في ندوة استعرضت أفق الممكن في قصص .. فيدوح :

الجسرة الثقافية الالكترونية-الراية القطرية-
استضاف صالون الجسرة الثقافي مساء السبت أمسية أدبيّة تضمنت محاضرة للدكتور عبد القادر فيدوح الأستاذ بكلية الآداب والعلوم في جامعة قطر عنوانها “أفق الممكن في قصص جمال فايز” تناولت الإنتاج القصصي للكاتب القطري جمال فايز الذي تمّ تكريمه على هامش الأمسية تقديرًا من النادي على ما قدمه للساحة الأدبية القطريّة إلى جانب عمله الدؤوب على مدار سنوات كرئيس لقسم النشاط الثقافي في وزارة الثقافة والفنون والتراث، وتضمنت المحاضرة تسليط الضوء من جانب فيدوح على جوانب عديدة من أدب فايز عبر عدد من نماذج القصة القصيرة لديه، بينما أدارت الندوة الكاتبة حنان بديع.
المكان والمكانة
في البداية قامت مديرة الندوة بتعريف المحاضر، وألقت الضوء على المُبدع جمال فايز، ثم بدأ الدكتور فيدوح محاضرته مُستعرضًا المنهج الذي سيتبعه فيما بعد لتحليل أعمال جمال فايز، لافتًا إلى أنه ركز بحثه في العمل على تحليل أعمال فايز من خلال قسمين اسمهما “جمال فايز/ المكان والمكانة”، وفي قسم المكان تحدّث عن دوحة الإبداع العربي الأصيل، دوحة الوشي ونقش الكلمات المعبّرة، دوحة السرد المفتول، وفي قسم المكانة تحدث عن كيفية اقتناص فايز لومضاته السريعة، واستثمار معالم بيئته، إلى جانب استبدال معالم التأمل بمرارة الواقع، وكثافة الصورة لديه في رؤيتها الدالة، مؤكدًا قدرته الفائقة في الالتفاف بالكلمات والإحاطة بالعبارة، وتمكنه التام مما أسماه بـ”دلالة التكثيف”، فضلاً عن وكالة الشخوص (تعهدها بالنيابة عن المتلقي) لأن المبدع وهو من يقول ما لم ننتبه إلى قوله.
سمات مميّزة
ثم قام المحاضر بتطبيق الممكن في أدب جمال فايز من خلال استشهاده بالعديد من نماذجه القصصيّة مثل: “توحد”، و”حطام المسافات البعيدة”، و”ما تبقى من شظايا المحار”، وركز محاضرته على حصر عدد من السمات التي تميّز بها الكاتب جمال فايز منها اتجاهه لإبراز أفكاره من خلال التزاوج بين التناقضات عبر جمل وصفها بكونها قصيرة ونادرة حيث يختصر فايز الكلمات ويلجأ لاستخدام مفردات سهلة وفي ذات الوقت غير مستهلكة، ونوّه إلى أنه شديد الحرص في إحداث تداخل بين الرؤى الحضاريّة التي تناسب العصر الحالي والماضي الذي يبرز فيه عبق التراث حيث يتداخل الزمنان ليخرج من خلالهما بوضع مقارنات ملخصة بين الأجيال المتلاحقة والتفرقة ما بين جيلي “ضمير الهوية”، و”هاي بابا”، وهو ما تجلى في قصته “حطام المسافات البعيدة”، التي أبرز خلالها القاص المكوّن الحضاري وضرورة الحفاظ على الأصالة ومواكبة العصر، كما تحدّث فيدوح عن اللغة التي يركن إليها فايز في أعماله الأدبيّة خاصة في مجال القصة، مؤكدًا أنها لغة تعتمد على الاختصار حيث يستخدم القاص أحيانًا كلمة واحدة معبّرة عن حالة قد يصفها غيره في جملة طويلة تصل لذات الهدف، كما أشار إلى قدرته على رسم الواقع بصورة تقنية عالية الجودة مستخدمًا فيها الرمز الذي يسهل على القارئ فهمه دون بذل جهد كبير في ذلك، مشيرًا إلى أن الممكن لدى فايز قد يصل أحيانًا إلى أفق سوداوي يريد التعبير من خلاله عن واقع بغيض يتمنّى استبداله بما هو أفضل منه فقط عبر عرضه لذلك الواقع بطريقة سليمة ومعبّرة، وهو ما يجعل القارئ يصل بسهولة إلى قصد فايز عبر تلك الصور المتتالية التي تقوم بالمقارنة بين المتناقضات.