في حفل غاب فيه التنظيم والإعداد الجيد في عمان توزيع جوائز طمليه للكتابة الساخرة في غياب الفائزين!

الجسرة الثقافية الالكترونية –
اية الخوالدة
وسط غياب الفائزين والتنظيم الجيد أعلنت دار طمليه للدراسات والأبحاث عن نتائج «جائزة الكاتب الراحل محمد طملية الإبداعية في القصة القصيرة والمقالة الساخرة» في المركز الثقافي الملكي في العاصمة عمان.
الحفل الذي رعته وزيرة الثقافة الاردنية لانا مامكغ، افتقر إلى التنظيم والإعداد الجيد، حيث اتضح من كلام عريفة الحفل ميساء القرعان، عدم تواصل إدارة الجائزة مع الفائزين بالشكل المطلوب، حيث أعلنت عن اسم الفائز الثاني بصيغة المذكر والمؤنث، كون الاسم مجد مالك خضر، يحتمل الجانبين. ولم يحضر منهم سوى فائز واحد، فيما اقتصر العرض التوضيحي على صورة واحدة من صور الراحل طمليه، بينما يزخر أرشيفه بالكثير من الصور في مختلف مراحل حياته في الصحافة ومرحلة مرضه.
انطلق الحفل بكلمة مامكغ التي تحدثت عن طمليه ككاتب، مبينة: «سحر شخصية الراحل تكمن في غياب أي مسافة بين ما يقول ويفعل، ولأجل هذا التناغم كان قادرا على إثارة الدهشة، وكان قادرا على التحليق كاسرا لكل القيود التي من حولنا. لغة محمد لغة شعبية طفولية بسيطة مغامرة».
وأنهت الوزيرة كلامها حول الجدلية التي تحوم حول تصريحاتها عن المثقفين، موضحة: «تحدثت عن ما يسمى بأنصاف المثقفين ومن هو المبدع والفئة التي تعاني من وهم الإبداع لا الإبداع. النص أما ان يكون متوهجا بالإبداع ويترك الدهشة ويضيء العقل النور أو لا. والدليل وجود أعمال أدبية روائية وقصص قصيرة قرأناها العديد من المرات وفي كل مرة نشعر بالدهشة وتركت فينا الاثر الكبير».
وأطلق رياض طمليه شقيق الراحل موقع دار طمليه الالكتروني وأعلن استمرارية الجائزة تحت رعاية أحد الجهات الثقافية في المملكة. وقدم تعريفا عن أهم الجوانب التي سيتضمنها الموقع. كما وقرأ المقال قبل الأخير الذي كتبه الراحل بعنوان «المتسول» والذي جاء على النص التالي «لا أعتمد على نفسي حتى في المكان الذي تقتضي اللباقة فيه، ان أجلس وحدي بين أربعة جدران صغيرة، يلزمني من يعاونني، رياض أخي الاصغر يفي بالغرض، إنْ كنت تتحدث عن اللسان فهو ثقيل واليد اليمنى مشلولة والقدمان مثقلتان وأنا أراقب كل هذا الانهيار وأبتسم. لو انه يتاح لي ان أحمل اناءا صغيرا أدور على البيوت وأقرع الأبواب بابا بابا، أعطني من باب الله، فيرمي أحدهم قرشا لأعيش بمقدار قرش وأحيانا ثلاثة قروش وتتابعني واحدة من أعضاء الاتحاد النسائي، اكتفت بالتضامن معي فقالت شيئا ودودا ومضت، ورجل يضع على عينيه نظارتين داكنتين، كان كريما وأعطاني عشرة أيام «فراطة». أحمل إنائي ورجل آخر أعطاني يوما لأعيش ويبدو ان الثاني أكرم فقد أعطاني ثلاثة ايام فراطة واتساءل «هل يستحق مجرد الوعي كل هذا العناء؟ وهل تستحق مراجعة المدينة الطبية للشفاء كل هذا العناء؟ وهل يستحق مجرد العيش ان ابقى حيا؟ تتشكل لدي في النهاية كمية من الوقت تكفيني كي أعيش ولكن هل تستحق الحياة؟!
وقرأ الاعلامي أسعد خليفة مجموعة من النصوص المنشورة للراحل ضمن كتابه «نصوص خادشة للحياد العام» نذكر منها: «لا يوجد فرق بين نملة و أخرى وسائر الحوامل يتميزن ببطون منفوخة، والقبلات بلا عاطفة صدأ على الشفتين ورنين الهاتف في بيت مهجور لا يعني شيئا والمرأة الزنجية تدر حليبا أبيض مثل كل النساء، والثلج لا يكون أسود في بلاد الزنوج، وأيامي رتيبة مثل موال لمطرب مغمور في عرس أرملة».
وفي كلمة عايدة معايطة تقول: «منذ كتابة قصته الاولى وهو في الثامنة من عمره في قرية ابو ترابة شمال الكرك، مرورا بعمان التي فتحت له دروب الشهرة ومنحته مزيدا من القهر، وأصبح الساخر الأول فيها يقلب كياناته ويتحرش بمسؤوليها. بسيط بساطة القروي الذكي الذي يعشق قريته، درس في الجامعة الاردنية وأسس للمقال الساخر، يضع أصبعه على الجرح العميق ويكتب بمرارة ممزوجة بابتسامه تلك المرارة التي نلاحقها يوميا».
وفي نهاية الحفل عُرض فيلم قصير بعنوان «نزهة» لرياض طمليه مستوحى من مقالة الراحل «نأسف لإزعاجكم»، وقدمت مامكغ الجوائز لأصحابها الذين نودي على اسمائهم ولم يظهر منهم إلا واحد. وهم محمود الشمايلة عن قصة «نحيب ورحيل»، مجد مالك خضر عن قصة «البطاطا أكثر مما ينبغي»، وفداء اسماعيل العايدي عن قصة «الكنافة». هذا وقد تم حجب جائزة المقالة لعدم وصول أي منها الى المستوى المطلوب. وقدمت دار طمليه للنشر شهادة تقدير للدكتور نزار قبيلات ورفعت العلان وعريفة الحفل ميساء القرعان.
حظي محمد طمليه بالكثير من الاصدقاء من الصحافيين والكتاب الذين لم يتخلوا عنه في فترة مرضه كما صرحت القرعان. يقول الشاعر والصحافي اسلام سمحان لـ «القدس العربي» وهو من الاصدقاء المقربين لطمليه: «مرض السرطان منح أصدقاء طمليه الفرصة للالتفاف من حوله والبقاء معه، وأصدقاء طمليه ليسوا وحدهم الصحافيين او الكتاب، بل القراء والمعجبون، حيث كانت له حياة جميلة بينهم. وطمليه اختار نوعا آخر من الأصدقاء هم الوزراء والنواب والشخصيات السياسية البارزة التي كانت موضع سخرية في كتاباته».
محمد طمليه أول من كتب مقالا ساخرا في الأردن. وقد استطاع أن يوجد لنفسه أسلوبا فريدا، فجمع بين الأسلوب الصحافي والأدبي في الكتابة. توفي عام 2008 بسبب إصابته بمرض السرطان، وله من المؤلفات: «جولة العرق» قصص 1980، «الخيبة» قصص 1981، «المتحمسون الأوغاد» قصص 1986، «يحدث لي دون سائر الناس» كتاب مشترك مع عماد حجاج 2004، «شاهد عيان» أدب ساخر 2013، إليها بطبيعة الحال «نصوص خادشة للحياد العام» أدب ساخر 2007 و»على سرير الشفاه» مقالاته أثناء إصابته بالمرض وصدرت عام 2012.
القدس العربي