قصر عابدين.. أسرار تروي قصص التاريخ

الجسرة الثقافية الالكترونية

*محمد نوار

 

“قصر عابدين”.. أحد المقار الرسمية للحكم في جمهورية مصر العربية، ويُعتبر واحداً من أكثر القصور فخامة في العالم، من حيث المساحة والزينة واللوحات والساعات والتحف النادرة المنتشرة في صالات وأجنحة القصر، ومعظمها مزيّنة بالذهب الخالص، حيث أمر الخديوي إسماعيل ببناء القصر ليصبح المقر الرسمي للحكومة، بدلاً من قلعة القاهرة التي كانت مركز الحكومة المصرية منذ العصور الوسطى، وقد استخدم القصر ليكون مركزاً للحكم، فضلاً عن استضافة المناسبات والاحتفالات الرسمية.

 

وتعود تسمية القصر إلى القائد “عابدين بك”، أحد أبرز قادة الجيش في عهد محمد علي ‏باشا، والذي أمر ببناء القصر في عام 1863 واستمر لمدة 10 أعوام، وتمّ افتتاح القصر رسمياً في عام 1874، ويقع على مساحة 24 فداناً، وتمّ تصميم القصر من قِبَل المهندس المعماري الفرنسي روسو جنبا، حيث استعان بالديكورات المصرية والإيطالية والفرنسية والتركية، وتكلف بناء القصر نحو 700 ألف جنيه مصري، بالإضافة إلى 2 مليون جنيه تكلفة الأثاث، حيث يضمّ القصر 500 غرفة.

 

ويُعتبر متحفاً في قلب منطقة عابدين بالقاهرة القديمة، وكانت الطوابق العليا مخصّصة لمعيشة العائلة المالكة، واستضافة كبار الشخصيات الأجنبية، وتضمّ الطوابق السفلية متحف الفضة ومتحف الأسلحة ومتحف العائلة المالكة، والهدايا الرئاسية، ومتحف الوثائق التاريخية، ومن بين الوثائق الموجودة “فرمان الإمبراطور العثماني الذي أنشأ حكم محمد علي وأسرته، وشهادة لوسام التاج الحديدي”.

 

كما يحتوي القصر على الكثير من القاعات والصالونات النادرة التي تُستخدم في استقبال الوفود الأجنبية للبلاد، فضلاً عن وجود مكتبة تضمّ حوالي 55 ألف كتاب، ومسرح‏ كبير يضمّ مئات الكراسي المذهبة.‏

 

ويحتوي القصر على الجناح البلجيكي، وأُطلق عليه هذا الاسم نسبة إلى ملك بلجيكا الذي زار القاهرة ونزل في جناحه الخاص، ويحتوي الجناح على غرفة نوم تُعتبر من التحف النادرة في العالم، بالإضافة إلى نقوش وزخارف ورسومات وهدايا لا تزال موجودة حتى الآن داخل الجناح البلجيكي.

 

ويضمّ قصر عابدين متحفاً خاصاً لأبناء وأحفاد الخديوي ‏إسماعيل، وحرص كل منهم خلال فترة حكمه للبلاد على وضع لمساتهم الخاصة داخل القصر لعرض مقتنياتهم والهدايا التي حصلوا عليها من ملوك الدول، وخلال العصر الحديث تمّ إنشاء قاعة مخصّصة لعرض الهدايا التي تلقاها رؤساء مصر، بالإضافة إلى متحف مخصّص لعرض مقتنيات أسرة محمد علي باشا، وتضمّ هدايا من ملوك العالم عبارة عن أسلحة ونياشين وتحف ولوحات نادرة، فضلاً عن مجموعة متنوّعة من الفضة والكريستال والبلور الملون.

 

وكان أبناء الخديوي إسماعيل وأحفاده مولعين بقصر عابدين، وهو ما جعل كل فرد من الأسرة المالكة يسهم خلال فترة حكمه في تزيين القصر بشكل يعكس ذوقه وروح العصر – على سبيل المثال – في عهد الملك فؤاد الأول الذي حكم مصر في الفترة من 1917 إلى 1936، قام بإضافة بعض غرف القصر كمتحف للممتلكات العائلة المالكة، بما في ذلك الأسلحة والذخائر والزينة، والعديد من الأوامر الملكية، أيضاً حرص الملك فاروق الأول الذي خلف والده الملك فؤاد الأول في الفترة من 1937 إلى 1952، على منح الكثير من ممتلكاته وخاصة الأسلحة إلى متاحف القصر.

 

وفي أعقاب قيام ثورة يوليو 1952، تمّ تعيين إدارة لمتحف قصر عابدين، وبعد ذلك كلّف الرئيس الراحل أنور السادات بضمّ المتحف لرئاسة الجمهورية، وفي أواخر الثمانينيات أمر الرئيس الأسبق حسني مبارك بإعادة ترميم القصر باعتباره واحداً من أكثر القصور جمالاً في العالم، حيث تمّ تجديده بالكامل ليشكّل جزءاً من التراث والتاريخ المصري القديم، واستغرقت أعمال الترميم أطول مما كانت متوقّعة حتى ألحق القصر أضراراً كبيرة خلال الزلزال القوي الذي ضرب مصر عام 1992، كما أمر الرئيس مبارك عام 2004 بإنشاء متحف متخصّص للوثائق التاريخية، ويُعتبر واحداً من أهم أجنحة القصر للزائرين والباحثين في المجال الوثائقي.

 

يقول د. فوزي النمر، الخبير الأثري: إن قصر عابدين يُعدّ واحداً من القصور الشهيرة التي شهدت حكم أسرة محمد علي باشا، وكان مقراً للحكومة خلال الفترة من 1872 إلى 1952، وخلال هذه الفترة شهدت أروقة القصر أحداثاً تاريخية لا تُنسى أثّرت في تاريخ مصر الحديث والمعاصر.

 

وتابع: تمّ بناء القصر في عام 1863 بأمر من الخديوي إسماعيل، وفي عام 1872 انتقل الخديوي إسماعيل إلى قصر عابدين وترك القلعة التي كانت بمثابة مقر الحكم للدولة المصرية، والتي بناها القائد صلاح الدين الأيوبي في عام 1171، ويقول: إن قصر ومتاحف عابدين تقف دليلاَ على الدور الفعّال الذي لعبته مصر على مرّ التاريخ، مثل المتحف العسكري الذي يعرض جميع الأسلحة التي قُدّمت كهدايا لرؤساء مصر في مناسبات مختلفة، فضلاً عن متحف الأسلحة القديمة ومتحف الميداليات والأوامر الصادرة من قِبَل أفراد العائلة المالكة المصرية والشخصيات المصرية البارزة خلال العهد الملكي.

 

ومن جانبه، يضيف د. سعد الدسوقي، الخبير الأثري: أن الجزء السفلي من القصر ينقسم إلى خمسة متاحف (الأسلحة، وميداليات، والهدايا الرئاسية، ومتحف الفضيات، والوثائق)، وتابع: فور دخول القصر يقع نظر الزائر على الحدائق، التي تضمّ الكثير من الأشجار والزهور والنباتات النادرة حول العالم.

 

ويوضح أن القصر مليء بالغرف التي تكسو بالتحف والنجف والهدايا القيّمة – على سبيل المثال – في جناح الملك فاروق، توجد الكثير من السيوف والخناجر والأسلحة المختلفة التي تلقاها كهدايا من ملوك ورؤساء العالم، كما يوجد خنجر من القائد أدولف هتلر ورسائل من فرانكلين روزفلت تعود إلى عام 1936، بالإضافة إلى بريد إلكتروني تلقاه الملك من أدولف هتلر، وهو ما يشهد على الكثير من التاريخ العظيم. (خدمة وكالة الصحافة العربية)

 

المصدر: ميدل ايست اون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى