قراءات في النقد الروائي المغربي.. طلبة مختبر السرديات يدرسون تجاربه ومساراته

الجسرة الثقافية الإلكترونية
المصدر: الشرق الأوسط
شهدت قاعة الندوات عبد الواحد خيري بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك بالدار البيضاء أخيرا تنظيم مختبر السرديات الندوة العلمية الثانية لطلبة دكتوراه تحليل الخطاب السردي. وتم افتتاح الجلسة التي ترأسها شعيب حليفي رئيس مختبر السرديات، معبرا عن ثقته في الأجيال القادمة، وأشاد بمجهودات طلبة الدكتوراه في التعاطي الفعال مع أعلام النقد الروائي بالمغرب، متمنيا تطوير أشغال الندوات العلمية التي يشرف عليها المختبر إرضاء لرغبة من يقبلون على التفاعل مع الحقل الثقافي بالكلية. أما كلمة عبد القادر كنكاي عميد الكلية، فقد عبر فيها عن دعمه للبحث العلمي، والإشادة بمجهودات مختبر السرديات في الرقي بالدرس النقدي بالمغرب. تلتها كلمة عبد الفتاح الحجمري عن اللجنة العلمية، حيث زكى عمل اللجنة ومواكبتها المستمرة لإنجازات طلبة الدكتوراه وتحكيم أعمالهم. وفي السياق ذاته، جاءت كلمة الباحث محمد محيي الدين باسم لجنة التنظيم والتتبع مستعرضا جميع خطوات الندوة قبل سنة من الآن وطريقة الاشتغال وبعض المصاعب. كما تُليت كلمة عبد الواحد لمرابط (جامعة القاضي عياض – مراكش) باعتباره واحدا من المشرفين على هذه الندوة، حيث نوه بدورها في دعم تكوين الطلبة الباحثين وتشجيعهم على تملُّك الرؤية المنهجية، واكتساب أدوات التحليل النقدي والدراسة الميتانقدية.
وتناول سالم الفايدة في مداخلته المعنونة بـ«تحديث النقد العربي» من خلال المشروع النقدي لمحمد برادة، مواكبة الرواية العربية لروح الانفتاح والتجدد، ذلك أن الانشغال القوي للناقد بالأسئلة الاجتماعية والسياسية ومستوى حضورها في الرواية العربية، لم يحل دون تتبعه لتطور الشكل الفني للرواية العربية، أما على المستوى المنهجي، فتكشف المفاهيم التي وظفها الناقد عن الروح المنهجية التي تحكم ممارسته النقدية والقرائية للنصوص الروائية العربية، فقد تنوعت المفاهيم النقدية لديه وتطورت وتشابكت «البنيوية التكوينية، السرديات، أسلوبية باختين، النقد الموضوعاتي…»، واغتنت في ارتباط مع تطور الرواية.
واختتمت الجلسة الأولى بمداخلة ميلود الهرمودي التي خصها للناقد حميد لحمداني، حيث تتبع كتاباته الأولى بالفحص والتحليل، والتي شهدت انفتاحا المناهج والنظريات الغربية، ممثلة في سوسيولوجيا الأدب والبنيوية التكوينية، مع تطعيم تصوره النظري بالتحليلين البنيوي والنفسي. وخلص الباحث إلى اعتبار أعمال الناقد ممهدة لمشروع نقدي رائد ستتمظهر مرتكزاته ضمن المؤلفات التالية على المرحلة الأولى من تجربته.
وبعد استراحة قصيرة، تم استئناف الجلسة الثانية التي أدارها إدريس قصوري، حيث قدمت سلمى براهمة مداخلة بعنوان «من تحليل الخطاب إلى تحليل النص»، انطلاقا من المشروع النقدي لسعيد يقطين، معتبرة إياه رجل التوازنات في النقد الأدبي العربي، جمع بين النظرية العلمية والثقافة، بين النقد الأدبي والفكر الأدبي، بين السرديات والسوسيوسرديات، بين داخل النص وتفاعلاته المختلفة مع الخارج.
وكانت المداخلة الثانية لنادية شفيق التي خصصتها للسرد والثقافة في تجربة حسن بحراوي، المنصبة على دراسة الأنساق الفنية المنضوية تحت ما يسمى بالأشكال الفنية الاحتجاجية، أي بمعنى آخر مقاربة الأعمال الفنية النابعة من الهامش بآماله وآلامه وأحلامه وتطلعاته، كائنة وممكنة، هذه الأبعاد رام الناقد استجلاءها من خلال اشتغاله على مشارب أدبية وفنية مختلفة، بداية بالرواية ومرورا بالمسرح وانتهاء بالمجال الغنائي.
وتناول سليمان حجاجي في المداخلة الأخيرة الخصوصية والانفتاح في المشروع النقدي لعبد العالي بوطيب، وأكد على أنه مشروع يستحق الكثير من الاهتمام وجدير بكل الإشادة والتنويه، وهو مشروع يفتح آفاقا واسعة أمام الباحثين، ومن الآفاق التي يفتحها هذا المشروع قابليته للمناقشة والإغناء.
أما الجلسة الثالثة التي أدارتها حليمة وازيدي، فقدم محمد العناز مداخلة تطرق فيها لمصطلحات النقد الأدبي عند محمد أنقار، التي أفرزها الفهم الجديد للبلاغة باعتبارها بلاغة كونية رحبة تتميز بفعالية إجرائية عالية تستشف من طبيعتها الجمالية وجهين لا ينفك أحدهما عن الآخر، وهما قدرة هذه المفاهيم على ترجمة معاناة الإنسان وصراعه من أجل القيم والمبادئ التي يؤمن بها من جهة، وقدرتها على تصوير ذلك في إطار جمالي يأسر المتلقي من جهة أخرى.
وفي المداخلة الثانية، تناولت مليكة لشهب عتبات الخطاب عند عبد المالك أشهبون، التي تميزت أعماله النقدية باللجوء إلى فحص المعطيات المعرفية والمنهجية التي يقدمها في مؤلفاته برمتها.
وتناولت منيرة الزغيمري «الجمالية المابينية بين القراءة والكتابة» من خلال تجربة رشيد بنحدو، التي «اتسمت دراسته بقدرة عالية على تحليل النصوص، فرغم تعدد المتون المدروسة فإنها تنسجم مع رؤية الناقد وتصوره (للبين بين)».
وختم عبد العزيز الظيف الجلسة الثالثة بمداخلة تحت عنوان «نحو تنظير واع لحياة النص» من خلال تجربة أحمد فرشوخ، وترأس عبد الرحمان غانمي الجلسة العلمية الرابعة التي استأنفها يونس لشهب بتطرقه لتجربة شرف الدين ماجدولين.
أما إبراهيم أزوغ، فتناول في مداخلته نسقية القراءة ولغة الإبداع في الأعمال النقدية لعبد الفتاح كيليطو، الذي يؤسس قراءاته على جملة من المفاهيم التي تستمد مرجعيتها النظرية والمعرفية من النظرية السميولوجية، وفي مقدمتها مفهوم الأدب والنص والاختلاف والكتابة والعلامة والعلاقة.
وتعرض عبد الواحد عبدوني في ورقته «التخييل باعتباره بنية مركزية في عمل الميلود عثماني»، فالقارئ للأعمال النقدية لهذا الباحث يحس بتواصل غريب مع هذا الناقد، كأن الأمر يتعلق بلغة مباشرة حوارية تواجه بنية التساؤلات والفرضيات الخاصة بالمتلقي في لحظة التلقي، فالناقد لا يكتفي بإطار مرجعي واحد، وإنما بأطر كثيرة، إذ يهتم بإدراج بعض أسماء النقاد في كتبه محيلا عليهم، واضعا مواقفهم في سياقاتها الخاصة والعامة.