم- وهو من الفنانين القدامى الذين عملوا في قطر في مجال الفن منذ 40 عامًا وحاليًا يعمل في الإمارات: تركتكم كل هذه السنوات وما زالت هذه الظاهرة كما هي! ويقول سالم ماجد: الآن عرفت أهم أسباب تأخر الحركة المسرحية القطرية وهي عدم تفريق الفنانين بين مشاكلهم الخاصة وبين سمعة قطر وصورتها أمام العالم.

 

وأكّد ماجد أن ما حدث بمهرجان الشارقة يدعو للحزن على حال الوسط الفني والفنانين جميعهم وأنا أولهم، خاصة عندما نشاهد مواطنين بعض الدول المجاورة وهم يقفون على قلب رجل واحد بالمشاركات الخارجية ويحضرون لمؤازرة فرقهم بسياراتهم الخاصة ويذودون عنهم ويحسنون صورتهم بعكس ما حدث لوفودنا.

 

 

 

لجنة تحكيم مسيسة

 

كما انتقد رئيس الوفد القطري أداء لجنة التحكيم في المهرجان، وقال إن عليها مآخذ وملاحظات أبرزها أنها حولت المسألة الفنية والثقافية التي تربط بين الشعوب إلى مسألة سياسية، فمن بين أعضاء لجنة التحكيم شخص ذو كلمة ورأي نافذ نجده يجاهر بعدائه لدولة وينتقدها على مواقع التواصل الاجتماعي، وعضو آخر يضع أمامه الخلافات السياسية بين الدول ويجعلها تؤثر على قرارات اللجنة، فكيف للجنة أن تكون هي الخصم والحكم في الوقت ذاته، لذلك كان من الطبيعي أن نشاهد تحاملاً واضحًا على العمل القطري، فلا يعقل أن تكون مسرحية المرزام بلا حسنات سواء النص أو الديكور أو أداء الفنانين!!.

 

وطالب ماجد بضرورة مراعاة مثل هذه الأمور عند اختيار أعضاء لجان التحكيم في مختلف المهرجانات، فالفن يجمع والسياسة تفرق.

 

 

 

رغبة صادقة من الفنانين

 

وقال ماجد إن المهرجان كان يتميز بالتنظيم الجيد، حيث تم الإعداد والتحضير له مبكرًا وأشرف عليه سمو حاكم الشارقة الدكتور سلطان القاسمي بنفسه فخرج بشكل إيجابي، وقد حضرنا قبيل انطلاق المهرجان بأسبوعين من أجل التحضير والإعداد للمهرجان ووجدت اهتمامًا غير طبيعي بالمسرح وحرص من الجميع على أن تتطور الحركة المسرحية، وهذا الحرص والرغبة الموجودة لدى المسؤولين عن الحركة الثقافية أو الفنية لن يكون لها قيمة دون أن توافقها رغبة صادقة من الفنانين أنفسهم، وهذا الأمر الذي أتمناه أن يتحقق فمهما أقمنا مهرجانات أو فعاليات أو زادت أعداد الفرق دون رغبة حقيقية صادقة من الفنانين لخدمة الحركة فلن نحقق أي تقدم وسنظل ندور في هذه الحلقة المفرغة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى