في عمّان: السينما كمضادّ للأشعة النووية

الجسرة الثقافية الالكترونية
*نضال برقان
منذ تأسيسه عام 2010 في ريو دي جانيرو، و”مهرجان أفلام اليورانيوم الدولي” يطوف مدناً وعواصم عالمية، سعياً إلى تقديم عروض تتوسل السينما لتضع الناس على مقربة من قضية اليورانيوم والمفاعلات النووية ومخاطرها. بعد برلين ولشبونة ونيودلهي ومدن أخرى، اختار منظمو المهرجان العاصمة الأردنية، عمّان، مكاناً لدورة العام الحالي التي تنطلق غداً الثلاثاء على “مسرح الريمبو”، وتستمر حتى الخميس (18 كانون الأول/ ديسمبر الجاري). إنها تحية فنية وأخلاقية إلى أرواح الذين لقوا حتفهم، أو عانوا من الموت البطيء، أو الذين يعانون اليوم، من حالات مرضية خطيرة، جرّاء تعرضهم لأسلحة ذرية أو نووية، أو تسربات إشعاعية، خلال حروب مباشرة، أو أحداث غير مباشرة.
حقيبة المهرجان تتضمن تسعة أفلام، منتجة في فترات مختلفة، تتأمل في الذاكرة الإنسانية الجمعية وما تختزنه من كوارث راح ضحيتها الملايين من البشر نتيجة لصناعة أسلحة الدمار الشامل أو استخدامها.
في أول أيامه، يعرض المهرجان ثلاثة أفلام، هي “الزهرة الأخيرة” لسيما باغهري من إيران. قصة الفيلم مُتَخيّلة، وفيها تُدّمر حربٌ عالمية ذرية حضارةً بأكملها. الكلّ يتجول هائماً في حالة ضياع، متجاهلاً الآخر. تجد فتاة صغيرة الزهرة الأخيرة على وجه الأرض، وتسارع في نشر الخبر بين الناس، إلا أن أحداً لا يكترث بذلك. في النهاية، يبدي شاب اهتماماً في الموضوع، غير أن مصانع أسلحة الدمار ستأخذ بالانتشار، لتعود قصة الحرب إلى البداية من جديد.
أما الفيلم الثاني فهو “الفلوجة: جيل ضائع” لفرات العاني، وهو وثائقي من إنتاج عراقي فرنسي، يحاول الوقوف على نوع السلاح الذي استخدمه الجيش الأميركي عام 2004، عندما كانت مدينة الفلوجة في العراق مسرحاً لمواجهة كبرى بين جيش الاحتلال ومعارضين عراقيين. بقي السلاح الذي استخدمه الأميركيون مجهولاً، بينما تشهد المدينة، منذ عام 2005 حتى يومنا، ولادات لأطفال مشوّهين. ما حقيقة ما حدث في الفلوجة؟ ماذا عن السلاح الذي استخدمه الجيش الأميركي حينها؟ ذلك ما يحاول الفيلم الإجابة عليه.
كما يُعرض في اليوم نفسه فيلم “غبار الحرب – يورانيوم بيروت”، لفلافيانو ماسيلا وأنجيلو ساسو وموريزيو توريالتا، وهو وثائقي إيطالي يحقق في وجود آثار إشعاعية خلفها العدوان الإسرائيلي على لبنان بعد عدوانه في 2006.
ويستهل المهرجان عروض يومه الثاني بفيلم “أبيتا: أطفال من فوكوشيما”، لشوكو هارا وبول برينر، وهو فيلم تحريكي قصير عن أطفال فوكوشيما الذين لا يتمكنون من اللعب في الخارج بسبب تلوث الطبيعة بعناصر إشعاعية في أعقاب كارثة المفاعل الشهيرة.
إضافة إلى عرض فيلم “دموع أبدية”، لكسينيا سيمونوفا (أوكرانيا)، يختتم اليوم الثاني من المهرجان عروضه بفيلم “أ2- ب- ت”، لإيان توماس آش، من اليابان. ويأتي عنوان الفيلم تبعاً للمراحل المختلفة لنمو خلايا الغدة الدرقية وتحولها من أكياس غير مؤذية لتصبح سرطاناً. هكذا، يحاكي الفيلم حالات أطفال فوكوشيما الذين تبين وجود عقيدات وأكياس درقية لديهم، آخذة بالازدياد، بسبب وجودهم في مكان انصهار المفاعل النووي في المدينة اليابانية (آذار 2011) وعدم إخلائهم.
وفي يومه الأخير، يعرض المهرجان “نفايات”، لسام برايس- والدمان (الولايات المتحدة الأميركية)، وهو تحقيق سينمائي عن كومة من مخلفات اليورانيوم السامة، تعرف باسم “نفايات”، في ولاية نيو مكسيكو الأميركية، تسببت، بعد ثلاثين عاماً من محاولات التنظيف التي باءت بالفشل، بتلوث بالغ للماء والهواء بالقرب من الولاية التي لديها قصة طويلة مع اليورانيوم.
ويعرض في اليوم نفسه فيلم “الكعكة الصفراء: القذارة خلف اليورانيوم”، لجواتشيم تشيرنير (ألمانيا). أما آخر عروض المهرجان فستكون مع فيلم “بوذا يبكي في جادوغودا”، لشري براكاش (الهند)، الذي يحاول تسجيل المأساة التي أفسدت حياة الناس في جادوغودا، وهي منطقة في ولاية بيهار الهندية تقطنها أقلية الأديفازي (من شعوب المنطقة الأصلية)، يوجد فيها منجم اليورانيوم الوحيد في الهند. وقد تسببت عمليات التعدين غير الآمنة لليورانيوم بإشعاع مفرط أدى بدوره إلى حدوث طفرات وراثية وحالات موت بطيء في تلك المنطقة.
________________
العربي الجديد