قدّم قراءة بانورامية لروايته “البانسيون”

الجسرة الثقافية الالكترونية-الخليج-

نظمت دار “هماليل” للطباعة والنشر بالتعاون مع كتّاب للنشر، مساء أمس الأول، في آرابيا كافيه في أبوظبي أمسية ثقافية للكاتب الإماراتي عبدالله النعيمي تحدث فيها عن روايته “البانسيون” الصادرة حديثاً، وتجربته في الكتابة ورؤيته للرواية الإماراتية، قدّم الأمسية الكاتب مانع المعيني . 

وقال النعيمي: “البانسيون” “رواية قصيرة لا ترتبط بمجتمع معين، تسرد أحداث رحلة استنارة، خطواتها الأولى بدأت في القلب، وانتقلت شيئاً فشيئاً إلى العقل، عاطفية وفكرية وواقعية وإن كان البعض قد يخالها مجردة من الواقع، حاولت أن أستفيد فيها من فيلم العراب، والتعريف بالظروف التي تكوّنت فيها شخصية وليد (البطل)، وهذه الرواية ليست تكملة ولا تتمة لروايتي الأولى “اسبريسو”، رغم أنني كتبت اسمها على الغلاف اعتزازاً بالعمل الأول . 

وأشار النعيمي إلى أنه عمد إلى تضمين مدخل ومخرج فكري للرواية يتصل بمضمونها وفكرتها التي تناقشها، وانتقى فيهما عبارات تلامس الإحساس وتغوص في المعنى، وما بين المدخل والمخرج يكمن عمق الرواية .

وأوضح النعيمي “نجاح الرواية يقتصر على فكرتها ولغتها السردية، وقدرتها على الوصول إلى المتلقي، وتفاعله معها مرهون بمدى تذوقه لها وانسجامه مع مضمونها، مؤكداً ضرورة تغيير ملامح الرواية واختصار بعض تفاصيلها وعدد صفحاتها لإيصال الفكرة العامة للقارئ بسلاسة ويسر، لأن ثمة العديد من الروايات التي تحمل في طياتها لغة جميلة لكنها لا تعبّر عن فكرة معينة إن لم تكن مفرغة من المضمون، فالكاتب بحاجة إلى أفكار جديدة ولغة ممتعة وأسلوب رصين حتى يصل إلى القارئ وهذا ما حاولت المزاوجة بينه في هذه الرواية” . 

ورأى النعيمي أن العمل الروائي لو خضع لأسلوب واحد فلن يكون هناك تنوّع واختلاف في المنتج السردي، لأنه سيكون على وتيرة واحدة، فالاختلاف في الرؤية والفكر ونمط السرد يثري العمل ويضفي عليه بصمة الكاتب الخاصة التي يقدّم خلالها عصارة فكره وجهده واجتهاده وللجمهور والتاريخ، وعلى الكاتب أن يتجاوب مع النقد المتخصص المبني على معايير صحيحة، ولا يتأثر بالانطباعات العابرة التي لا تعبّر عن قراءة ممحصة ولا فهم سليم . 

وذهب النعيمي إلى “أن المشهد الثقافي الإماراتي يضم قامات أدبية مهمة وكتاب متمكنين لديهم أعمال تستحق التقدير والإشادة، وهي تعبّر عن ميول كل واحد منهم واختلاف مشاربهم ومنابعهم الثقافية، ولهم بصمات مهمة وحضور لافت، مؤكداً أنهم سيصلون لا محالة في يوم ما إلى القوائم الطويلة والقصيرة في الجائزة العالمية للرواية العربية “البوكر” وغيرها من الجوائز المهمة” . 

وأشاد النعيمي بالحراك الثقافي المهم الذي عرفه المشهد الثقافي المحلي في مستهل سبعينات القرن الماضي، حيث ظهرت أعمال أدبية مهمة للعديد من المثقفين والكتاب الإماراتيين مثل محمد المر وغيره، وهي أعمال وصلت بلا شك إلى خارج الدولة وتجاوزت حدودها الجغرافية، بيد أنه مع بداية التسعينات عرفت الثقافة المحلية حالة من الركود الثقافي بسبب انصراف الجمهور عن الثقافة، والمسؤولية تقع على عاتق المثقفين الذين انعزلوا في برج عاجي، والآن هناك تجارب مهمة وحراك ثقافي مميز سواء على مستوى النشر أو التعاطي مع الشأن الثقافي بشكل عام، وأنا متفائل بأن القادم أفضل” . 

وأكد النعيمي أن “نجاح العمل الأول يشكّل غالباً عقدة كبيرة تصاحب الكاتب الذي يحدث عمله الأول نجاحاً كبيراً، وهناك كتّاب كبار وقعوا في هذا المنزلق، ورافقتهم هواجس النجاح وانطباع القراء ومواقفهم، لو أخضع الكاتب نفسه لهذا التفكير والمزاج، فلن يستطيع إنجاز أي عمل، بل سيظل قابعاً في قلق ودوامة لا ينتهيان، والأولى ألا يفكر في ذلك أصلاً، ويكتب لإمتاع نفسه، ويتخلص من هذه العقدة” . وتخلل الأمسية عزف موسيقي للعازف المصري الشاب شريف مغازي على آلة “صحن اللحن”، وهي سلم موسيقي واحد يجمع بين الإيقاع واللحن في القالب نفسه . 

تسرد رواية “البانسيون” قصة الشاب وليد الذي يتعرف إلى ثلاث فتيات (مريم، نادين، سارة)، ويأخذ السرد منعرجات مختلفة يطبعها طابع ديني نصحي وتوجيهي في أغلبه، مشفوعاً بالاستشهاد بآيات من القرآن الكريم في مستهل الرواية منذ لقاء وليد بنادين في الطائرة متوجهين إلى مدينة “شيانغ ماي” وحتى مغادرته “البانسيون” الذي يعد الإطار المكاني للسرد، حيث يقيم فيه وليد ونادين ويلتقي فيه سارة . 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى