كوردسـتان في قصائد الشاعرتين.. هيام مصطفى قبلان.. وغرام الربيعي

الجسرة الثقافية الالكترونية
– فوزي الأتروشي
جميل ان يبقى الشعر جسراً للخير والحق والجمال كما يقول اليونانيون القدماء, حتى تدمر السياسة هذه القيم, وجميل جداً ان يقف الشعر ليرسم بأبجدية الحب تقاسيم علاقة خضراء بين شخصين او شعبين او بلدين حتى حين ترتفع صرخات وخطابات الحكام الداعية للفصل والافتراق والطلاق الأبدي .
وهذا الرفض للافتراق (العربي _ الكوردي) وهذا الإصرار على التواصل الانساني الأخضر نجد براعمه تتفتح في قصائد الشاعرتين العربيتين الفلسطينية (هيام مصطفى قبلان) وهي تكتب عن فاجعة “حلبجة” المرعبة, والعراقية (غرام الربيعي) .
تكتب هيام قبلان بصدق ونقاء عن مأساة حلبجة فتقول في قصيدتها :
“حلبجة مدينة الحزن والنار”
من علمك عشـــــــــــــق المــــــــــــوت
“سامان” أيها الباكـــــــــــي بين زمنين
طفل لم يــــــــــــــــــــولد بعــــــــــــد …
حـــــــــــزن يمشــــــــــــــي على راحتيه
دامعة رعشة الاحتضار على طلل الركـام .
ان الفاجعة بهولها وبشاعتها وقبحها اللامتناهي أبكت حتى الاطفال الذين لم يولدوا في مدينة تحولت خلال اقل من ساعة الى ركام وأطلال وحرائق وشيئاً من الذكرى .
ومن يزور حلبجة الآن ويدخل متحف (الذكرى) سيطلع على هذه التفاصيل التي لا يمكن ان يتناساها ضمير العالم .
ففي ربيع عام 1988 حدثت جريمة غير مسبوقة حيث انها المرة الاولى يلجأ فيها نظام الى قصف سكان بلاده بالسلاح الكيمياوي المدمر , وهاهي الجريمة تتكرر للمرة الثانية على يد النظام السوري في غوطة دمشق فما أشبه اليوم بالبارحة .
وتمضي الشاعرة هيام في بث غنائها الحزين لـ(طفل لم يمت بعد)
كفكف دمعك ونم مرة على جفن دجلة
ومرة حين يخلع التوت بثلاثة الثلاثة
ويصمت التاريخ كالفجـيعة الســاقطة .
واخيراً تمتلئ الشاعرة بالأمل رغم هول المأساة التي تجاوزت حدود التصور وتبشر بأمل تحقق بعد سنوات قليلة أبان انتفاضة ربيع عام 1991 تقول الشاعرة :
هي رقصتك الأخيرة “حلبجة” فانتفضي
وعاقري كأس من مروا وتركوا الأجنّة
لا تخافي … طفلك الذي لم يمـــــــت بعد
يضيء تحـــــــــت الماء الشمــــــــــــوع
وينتظر موتاً آخر … يمشــي على قدمين .
هيام كتبت عن بعد لكن قلبها كان اقرب ما يكون الى موقع الحدث والأطفال الذين تناثرت أجسادهم في الأزقة والطرق .
اما الشاعرة العراقية (غرام الربيعي) فتبحث عن الآصرة الخضراء وقصة الحب (الكوردي _ العربي) التي حاول الطغاة محوها من التاريخ ومن الذاكرة فتنتفض شعرياً أمام محاولة قطع الآصرة ومحو حكاية الحب وتبعث برسالة ان الحب يمكن ان ينتصر على البندقية , تقول غرام الربيعي :
منذ طفـــــــــــــولة الألم
امتــــــــــهنا الحــــــــــــــــرف
سرق الطاغية قافيتــــــــــــــها
ان الســــــــــاسة يختلفــــــون
القــــــــــــرارات تختلــــــــــف
الوجـــــــــوه تخــــــــــــــــتلف
كم اعـــــرف … اني اعــــرف
لكنـــــــــــــــــــــــهم لا يعرفون
كم اعرف … اننا من رحم واحد
فـــــــــــــــــــلا نختلــــــــــــــف .
ان الشاعرة وهي خريجة اكاديمية الفنون الجميلة تكتب بحسها الفني ووجدانها العراقي البعيد عن تقيحات الايديولوجيات وعن نوازع الذات التي تنكفئ وتنطوي فلا ترى الا نفسها وظلها , تكتب بحس عراقي وعاطفة انسانية لذلك فأنها فعلاً تعرف اكثر مما يعرف السياسيون وتدرك ان الحب بين الشعوب هو الأبقى والأبهى والأجمل.