«كمون التونسية» تنطلق بالأغاني الصوفية في أمسيات جرش الرمضانية

الجسرة الثقافية الالكترونية – وكالات- ابراهيم السواعير -انطلقت مساء أول من أمس في المركز الثقافي الملكي أولى أمسيات مهرجان جرش 2014 الرمضانيّة بوصلات لفرقة محمد علي كمون التونسية، تميزت بالتجديد في التراث التونسي وتأكيد روح هذا التراث.
استطاع كمون أن ينسجم وفرقته مع الجمهور، مؤدّياً أكثر من مقطوعة موسيقية غنائيّة جماعيّة ومنفردة، اتسمت بالحزن والغناء الصوفي والألوان البدوية التونسية والتراثيات الأندلسية والحواريات الغنائية، بالإضافة إلى الفلكلور الشرقي، العثماني على وجه التحديد.
اعتمدت الفرقة المزج بين التراث التونسي والجاز، كما صرّح بذلك كمون؛ مؤكّداً غنى التراث وقابليته لأن يُطور بأسلوب غربي حداثي، معرّفاً بآية دغنوج وعلام عون غناءً، وعازف الناي هشام البدراني وحمدي مخلوف على آلة العود.
أضفى الناي حزنه على الفرقة التي أدّت أغنيةً للشهيد التونسي بناءً على طلب الحضور، أهداها كمون إلى الثورة التونسية ونادى فيها (الروح العزيزة على مولاها) و(دم الشهيد اللي زكّاها)، مؤكّداً معاني الكرامة والحرية و(الشعب اللي عانى) و(الأصوات الحرّة اللي ما ننساها)، و(دم الفقرا)، وتحدّي القيد،كما وردت في المقطوعة التي حملت حواراً بين الشهيد وأمّه في جوّ شفيف.
أهدت الفرقة أغنية فيروز (البنت الشلبية) كلون شرقي بأصوات تونسية، لتقدّم إيقاعاً فلكلورياً من المشرق قال كمون إنّه عربي عثماني، لتتكرر اللازمة (يا رب) الأشبه بالابتهال تماشياً مع الأجواء الرمضانية، فتبرز معاني الإيمان والتذلل ومعاتبة النفس والصلاة على الحبيب(صلى الورد وكبّر لمجده الهوى)، وبرز في ذلك التأثير الجماعي بالموسيقى المعتادة للابتهال.
كما أدت مقطوعة (أم الزين) الصوفية بما فيها من دعاء وشفاعة بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك برز الصوت النقي والتصاعد الموسيقي وأصوات التكبيرات الجماعيّة والشهقات الإيمانيّة والزغاريد، والانسجام في حب المصطفى صلوات الله عليه: (جيناك الليلة//في ليلة جمعة)، وحيث روحانيات التوبة ورجاء عدم النسيان (مالك تنساني)، لينتهي المقطع في تفاعل واضح مع الجمهور.
وفي أغنية نسائيّة بدويّة تونسيّة حملت الفرقة بكاء الزوجة زوجها بإحساس إنساني، في لونٍ قال عنه كمون إنّه لايقلّ إبداعاً عن الموسيقات المدعومة أو المكرّسة، لتؤدي (كبي الفولارة)، فيظهر دفء الأغنية البدوية في تونس في انسجامها وحزنها الأشبه بـ(التراويد) لدينا، وتحببها لمن راحوا، وفي ذلك برز الناي يحمل ذلك الشجن بكلّ سحره المعهود.
ختمت الفرقة بأغنية راقصة وأداء جماعي ينتصف للفتاة ويحمل عتاباً تحمله إلى أمّها ورجاءً محزناً وسط توليفة غنائية موسيقيّة تنقل ذلك الإحساس.
لوحظ على الفرقة التي سلّمها مدير مهرجان جرش مدير المركز الثقافي الملكي محمد أبو سماقة درع المشاركة وأشاد بها، ثقة الأداء وترتيب الفقرات بإمضاء قائدها كمون، وحملها الحكاية الشعبية في تطوير لا ينفي أصالتها، إذ كانت بين الفقرات وخلالها أدوار موزّعة على الناي والعود والبيانو الإيقاع.
وتستمر فعاليات الشهر الفضيل في المركز الثقافي الملكي حتى السابع عشر من الشهر الجاري مشتملةً على عروض مسرحية وغنائية وموسيقية متنوعة محلية وعربية، يستهلها الفنان متعب الصقار في العاشرة والنصف من مساء الجمعة المقبل في وصلاته التي اشتهر بها في غنائه للوطن والتراث.