قراءة موضوعية للسرد الغربي المعني بالصحراء العربية

الجسرة الثقافية الالكترونية
وتضمن هذا العدد مجموعة من الدراسات والمقالات والنصوص التي تتناول قضايا التراث المختلفة، حيث جاء مفتتح هذا العدد تحت عنوان “التاريخ الشفاهي: بين الفولكلور والمصادر التاريخية”، للأستاذ الدكتور قاسم عبده قاسم وهو أستاذ تاريخ العصور الوسطى بكلية الآداب، جامعة الزقازيق بمصر، ويقدم هذا المفتتح مفهوما للتاريخ الشفاهي، بوصفه ممارسة ثقافية يعتد بها في الجماعات البشرية كلها، كذلك هو إنتاج ثقافي جماعي يجمع بين نوعين من الصفات والخصائص وهما الطابع الفولكلوري، والطابع التاريخي.
أما في باب “رأي”، فقد كتب الأستاذ الدكتور نزار شقرون عميد المعهد العالي للفنون والحِرَف في صفاقس (تونس)، مقالا تحت عنوان “سطوة الشّفاهيّة في الخطاب الهامشي”، حيث يتضمن هذا الرأي مجموعة من التساؤلات أهمها: هل استطاعت البشرية أن تتنصل – فعلًا، وفق تصوّر “والتر أونج” مؤلف كتاب “الشفاهية والكتابية”- من الشفاهية إلى حَدّ توثين الكتابة أو الصورة؟ وهل يمكن استبعاد الشفاهية نهائيًا من الخطاب الإبداعي، أم أن الشفاهية ثاوية في هذا الخطاب وممعنة في الحضور المستتر فيه؟ .
كما تضمن العدد 89 من مجلة المأثورات الشعبية عددا من الدراسات منها دراسة جاءت تحت عنوان “تداخل التاريخ والأسطورة في السرد الشفهي”، للأستاذ الدكتور سعد العبدالله الصويان، أستاذ علم الاجتماع في جامعة الملك سعود (المملكة العربية السعودية).
وتعالج هذه الدراسة إشكاليات تداخل الأسطوري والخيالي مع التاريخي والواقعي، في المجتمعات غير الكتابية (الأمّيّة) التي تنتمي إلى ثقافة الصحراء العربية، وما تتعرض له القصائد، وما يتعلق بها من “سوالف”، من حذف وإضافة وتعديل خلال رحلة تداولها من مكان إلى آخر، أو من زمان إلى آخر.
كذلك تُعد هذه الدراسة القصائد وما يتعلق بها من سوالف مصادر ثقافية واجتماعية أكثر موثوقيةً من غيرها من أجناس الأدب الشعبي الأخرى؛ لأن مضامينها- على الإجمال- مستمدة من الواقع المعيش، عكس الأجناس التخيّلية، مثل الحكايات الشعبية والأساطير والملاحم التي تتألف مضامينها- أساسًا- من عناصر فنية أدبية وطرز مجازية، حيث تعتبر هذه الدراسة بحثا شاملا عن منهجية علمية، ملائمة لفرز نصوص من أجناس الأدب الشعبي وتمحيصها.
وتضمن العدد 89 من مجلة المأثورات الشعبية الصادرة عن إدارة التراث بوزارة الثقافة والفنون والتراث دراسة أخرى بعنوان “من التعرُّف إلى التملُّك.. تمثيل أحوال عرب الصحراء في رحلات الغربيين”، للأستاذ الدكتور عبدالله إبراهيم، أستاذ جامعي من العراق، وناقد أدبي، وخبير ثقافي بدولة قطر، حيث تقدم هذه الدراسة قراءة موضوعية للسرد الغربي المعني بالصحراء العربية، والذي يمثِّل مدوّنة ضخمة شكّلت لبّ الأرشيف الغربي الخاص بالشرق، أو أدب الرحلات الأوروبي، أو ما سمي الولع الغربي بالشرق، وخاصة الصحراء العربية، حيث ترى هذه الدراسة أن الثقافة التي صاغت هذه المدوّنة، هي ثقافة المركزية الأوروبية، من خلال التخيلات الذهنية والمشاعر النفسية والمواقف الثقافية للرحّالة.
ومن الدراسات التي تناولها العدد الجديد من مجلة المأثورات الشعبية دراسة بعنوان “الثقافة المجتمعية: تاريخ وتراث”، للدكتورة عائشة الدرمكي أستاذة الدراسات اللغوية المساعدة بالجامعة العربية المفتوحة (سلطنة عُمان)، ودراسة أخرى بعنوان “تقاليد المياه والري في منطقة وادي موسى، وجذورها التاريخية”، وهي دراسة مشتركة لكل من الأستاذ الدكتور زياد السلامين، من قسم التاريخ والآثار، جامعة الإمارات العربية المتحدة، والأستاذ هاني الفلاحات من دائرة الآثار العامة الأردنية (المملكة الأردنية الهاشمية).
كما تضمن هذا العدد الجديد تقريرا جاء بعنوان “جمع التاريخ المروي العماني وتوثيقه ونشره… تجربة وزارة التراث والثقافة”، للأستاذ عماد بن جاسم البحريني ، باحث دراسات تاريخية (سلطنة عُمان)، حيث يستعرض هذا التقرير الجهود التي بذلتها وزارة التراث والثقافة في سلطنة عُمان، في مجال جمع التاريخ المروي، مع الإشارة إلى أبرز المشاريع والرؤى المستقبلية في إطار هذا المنهج، الذي يهدف إلى جمع المادة العلمية، من خلال الأفراد الذين عاصروا موضوعًا ما، ومن مشاهداتهم وممارساتهم.
وقد أشار التقرير إلى مشروعات عدة في جمع التاريخ المروي، قامت بها وزارة التراث والثقافة بعمان منها: “عادات وتقاليد الزواج في ولاية قريات”، و”التاريخ البحري في ولاية صور” و”التعليم في مدينة نزوى”، و”الحياة الاقتصادية والاجتماعية في ولاية مسقط”، و”مفردات من التراث الثقافي العُماني غير المادي”، وغيرها من المواضيع ذات الصلة.
وأهدى العدد الجديد من مجلة المأثورات الشعبية الصادرة عن إدارة التراث بوزارة الثقافة والفنون والتراث لقرائه عرض كتاب “مناهج التراث والتاريخ الشفاهي عند العرب” من تأليف: سيّد حامد حريز، وعرض: عباس الحاج الأمين، من قسم الفولكلور، معهد الدراسات الإفريقية والآسيوية، جامعة الخرطوم (السودان).
ويتناول هذا الكتاب مناهج علم التراث والتاريخ الشفوي في قسمين: القسم الأول نظري، يقع في ثلاثة فصول، يؤصِّل فيه حريز لمناهج التراث والتاريخ الشفوي عند العرب، ويضم القسم الثاني فصلين تطبيقيين حول منهجية الرواية الشفوية في كتابة التاريخ الحديث في الخليج العربي، بشكل عام، وفي دولة الإمارات العربية المتحدة على وجه التحديد.
أما باب “نصوص” فجاء تحت عنوان “سنة العسر في الموروث الشعري القطري” من إعداد حسن المهندي باحث في التراث الثقافي غير المادي وجمعه في دولة قطر حيث يقول الباحث في هذا الباب: “إن الوقوف عند بعض الأحداث الطبيعية أو السياسية أو الاقتصادية أو الكونية، التي تُشكل أحداثًا مهمة أثرت في منطقة ما أو في دولة ما، وكانت جديرة بأن تسمّى سنوات حدوثها بها، من الظواهر التي يعنى بها التاريخ الشفاهي، بوصفها مصدرًا من مصادر المعرفة التاريخية”، حيث يشير إلى أن القرن العشرين في منطقة الخليج العربية يقف أمام سنتين: الأولى تسمّى “سنة الطبعة”، التي حدثت في عام 1925، على الساحل الشرقي للجزيرة العربية إبان موسم الغوص، فقد هبت رياح نشطة صاحبتها أمطار غزيرة، فثار الخليج وزمجر، وتعالت أمواجه، وتلاطمت جوانبه، ودفعت الرياح والأمطار السفن في كل اتجاه، حيث قُدِّرت السفن والمراكب التي غرقت في الخليج بنحو 80% من السفن والمراكب الموجودة في عرض الخليج، وعدد الوفيات من الرجال بحوالي ثمانية آلاف شخص. وكلمة “الطبع” في اللغة العامية لأهل الخليج تعني “الغرق”.
أما السنة الثانية فهي “سنة العسر”، التي وقعت بين عامي 1930- 1936، بعد اكتشاف اللؤلؤ الصناعي الياباني، إذ قَلّ الطلب على اللؤلؤ الطبيعي، الذي هو مصدر الرزق الوحيد لأهل الخليج، ونجم عن ذلك سوء في الحالة الاقتصادية، وضاقت سبل العيش، وتأثرت، بهذا الحال، كل الطبقات، وأصبح العسر سمة لهذه السنة، فأطلق عليها أهل الخليج العربي “سنة العسر”.
وفي هذا العدد تنشر مجلة المأثورات الشعبية، في باب “نصوص شعبية”، أربع قصائد من أشهر قصائد الشعر النبطي القطري، كُتبت إبان تردّي الغوص على اللؤلؤ، تكشف الأثر المباشر الذي تركته سنة العسر في حياة أهل قطر: القصيدة الأولى للشاعر جاسم جيلاه، وعنوانها “يا هل القيل”، والقصائد الثلاث الأخرى معارضة لها: قصيدتان للشاعر سعيد بن سالم البديد المناعي، هما: “ما بالفقر عار”، و”سنة علينا عسيرة”، وقصيدة ثالثة للشاعر سبت بو شرود، عنوانها “جاني كتاب”.
المصدر: الراية