قصص محبك القصيرة جداً تروي قصتنا الطويلة

الجسرة الثقافية الالكتروية

 

رضاب فيصل

 

 

يقدّم الكاتب السوري أحمد زياد محبك في العدد 100 (أغسطس/آب 2015) من كتاب مجلة الرافد الصادر عن دائرة الثقافة والإعلام بإمارة الشارقة، 120 قصة قصيرة جداً، جمعها في مجموعة واحدة تحت عنوان “ما أزال أنتظر”. أشار إلى كونها مرآة أصابها حجر فتناثرت شظايا. حيث تكمّل بحكاياها الكثيرة والمتنوعة حكاية واحدة، تروي رؤية كاتبها وعيشه.

 

ويحاول محبك، من خلال فن القصة القصيرة جداً، أن يتناول العالم بعدة وجوه، مشتتاً ومبعثراً ومتناثراً. وأن يستخدم التفاصيل العديدة هنا وهناك، لتشكيل منطق اخترعه هو، ويمكن له أن يصل إلى المتلقي العربي عبر قصة واحدة أو أكثر من قصة، مستهدفاً، نقاطا مشتركة لديه. داعياً إلى البحث عن الذات وإلى لملمة الشظايا التي لا بد وأن تجرح أصابعنا في الوقت الذي تعجز فيه أن تقدّم لنا فائدة ما أو تسلية ما.

 

إحدى قصص محبك في هذا الكتاب لا يتجاوز حجمها أربع أو خمس عبارات. إذ يختصر باصطفافها جنباً إلى جنب، ما يرغب بقوله عن المحتوى الكلي بدءاً من الغلاف الأول إلى الغلاف الأخير. ففي مقطع نثري حمل اسم “العنوان فقط” دعانا جميعاً بطريقة غير مباشرة إلى قراءة جميع القصص. بينما ذهب في مقطع “دائماً.. كلها” إلى السخرية من القارئ الكسول الذي يقول إنه قرأ كامل الكتاب دون أن يكون كلامه صحيحاً.

 

يقوم السرد على خاصية المفارقة التي تأتي في نهاية كل مقطع أو كل قصة. وغالباً ما تحيل هذه المفارقة إلى السخرية ضمن مفهوم الكوميديا السوداء. ففي حين قد تبعثك حكاية إلى الابتسامة والضحك، تولّد داخلك شعوراً مريراً على الشخصية المحكي عنها، وعلى واقعك أنت. تماماً مثلما حصل في قصة “أمنية تحققت”: “سئم العيش وتكاليفه، تمنى أن يستضيفه أخ أو قريب أو صديق أسبوعاً واحداً، لا يعمل ولا يشتغل، ولا يبيع ولا يشتري، يأتيه طعامه وشرابه جاهزاً من غير كلفة ولا عناء، وتحققت أمنيته، رقد أسبوعاً في المستشفى”.

 

ثمة صفحات تغدو أقرب بمضمونها إلى الخواطر، أكثر منها إلى القصة. تحديداً بما يتعلق بعنصر السرد. وقد ظهرت كأنها شذرات من فكر أو من حديث عابر ترمي إلى فكرة معينة، ساخرة وناقدة. كمثال نذكر “مجرد فكرة” التي قال فيها الآتي: “اجتمع بعض رجالات الأدب والفكر والفن والثقافة والإعلام، لمناقشة فكرة جرى تناقلها في الأوساط الثقافية، تتلخص في إلغاء الرقابة على الإعلام والصحافة والمطبوعات والكتب، ودار بينهم حوار لم يطل، ولم يظهر شيء من الاختلاف، وسرعان ما اتفقوا على ضرورة الإبقاء على الرقابة”.

 

ومنه تصلح بعض الأفكار الواردة في “ما أزال أنتظر” أن تكون بذرة لقصة أوسع، تحتل عناصر الزمان والمكان وتجوبها الشخصيات والحوارات. لكن محبك فضّل أن يكون المختصر المفيد عنواناً لتقنية الكتابة لديه. ونظن أنه يقصد نفسه بالحجر، حين أشار في “شظايا” إلى أن هذه القصص مرآة أصابها حجر.

المصدر: ميدل ايست اون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى