كاطع العوادي .. معلومات وذكريات

الجسرة الثقافية الالكترونية

*قاسم ماضي

 

في بداية التقديم نجد معلومات مهمة ودقيقة عن هذه الشخصية الوطنية، وهي خافية على الكثير من العراقيين الإ ما ندر، أو من الذين شاركوا معه في فترة حياته العصبية على المجتمع العراقي آنذاك، تلك الفترة الزاخرة بالوقوف ضد الاحتلال، والتي كانت واضحة لدى العقلاء من العراقيين ومنهم كاطع العوادي، والعوادي المعروف بشهامته وحبه للعدل والمساواة بين الناس، وهو الذي حمل سلاحه على كتفه لمقارعة الظلم والطغيان، وهو الذي صمد مع الكثير من الذين شاركوا في ثورة العشرين، وخطوا انتصاراتهم كي تبقى نياشين على صدور الأجيال القادمة، ومنهم العوادي الذي يعرفه القاصي والداني لمواقفه الشهيرة التي سجلت أعلى قيم العدالة والمحبة بالدفاع عن الوطن والفقراء من الناس.

 

وهو اللاعب الأول في هذه الثورة، فهو الداعي، والمخطط، والمفاوض، والمقاتل، والسفير، بل تحوي بين طياتها أسراراً انفرد بها، ولم يتطرق اليها أحد من قبل، من الانكليز أو الثوار، إضافة الى الصراحة المتناهية والنقد والبناء.

 

يقول الكاتب كامل سلمان الجبوري في كتابه المفقود من المكتبات العراقية وحتى العربية، لربما لغاية في نفس يعقوب على ما يبدو في مشهدنا الحالي “واني اذ أضعها بين يديك – عزيزي القارئ – لا بد أن اشير الى أنه أثبتت النصوص كما هي حفاظاً على الامانة العلمية والتاريخية، وأود أن اذكر بأن ما تضمنته من آراء قد لا تمثل الا وجهة النظر الشخصية لصاحب المذكرات، أما طريقتي في اعدادها وتحقيقها والتعليق عليها، فقد اقتصرت على تقويم النص، وإيضاح بعض الأمور التي أوجزها صاحب المذكرات، ولا بد من الوقوف عليها وشرح مضمونها، والاشارة الى مواطن الاختلاف مع ما كتب عن الثورة، وما مسطور في الوثائق الخطية، وذلك في هوامش جعلتها عند نهاية المذكرات، كما أغنيت المذكرات ببعض الصور الفوتوغرافية النادرة، والوثائق التي يحتاجها الموضوع”.

 

وعندما وقع الكتاب في يديَّ ووجدت في هذه الشخصية العراقية البطلة التي قدمت الغالي والنفيس في سبيل الوطن، أردت من خلال هذه الشخصية لتكون عبرة للذين يتولون المسؤولية في قيادة دفة الحكم، لأن العوادي احتلت شخصيته الكثير من المواقف الوطنية وأدواره السياسية، وتضحياته في الثورة العراقية، كما دونتها كافة مصادر ثورة العشرين التي كتبها الباحثون العراقيون والعرب والاجانب، وكذلك المذكرات التي كتبها رجال الثورة ومعاصروها والضباط الانكليز الذين جاءوا لقمعها، فلم يغفل أحد منهم دور هذه الشخصية المجاهدة، والاسباب التي كونت في السيد كاطع هذه النفسية هي المبادئ العربية التي اشتغل عليها كثيرا ً وسُجن لأجلها في عهد جمال باشا في الكوت.

 

وفي أثناء الحرب العامة ولّدت تلك المبادئ العربية في نفسه القضية العراقية بموجب ضرورات الحرب، فعمل وجد مع زعماء القبائل في جبهة القرنة والعمارة والحويزة، وتفاهم كما تقول المصادر التاريخية لهذه الشخصية العظيمة والتي غدرها التاريخ مع الأسف الشديد وغيبها وتناساها عمداً بعض اللصوص الذين يقودون دفة الحكم، والتي يجب أن تكون هذه الشخصية العربية مثالاً يحتذى بها في وقتنا الحاضر، لأننا نعيد هذه الشخصيات كي نستلهم منها العبر في هذه الظروف الصعبة التي أوصلت بلدنا الان إلى حالة يرثى لها، من خلال رجالات سيلعنهم التاريخ والأجيال القادمة، لأنهم نصبوا أنفسهم لقيادة البلد، وعبثوا في جميع القيم الإنسانية التي كان يتطلع إليها الكثير من المخلصين من الشرفاء من أبناء هذا الوطن، وهؤلاء الذين جاءوا بمعية الاحتلال لم يفعلوا كما فعل العوادي ومن معه على تكوين حكومة عراقية بأن يراجعوا الانكليز ويتفاهموا معهم بالهدنة وترك العراق على أن يطردوهم والاتراك من العراق.

 

وقد وافقه السيد “محمد” على أن يكون أبوه ملك العراق، وبدأ بالعمل في مصارحة زعماء العشائر، غير أنه خلق فيهم التذمر من الحرب وسوء النتيجة، وكما تقول الوثائق أن السيد “محمد” عاد إلى النجف بحجة أنه مريض، وبعد أشهر انكسر جيش الشعيبة، ثم انسحب جيش الحويزة، فعمد السيد “محمد” ودعا زعماء الشامية والمشخاب الى النجف واجتمعوا لدى محسن شلاش وبحثوا في المسألة، ولكنها اتصلت بالاتراك فأسرعوا وطلبوا السيد “محمد” والسيد “كاظم” الى الجهاد فذهب الى الكاظمية، وقد شاع هذا الامر في النجف شيوعاً تاما، وقد رافق الجيش التركي مع العلماء الى الكوت وهو مريض وقد قابله السيد “كاطع” هناك وباحثه فأمتنع عن الجواب حينذاك واضطر أخيراً أن يعود الى الكاظمية ومكث فيها أشهراً، حتى مات في يوم 12 جمادي الاول سنة 1334 هـ، ولهذا تجد الأسلوب الراقي وهو يدخلك الكتاب الذي يقع في 64 صفحة من القطع الكبير، وطبع في مطبعة العاني – بغداد 1987، وحتى نوجه دعوتنا إلى كل من شارك في العملية السياسية العراقية، كي يحمل راية العراق عاليا ًويضع أبناءه نصب عينيه ويتخلوا عن ولاءاتهم الخارجية التي ساهمت في تعقيد المشهد في العراق ليرجع هؤلاء إلى الوراء ويقرأوا مثل هذه الشخصيات التي نتعلم منها الدروس والعبر، وحتى نفعل حياة هذه الشخصية ستكون لنا حلقات كتابية كثيرة لهذه الشخصية ومن معها، والتي وقفت ضد الظلم والطغيان، وحتى لا ننسى الثورة العراقية لعام 1920.

 

المصدر: ميدل ايست اون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى