كتارا ترمم موقع “بري المفرص” الأثري

الجسرة الثقافية الالكترونية

*محمود الحكيم

شهد اليوم الرابع من فعاليات مهرجان كتارا الرابع للمحامل التقليدية توافد المزيد من الشخصيات رفيعة المستوى من أبرزها سعادة الدكتور محمد بن صالح السادة وزير الطاقة والصناعة، كما شهد أمس إقامة احتفال “الدشة” لدخول المحامل إلى البحر في مسابقة الغوص على اللؤلؤ حيث ستبقى المحامل في البحر لمدة 3 أيام لتعود في اليوم الأخير للمهرجان وتسمى عودة السفن من الغوص “القفال”. كما قامت كتارا بترميم الموقع الأثري البحري(بري المفرص) وذلك بتوفير كل الإمكانيات بالتنسيق مع إدارة الموانئ وخفر السواحل. وقد قامت مجموعة من الشباب القطري المتطوع المهتم بإحياء تراث الأجداد وصيانته من الاندثار بالترميم بالطريقة التقليدية. وقال أحمد الهتمي رئيس المهرجان إن فكرة ترميم هذا الموقع كانت باقتراح من الوالد ماجد بن محمد الكواري في مسابقة الميّني حيث تشجعت للفكرة وبدأنا العمل عليها ويعود تاريخ هذا الموقع إلى زمن الشيخ عبدالله بن جاسم آل ثاني الحاكم في تلك الفترة حيث اقترح عليه الإنجليز أن يتم بناء برج على الفشت الذي يقع شمال رأس أبو عبود بحراً وذلك خوفاً من اصطدام السفن به لوقوعه في بعض المياه الضحلة (مدخل الدوحة) وكان الوالد شاهين بن أحمد العسيري في المجلس فطلب من الشيخ عبدالله بن جاسم آل ثاني أن يقوم هو ببناء (بري المفرص) وقد وافق الشيخ عبدالله على اقتراح شاهين بن أحمد العسيري وقام ببنائه في عام ١٩٢٠ تقريب.

 

وأضاف الهتمي قائلا: لقد أطلعت صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني على ترميم الموقع عند تشريفه لنا بافتتاح المهرجان وقد استحسن الموضوع وشجعنا على المضي قدمًا في مثل هذه المشاريع ذات السمة الثقافية والحضارية والتي من شأنها أن تحافظ على تراث الأجداد. وبناء عليه نحن نخطط لترميم موقع آخر هو بري العسيري حالة أم الخيفان في السنة الجديدة بالاعتماد على جهود تطوعية شبابية.

 

 

 

إحياء التراث البحري

 

وفي حديثه عن مهرجان كتارا الرابع للمحامل التقليدية، قال الهتمي إنّ المهرجان يلقى دعما وتشجيعا ورعاية من قبل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدّى، لأنه يعمل على إحياء التراث البحري وتعريف الجيل الجديد بحياة الآباء والأجداد، وأشار إلى أن هذا الملتقى التراثي الضخم وغير المسبوق نجح في استقطاب المهتمين بالتراث البحري على مستوى قطر والمنطقة، لافتا إلى أن المهرجان يشهد ارتفاعا في عدد المشاركين كل عام لأنه يضم أهل الخليج الذين يجمعهم تاريخ وماض واحد وعادات وتقاليد مشتركة، ويختزنون في ذاكرتهم الموروث الشعبي نفسه.

 

 

 

مفاجأة كبرى

 

وأضاف إنّ الملتقى التراثي البحري قد حقّق العديد من الإنجازات أهمها ظهور جيل جديد من الشباب مهتم بتراثنا البحري وما يتعلق به من مفردات عريقة مثل اقتناء المحامل التقليدية، والرياضات المتعلقة بها مثل سباق التجديف والشراع بالإضافة إلى استعادته هواية الصيد والغوص، والصناعات اليدوية والتراثية المرتبطة بها أيضًَا والمتوارثة أبا عن جد وهو ما نجم عنه ظهور نخبة من الشباب القطري والخليجي المحب والعاشق للتراث البحري وأدواته وصناعاته.

 

وأكد الهتمي أن الجمهور سيكون اليوم الجمعة على موعد مع مفاجأة كبرى داعيًا إياهم للمواكبة والحضور.

 

 

 

نتائج المسابقات

 

وكان يوم أمس قد شهد اشتداد المنافسات في مسابقة الشراع حيث فاز بالمركز الأول فريق رسلان في حين فاز فريق الخور بالمركز الثاني وفريق المها بالمركز الثالث. وكان قد شارك في هذه المسابقة 9 محامل قطرية. وسيكون التتويج يوم السبت 22 نوفمبر الجاري.

 

كما انطلقت أمس مسابقة الغوص على اللؤلؤ والتي سجلت مشاركة 10فرق هي: فريق الغاريّة وفريق بلحنين من قطر وفريق لِشخرة وفريق صور من سلطنة عمان وفريق فتح الخير وفريق السد العالي من البحرين وفريق غواص اللؤلؤ من المنطقة الشرقية في السعودية وفريق فَراسان من جازان من المنطقة الغربية في السعودية إضافة إلى فريقين من الكويت.

 

وقد رافق خروج اليزوه والنواخذة إلى البحر احتفالية (الدشة) التي أقيمت على شاطئ (كتارا) وهذه الاحتفالية كانت تقام قديما عند دخول البحارة (النواخذة واليزوة) للبحر وتوجههم إلى سفن الغوص للانطلاق بها إلى مغاصات اللؤلؤ (الهيرات)، حيث أضفت هذه الاحتفالية المستمدة من التراث البحري القطرية، البهجة والسرور والحماس في نفوس المشاركين والحضور، كما عبرت بصدق عن الصورة الجميلة للموروث الشعبي لمراسم وطقوس رحلات الغوص، بكل ما يكتنفها من مشاهد واقعية يتخللها الأهازيج والأغاني البحرية الجميلة، عبر فقرات تحاكي نفس ظروف وملامح وتفاصيل الرحلات البحرية، والتي كانت تعد من صميم حياة الأجداد ومصدر عيشهم في عصر صيد الأسماك والغوص على اللؤلؤ

 

ورسمت الاحتفالية بالنغم واللحن والصوت الجميل مشاهد في غاية الإبداع والجمال حينما يتوجه البحارة إلى المحامل، وسط توديع الأهالي لهم، في احتفالية تراثية شارك فيها الرجال والنساء والأطفال، حيث جسدت فيها مشاعر الحزن والقلق التي كانت تكتنف أهالي البحارة كونها رحلة جلب الخير والرزق، حيث استخدم فيها ألوان من التراث الغنائي القطري مثل فن (الخماري) الذي يتسم بالحماسة والحيوية، عبر الابتهال إلى الله والتضرع إليه سبحانه والدعاء بالتوفيق وتسهيل الرزق.

 

 

 

إشادة إعلامية

 

وأكد إعلاميون من دول مجلس التعاون أهمية هذا المهرجان مثمنين مجهودات القائمين عليه مشيدين بما تبذله المؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا من جهود في سبيل إحياء التراث وابتكار المناسبات والمهرجانات التي من شأنها أن تجمع مشاركين من مختلف دول الخليج وتقوي أواصر التعاون بينهم.

 

وفي هذا السياق قال أحمد باداوود “صحفي بجريدة عكاظ” إن المهرجان فوق العادة ونحن نشكر إخوتنا في قطر على كرم الضيافة وحسن التنظيم وهو ما جعل هذا المهرجان بمثابة عرس خليجي يجتمع فيه الأخوة لاستذكار بطولات وحكايات الأجداد الذين عاشوا التاريخ نفسه وما ارتبط به من ظروف صعبة واجهها الأولون بكثير من الصبر ونحن اليوم نستذكر هذه البطولات بكل فخر. مضيفا إن للمهرجان جمهور واسع في المملكة العربية السعودية يتابعون فعالياته ومسابقته سواء عن طريقة الحضور لكتارا أو بواسطة متابعة التغطية الإعلامية. ونحن سعداء بتأهل المتسابقين السعوديين إلى نهائي مسابقة الغيص ونتمنى التوفيق للجميع.

 

وقال رشيد اليافعي صحفي من سلطنة عمان إن المهرجان قد تزامن مع احتفالات السلطنة بعيدها الوطني 44 والذي احتفل به المهرجان وكانت أجواء رائعة. وأضاف نشكر اللجنة المنظمة للمهرجان التي لم تبخل علينا بتوفير كل ما نحتاج له ونحن سعداء بهذا الحضور الجماهيري الغفير من مختلف الجنسيات التي تنم على سمعة المهرجان المتميزة كأبرز مهرجان في المنطقة يهتم بالتراث البحري القطري والخليجي. ولقد كان المهرجان فرصة تعرفنا خلالها على عدد من الإخوة من دول مجلس التعاون وهذا بحد ذاته يعتبر إنجازًا كبيرًا للمهرجان أن يزيد من روابط التعاون والتكاتف بين الإخوة. وأشاد بالمشاركة العمانية خاصة مع حصولهم على المراكز الأربعة الأولى في مسابقة التجديف.

 

كما استقطب المهرجانات العديد من وسائل الإعلام الأجنبية من خارج منطقة الخليج ومنها تلفزيونات وإذاعات من الهند وكوريا الجنوبية وفي هذا السياق أكد السيد بارك من كوريا أنهم قدموا خصيصا لمواكبة المهرجان وإعداد وثائقي متكامل عن مهرجان كتارا الرابع للمحامل التقليدية والذي يسلط الضوء على التراث البحري القطري والخليجي وهذا ما يودون إيصاله ونقله إلى الجمهور في كوريا. وقدم الفريق الكوري شكره للجنة المنظمة للمهرجان على حسن الضيافة ومرونة التعامل التي سهلت لهم مهمتهم. مبدين إعجابهم بكتارا هذا الصرح الثقافي الكبير الرائد وما تسعى إليه باعتبارها ملتقى للثقافات والشعوب.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

الراية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى