فيلم «لعبة المحاكاة».. البحث عن حل للحرب

الجسرة الثقافية الالكترونية

محمود الزواوي*

المصدر / الراي الاردنية

– يجمع فيلم «لعبة المحاكاة» أو «لعبة التقليد» بين أفلام السيرة الذاتية والدراما والإثارة والتشويق والحربية، وهو من إخراج المخرج النرويجي مورتين تيلدوم ومن إنتاج بريطاني – أميركي مشترك، ويستند إلى سيناريو للكاتب السينمائي جراهام مور مبني على كتاب بعنوان «ألان تورنج: اللغز» من تأليف الكاتب أندرو هودجيز.

وقصة فيلم «لعبة المحاكاة» مبنية على شخصيات وأحداث حقيقية، تدور حول حياة وإنجازات عالم الرياضيات البريطاني ألان تورنج (الممثل بنيديكت كمبرباتش)، الذي عرف أيضا بقدرات علمية متعددة، حيث كان شخصية رائدة في علوم الكمبيوتر ومحللا للشفرة السرية وعالما بالمنطق وفيلسوفا. وترأس هذا العالم خلال الحرب العالمية الثانية فريقا من العلماء والخبراء البريطانيين من مختلف التخصصات، ممن شملوا علماء الرياضيات واللغويين وأبطال الشطرنج وضباط الاستخبارات، وكانت مهمة هذا الفريق فك شفرات الرسائل السرية الألمانية وإنهاء الحرب العالمية الثانية. وتمكّنت قوات الحلفاء من هزيمة القوات الألمانية في عدد من المعارك الحاسمة بفضل مجهود هذا الفريق في تفكيك الرسائل المشفرة الألمانية. وقدّر أن مجهود ألان تورنج وفريقه أدى إلى تقصير فترة الحرب العالمية الثانية بين سنتين وأربع سنوات. وتلقى هذا الفريق دعما كبيرا من رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرتشل الذي وضع في متناول أعضاء هذا الفريق كل الموارد التي احتاجوا إليها، ومما قاله تشرتشل إن ألان تورنج قدّم أكبر إسهام فردي في انتصار الحلفاء في الحرب ضد ألمانيا النازية.
وتغطي أحداث قصة فيلم «لعبة المحاكاة» المراحل المختلفة لحياة ألان تورنج، بما في ذلك سنوات المراهقة التعيسة التي قضاها في مدرسة داخلية، ونجاحه في عمله السري الإلكتروني الميكانيكي الذي كان قادرا على فك 3,000 من الشفرات السرية البحرية الألمانية في اليوم والإسهام في إنهاء الحرب العالمية الثانية. وعمل تورنج بعد الحرب في المختبر الفيزيائي القومي البريطاني ثم في مختبر الكمبيوتر بجامعة مانشستر، حيث لعب دورا كبيرا في تطوير أجهزة الكمبيوتر.
وحوكم تورنج في العام 1952 بتهمة ممارسة تصرفات مثلية، حين كان مثل هذا السلوك عملا إجراميا في بريطانيا، ووافق تورنج على تلقي العلاج مقابل عدم دخول السجن. (ألغي قانون منع ممارسة المثلية في إنجلترا وويلز في العام 1967، وفي الأجزاء البريطانية الأخرى في سنوات لاحقة). وأقدم تورنج على الانتحار في العام 1954 حين كان في سن الثانية والأربعين. وفي العام 2009 قدّم رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون اعتذارا باسم حكومته عن «المعاملة المروّعة» التي عومل بها ألان تورنج، وأصدرت الملكة إليزابيث عفوا عنه في الشهر الأخير من العام 2013.
ويقدّم فيلم «لعبة المحاكاة» تغطية للجوانب العلمية والإنسانية لشخصية العالم ألان تورنج، مستخدما أسلوب العرض الارتجاعي لإلقاء الضوء على حياته وإدخال المشاهد إلى عالمه. وصدر الفيلم في الذكرى السنوية الستين لوفاته. ويتعلق الفيلم بأحداث غيرت التاريخ ويتناول ويلات الحرب ومآسيها ويلقي نظرة واقعية على لعبة الجاسوسية. ويستمد فيلم «لعبة المحاكاة» أو «لعبة التقليد» هذا الاسم من اختبار أجراه العالم ألان تورنج في العام 1950 حمل هذا العنوان وعالجه في بحث يتعلق ببذور التطور في المستقبل حول الذكاء الاصطناعي بعنوان «الآلات الحاسبة والذكاء». ويرمي هذا الاختبار إلى الإجابة عن السؤال «هل بوسع الآلات أن تفكر؟»
ويجمع فيلم «لعبة المحاكاة» بين العديد من المقومات الفنية كقوة الإخراج وسلاسة العرض السردي وبراعة التصوير والموسيقى التصويرية والمونتاج وسرعة الإيقاع والإنتاج الفني، بالإضافة إلى قوة أداء الممثلين، وفي مقدمتهم بنيديكت كمبرباتش الذي يعيش دور العالم ألان تورنج. وهناك اتفاق عام بين النقاد على أن فيلم «لعبة المحاكاة» واحد من أفضل أفلام العام 2014.عرض فيلم «لعبة المحاكاة» في 46 مهرجانا سينمائيا، وهو إنجاز لم يحققه أي فيلم آخر من إنتاج العام 2014، ومن هذه المهرجانات مهرجان لندن السينمائي ومهرجان دبي السينمائي الدولي. وفاز الفيلم بأربع وثلاثين جائزة شملت 18 من جوائز المهرجانات السينمائية و16 من جوائز روابط نقاد السينما. واحتل فيلم «لعبة المحاكاة» في أسبوعه الافتتاحي المركز الثاني في قائمة الأفلام التي حققت أعلى الإيرادات في دور السينما البريطانية، وبلغت إيراداته العالمية الإجمالية 36 مليون دولار خلال شهر، فيما بلغت تكاليف إنتاجه 15 مليون دولار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى