قراءات واستطلاعات لعبد المجيد جرادات

الجسرة الثقافية الالكترونية – خاص – 

 

        إلى أين تتجه حالة التداخل ” غير المنضبط ” في سير الأحداث المرعبة في أكثر من دولة عربية؟ وهل ستخلص الجهود التي تبذل خلال هذه المرحلة لوضع مقاربات تحـول دون تفشيّ الخلافات أكثر مما هي عليه؟ 

 

        لم يتحرك الضمير العالمي وصناع القرار في الدول الغربية، عندما كانت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي، تقصف المجمعات والأحياء السكنية في قطاع غزة أثناء الحرب الثالثة التي شنت مؤخرًا على هذا القطاع وأودت بحياة الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني، ولم توضع خطة محكمة من قبل هيئة الأمم والمنظمات العالمية المعنية بحماية المدنيين الأبرياء من الرصاص المتبادل بين القوات النظامية في بعض الدول العربية والفصائل التي أعلنت وقوفها ضد الأنظمة القائمة في تلك الدول. الحدث الوحيد الذي يبدو أنه سينبّه لمحاذير الفوضى الخلاقة وسوء استخدام السلاح هو مصير الصحفي الأميركي ( فولي)، الذي قتل على يد أحد عناصر منظمة (داعش) ومن قبل شخص قيل أنه يتكلم الإنجليزية باللهجة البريطانية. 

 

       السؤال الملح على ضوء تطورات ومخرجات ثورات الربيع العربي هو: من هي الجهة التي تمتلك القدرة على التأثير الإيجابي بالاتجاه الذي يُمهد للخروج من المأزق الراهن قبل أن يتعمق الجرح، ويُدرك الجميع بأن الشعوب العربية هي الخاسر الوحيد في نهاية المطاف، مع التأكيد على أن الكلفة تدفع من دماء وممتلكات أبناء هذه الشعوب دون سواهم، وهنا لا  بد من الإشارة إلى منسوب المنغصات التي ستؤثر على مستقبل الأمن الاجتماعي والاستقرار السياسي؟

 

       من المؤكد بأن التوجهات والمواقف السياسية على المستويين الإقليمي والدولي سوف تحتكم لفرضية المصالح الاقتصادية والأهداف الاستراتيجية للدول العظمى والصناعية على المدى المنظور، الأمر الذي نخشى بسببه أن تضيق احتمالات الشروع بمصالحات وطنية جادة بالاتجاه الذي يقود للتهدئة، وهذا يتطلب بطبيعة الحال الترفع عن نزعة الثأر أو تصفية الحسابات الشخصية والملاحقات العدائية، إذ من المعروف بأن التورط بهذه الممارسات، سيشكل جزءاً من تراكمات الأزمة، ولن يكون مدخلا ً للحلول المنشودة.

 

       خلصت معظم التحليلات والمتابعات، لمستجدات الأحداث في عالمنا العربي منذ العام 2011 إلى جملة استنتاجات أهمها أن، السبب الرئيس لاتساع الفجوة فيما مضى بين دوائر صنع القرار والجمهور في الدول العربية التي شهدت وتشهد اضطرابات داخلية يعود إلى غياب الحوار الذي يُسهم بتحديد وتصنيف القضايا ذات المساس المباشر بطموحات الناس وشؤونهم الخاصة، وفي الوقت الذي أثرت فيه الأزمات الاقتصادية على المزاج العام وأطاحت بواقع التناغم النسبي بين أبناء المجتمع الواحد، فقد كانت الحلول متواضعة أو بطيئة للحد الذي شوش على مقومات تبادل الثقة في أكثر من اتجاه، أما السؤال فهو: هل هنالك ما يدل على وجود انفراجات تبشر بحقبة، من شأنها تقريب وجهات النظر، حتى تتمكن الكفاءات والطاقات من التوجه لمراكز عملها وتأخذ دورها الفاعل في مضاعفة الإنجازات؟ 

 

       يبقى الأمر المزعج وهو أن حجم الخلافات الداخلية في أكثر من دولة عربية اتسم بالحدة والعنف منذ البداية للحد الذي فوت الفرصة على أصحاب النوايا الحسنة من أبناء العروبة، في محاولة للتوصل لتفاهمات تستند على منطق الحكمة، بدلا ً من اللجوء للقسوة وطرق الإقصاء التي أفرزت مشهداً دموياً ومنازلات ميدانية، يظهر فيها حملة السلاح، وهم يُمارسون حرفة القتل في مشهد تختلط فيه الأوراق وستضيع بعد حين إمكانية تحديد هوية المسبب، ومن هو المسؤول الذي يتخفى وراء الأكمة. 

 

      قبل حوالي أربع سنوات، تابعنا عبر فضائية أبو ظبي، مسلسلاً حمل عنوان ” ضيعة ضايعة “، وهو من تأليف الدكتور ممدوخ خسارة، وفي مذاكرة سريعة لمضمون حلقات ذلك المسلسل، نجد أنها شكلت رؤية واقعية لتطورات وسير الأحداث المعاصرة في عالما العربي، أما الجانب الذي يحتاج للتذكير من حلقات ذلك المسلسل فهو ( أن المختار ورئيس قسم الشرطة ” أبو نادر”  لم تأخذهما الرأفة بأبناء الضيعة إلاّ بعد أن نال التعب والإرهاق من الطرفين المتخاصمين). 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى