في انتظار موعد آخر

الجسرة الثقافية الالكترونية

*نجوان درويش

 

في نهاية نيسان/ أبريل 2010 وصلتُ مكتب المعماري جعفر طوقان في جبل عمّان، قبل موعدي بدقائق. كنت راسلته بهدف إجراء حوار صحافي. ليس من موقع المتخصص، بل من شغف بأسئلة العمارة العربية المعاصرة. كان أيضاً الفضول لرؤية طفل الشاعر إبراهيم طوقان (كنت عرفت قبل فترة قصيرة أن صاحب “موطني”، الذي رحل شاباً، ترك طفلاً وطفلة مع قصائده). أثناء الانتظار بدت سكرتيرته مرتبكة قبل أن تقول: “أرجو ألا تُفاجأ حين يصل المهندس جعفر”. لم تكن لديّ فكرة عن وضعه الصحي الذي رجتني ألا أتطرق إليه في ما سأكتبه. فهمت منها أنه رغم العارض الصحي ما زال يدير مشاريعه المعمارية بنفسه. وبينما نحن نتحدث دخل على كرسي متحرّك يدفعه مرافقه. لم يكن يستطيع الكلام تقريباً لكن هذا لم يقلل من بشاشته. فهمت سريعاً أن من الصعب إجراء حوار. قلت له: “شغلي أن أسمع الآخرين دائماً؛ اليوم هي فرصتي لأن أتحدّث”، وانطلقت أروي له قصصاً لا أعرف من أين جئت بها ولا أذكر منها شيئاً الآن. لكن ما لا أنساه هو ضحكه المتواصل ومكابدته في ذلك، وخشية مرافقه وارتياحه أخيراً لأن اللقاء انتهى ولم يود الضحك بحياة المهندس جعفر. أتذكره الآن بعد سنوات، ومرور شهر على رحيله، وأسئلة العمارة العربية باتت أكثر حرجاً. لا بد من لقاء جاد هذه المرة. لا بد من موعد آخر.  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى