قضايا الطفل غائبة عن خشبة المسرح

الجسرة الثقافية الالكترونية
*أشرف مصطفى
المصدر: الراية
يشعر الفنانون أحيانًا بأن هناك ما ينقصهم ويؤثر بالتالي على قدرتهم في تقديم الخدمات الفنية للجمهور، إلا أن هناك من يتهمهم في بعض الأوقات بالتقصير، وبين اتهاماتهم التي يلقونها على أكتاف البعض والاتهامات التي توجه إليهم نرى أنفسنا نقف في المنتصف، وعلى ذلك نحاول من خلال تلك الزاوية تقريب وجهات النظر ومحاولة الخوض في بعض تفاصيل أبرز الإشكاليات التي تواجه الحراك الفني لمعرفة أصوله وتداعياته من خلال عرض كافة الآراء، وذلك عبر محاكمة افتراضية يتمّ خلالها توجيه بعض التهم إلى الضيف، ثم ننتقل إلى مرحلة أخرى يقوم خلالها الضيف بدور وكيل النيابة الذي يلقي هو بالاتهامات على من يراه مقصرًا، ثم يقوم في المرحلة الأخيرة بإلقاء عدد من الأحكام على هؤلاء المُقصرين.
اتهامات
في البداية، أخذ الفنان فهد الباكر موقف الدفاع عن نفسه، حيث ألقى بدفوعه عن بعض التهم التي وجهناها إليه، ويأتي في مقدمتها أنه متمرّد في عالم المسرح، كما يُقال عنه أنه محبّ للتجديد والتجريب، فقال: قد يراني كثيرون متمردًا أو أسبح ضد التيار، لكن الحقيقة هي أنني لا أسكت عن الخطأ وأميل دائمًا للأمر الصحيح، وأتمرّد على الخطأ وعلى الروتين وهذه الصفات هي التي صنعت فهد الباكر وأسست لشخصيته الفنية، فأنا ساهمت في إثراء الحركة المسرحية بالمزيد من العنصر النسائي، وهو ما انعكس بالإيجاب على الحركة المسرحية، حيث كنا نضطر إلى عمل حذف لكثير من المشاهد التي تحتوي على نساء وهو ما كان يحدّ كثيرًا من العملية الإبداعية، ولم يقتصر الأمر على مثل هذه الأمور، ولكن حتى في أسلوب العمل، فأنا أذكر أنني قمت باستخدام تقنيات جديدة وحديثة في أعمالي ربما لا يتصوّر شخص أنه يمكن القيام بمثل هذه الأمور على خشبة المسرح، وهناك مسرحية استعنت فيها برافعات لأرفع أحد الممثلين إلى السماء بعد إعدامه وكان مشهدًا مبتكرًا جدًا وقتها.
هاوي مسرح
وعن رأيه في وجود بعض التصنيفات لمخرجين كونهم يعملون في مسرح الشباب فقط أو المسرح التجاري فقط، قال الباكر: سأظل أعمل في المسرح كهاوٍ، سواء مع الشباب أو غير الشباب، فأنا يهمني في المقام الأول تقديم أعمال ترضي المتلقي، كما أنني لا أريد أن أكرر أخطاء الآخرين وأحصر نفسي في العمل التجاري فقط أو المهرجانات فقط أو مسرح الشباب فقط، أنا أعتبر نفسي معلمًا ولست مخرجًا، ودوري هو النهوض بالشباب والعمل معهم، فأنا الآن عمري 38 سنة ولا ينبغي أن أكون أنانيًا ويجب أن نسلم الدفة لجيل الشباب الذين أتمنى أن يكونوا أفضل منا، كما أنني لا تهمني الجوائز وكل ما يهمني هو مستقبل المسرح القطري، الذي يقول عنه: يجب أن نكون متفائلين ولكن أيضًا لا نفرط في التفاؤل لمجرد أن لدينا أنشطة مسرحية ومهرجانات، فإقامة مهرجان المسرح الشبابي ومهرجان الدوحة المسرحي أمر جيد ويحرك المياه الراكدة، ولكن هذه المهرجانات لم تفعل شيئًا مع الروتين الذي لايزال موجودًا، وكذلك الرقابة لاتزال موجودة واللوائح المعيقة لا تزال موجودة، لذلك يجب ألا نعتمد على مدار السنة على المهرجانات فقط ونكتفي بهذا، فنحن لانزال نعاني من عدم وجود مسرح تجاري حقيقي، وليس عندنا مسرح للطفل، أو مسرح تجريبي، لذلك يجب أن ندرك أننا لن نبني المسرح في قطر بالمهرجانات فقط، بل يجب أن يكون هناك قرار يفعل دور المسرح في قطر.
وكيل النيابة
في المحور الثاني من الحوار انتقلنا مع الفنان فهد الباكر ليؤدي معنا خلال هذا الحوار دور وكيل النائب العام ويتلو بعض الاتهامات ضد أيّ من يراه سببًا في أيّ تقاعس ضدّ مسيرة الحياة الإبداعية سواء كان من الوسط الفني، أو من الجمهور، أو من المسؤولين وليطلب تنفيذ أقصى عقوبة عليهم.
من جانبه، اعتبر المخرج والفنان المسرحي فهد الباكر أن إلغاء التربية المسرحية قضت على النواة الرئيسة للمسرح وهي إفراز المواهب، لأن المسرح المدرسي كان يؤسس الفنان بالشكل الصحيح، فيُصقل موهبته ويُعوّده على الجرأة والتحدث بطلاقة وعدم الخوف من الوقوف على الخشبة المسرحية، مؤكدًا أن كثيرًا من الفنانين خرجوا من الوسط المسرحي بسبب عدم امتلاكهم مفاتيح الدخول لهذا العالم الكبير، وعدم إدراكهم كثيرًا من أسرار التعامل مع خشبة المسرح، فالمشهد أصبح عبثيًا والحركة المسرحية تدور في حلقة مفرغة، والوجوه لا تتغير ولا توجد دماء جديدة.
وطالب الباكر بأن يكون هناك قرار بعودة التربية المسرحية، لأنها ثقافة ولا تقلّ أهمية عن باقي المواد التعليمية، مشيرًا إلى أن معظم المواهب الفنية الموجودة على الساحة الآن هي نتاج المسرح المدرسي.
قاضٍ
في المرحلة الثالثة قام الفنان فهد الباكر بدور القاضي وألقى نص التهمة وأصدر حكمه، مؤكدًا ضرورة أن تمتد الفعاليات لتشمل جميع المدن القطرية، وألا تكون مقتصرة على الأماكن التقليدية، وأن تمتد الفعاليات أيضًا للمولات التجارية والحدائق والمتنزهات، وألا تقتصر الفعاليات على الفنون والموسيقى الشعبية، فإرثنا الثقافي أكبر من هذا بكثير، ودورنا أن نظهر ثقافتنا الحقيقية للعالم، خاصة أننا نستعدّ لاستقبال كأس العالم 2022. وأكّد الباكر أنّ هذا لن يتمّ إلا بالتعاون بين جميع مؤسّسات الدولة، وإعطاء الفرصة للشباب، ودعم الفنان القطريّ.