في اصطياد الشمس و اختلاط الفرح / إبراهيم العامري

الجسرة الثقافية الالكترونية – خاص –
لعل الشمس اكثر الكائنات اقترابا وبعدا من البشري والسبب بطبيعة الحال لا يعود بالمطلق لتلك المسافة الزمكانية التي تفصلنا عن هذه النجمة العملاقة ولا لتلك الحرارة التي تخترقنا كبشر رغما عن فعل الاسمنت والقماش، الشمس فخ كبير لفكرة صغيرة يندرج تحتها كثير من القلق والمعرفة وفي احيان كثيرة الفرح القسري.
كان هذا قبل بضعة عقود ، كنت صغيرا في ذاك اليوم، وكنت مشاكسا كما انا الان، حذرتني امي وغسلت وجهي والبستني قبعة كبيرة غطت راسي بالكامل، وطلبت مني كالعادة ان احذر الشمس وضربتها المميته، خرجت من منزلي وانا اتخيل هذا القرص الذهبي الساخن يشبه ذئبا يتربص بي او حتى قبضة مشتعلة كبيرة قد تهبط علي بوزن طن مشيت كهدف عسكري. وكنت اتجنبها بالقبعة حينا؛ وبتحذيرات امي حينا اخر، وكان نبع الماء القريب ملاذي الوحيد كي ادخر قواي لمواصلة المسير والعدو صوب المدرسة لكن الفراشة الجميلة التي لاحقتني قبل وصولي، اجبرتني على خلع القبعة لاصطيادها، وسريعا ضربتني الشمس وقتلتني لون الفراشة لكني لم امت. مكثت في المستشفى البدائي في منطقتي لمدة يومين وزارني جمع غفير من اهالي القرية مستغربين من نجاتي.
قبل ايام وصلت المطار ذاهبا للخليج العربي، كنت منزعجا بما يقال عن ندرة الوجوه العربية واختلاط اللغة بين العربية ولغات اخرى تمتزج بين الانجليزية والبنغالية او الهندية وكنت فرحا انني لن اقابل متسولي الاشارات على اشارات عمان، او تلك البائعة التي تبيع الفرفحينا والبرغل امام مخبز ابو شرخ قريبا من الجامعة الاردنية، التي تشعرني بحالة بؤس شديدة تكدرني طوال اليوم، وصلت الطائرة العملاقة التي ابتلعت المئات بطاقمها متعدد الجنسيات من مضيفات يبتسمن قسريا وطيار بلكنة انجليزية هندية، عبرت بنا فوق الصحراء الشاسعة للسعودية قبل ان تهبط في مطار الدوحة، المطار نظيف بشكل لافت وهناك رجال ونساء يدلونك على الطريق، وحده مسؤول الموظفين كان فلسطينيا وقد باغتُّه بسؤال بالعربية وسألته عن طائرة الدوحة – الشارقة مع أنني كنت اعرف مكانها كنت احاول ان اثبت لنفسي براعة ما في قراءة الوجوه وتمييز الوجه العربي من الوجه الطارىء ، أجاب مبتسما وذهبت على عجل احمل حقيبة الكتف ركبت الطائرة صوب مطار الشارقة ومن هناك بدأت الحكايات.
يتبع ..