فوكو والثورة الإيرانية في «كلمن»

الجسرة الثقافية الالكترونية-السفير-

 

*حسن نصور

يذكّر العدد العاشر من مجلة «كلمن»، الفصلية الثقافية الصادرة مؤخرا، بحوار صحافيّ من صيف 1979 أجراه فـارس سـاسين مع المفكر الفرنـسيّ الشهـير «ميشيل فوكو». الندوة التي استضافها «مركز دواوين – بيروت» مساء الخميس احتفالا بالاصدار العاشر لـ«كلمن» أحالت في جزء وازن من وقت الندوة الى التساؤل حول توصيف فوكو الاشكاليّ والمثـير. بطبيعة الحال للثورة الإسلامية في ايران آنـذاك بكـونها ثورة ذات (روحانية سياسيّة spiritualité politique).

حضور الشخص الذي تحدث مباشرة، مشافهة الى فوكو (توفي 1984) في المقابلة التي نشرت آنذاك في «النهار العربي والدولي»، عدد 26 آب 1979، أعني حضور «ساسين»، كان من شأنه استنطاق ذاكرة انطباعاته المباشرة من المشافهة، مضافة الى آراء فوكو طبعا، حول الاستخدام الفوكوي الشهير لهذا التوصيف حول ثورة إيران 1979 التي زارها فوكو مستطلعا مرتين اثناء الثورة. أسئلة تصب في محاولة فهم مدى علاقة فوكو بالحالة الايرانية، وسياقات الدلالة من استخدامه لمصطلح «روحانية» في هذه الحال بالذات؟ أو مدى درايته بالتباس العلاقة التاريخية والنفسية بين المؤسسة الدينية الايرانية (الحوزة الشيعية) كسلطة دينية من جهة، والسلطة القائمة من جهة أخرى؟ بما يجعل الفهم او الجدل حول آراء فوكو في هذا الحيز ذا قيمة أعلى.

يشار الى كون عرض ساسين حول الدافع لمقابلة صاحب «تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي» اتسم بالجودة والأهمية، أمام حضور محدود بطبيعة الحال، لا سيما في تطرقه لعمل فوكو الفائق «الاسماء والاشياء» من جهة كونه استيعابا عميقا وقلبا، اذا صح التعبير، لتاريخ الفكر الحديث من السادس عشر الى التاسع عشر. (بحسب ساسين، لم يكن فوكو راضيا عن هذا العنوان على حساب العنوان الاصلي: نظام الاشياء l’ordre des choses.

تقديم أحمد بيضون محاور ساسين في الندوة ذكّر بأهمية المحاورة بين ساسين وفوكو كمحاورة راهنة، بوجه من الوجوه، موصولة بالأسئلة الانسانية. اذ تظل الاشكاليات الناشئة بين السلطة، أي سلطة ذاتية او موضوعية، ومنابتها وأشكالها من جهة، وجدوى المعرفة والكتابة والتأليف وعلاقة هذه الاشياء بالافراد في حقب الحداثة من جهة أخرى. نقول تبقى تلك الإشكاليات مواردَ مفتوحة في ذهن المتلقي، بمعزل عن حيثية الجدَل الفوكوي في الراهن اليوميّ من الحياة الثقافية لمجتمعات العالم الثالث.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى