«كَنون»: التصوير ممكن بلا كاميرا؟

الجسرة الثقافية الالكترونية
أمل كعوش
في إطار تجارب المشروع الإبداعي الذي أطلقته شركة «كَنون استراليا»، منذ شهرين بعنوان «المختبر»، على قناتها في موقع «يوتيوب»، عادت الشركة ونشرت ثلاث تجارب جديدة بعد تجاوز عدد مشاهدي فيديو التجربة الأولى بعنوان «الفخ» عتبة الستة ملايين ونصف.
يستمرّ المشروع في استقبال طلبات المصوّرين الراغبين بالمشاركة في التجارب القادمة، بهدف تحفيز التفكير الإبداعي في صناعة العمل الفوتوغرافي. وفي حين كانت الثيمة الأساسية في الفيديو الأول تتمحور حول تشكّل الصورة بحسب رؤية المصوّر نفسه، لا بحسب المادة المصوّرة وحدها، جاءت التجربة الأحدث التي حملت عنوان «فراغ» لتثبت أن المصدر الأساسي للإبداع هو المصوّر عبر تطويعه للفضاء بهدف خلق الصورة. ولهذا الهدف استضافت «كَنون استراليا» مجموعة جديدة من المصوّرين لاختبار قدرتهم على ابتداع مادةٍ لصورهم في مساحة ستوديو خالية إلا من شريط أحمر لاصق يرسم حدود مسرح التجربة. كما اشترطت الشركة أيضاً أن لا يتمّ اللجوء إلى الـ «سيلفي».
خلال التجربة يجوب كل مصوّر المساحة فاحصاً زوايا المكان محاولا ابتداع صورة من خلال الضوء، الظلال والانعكاسات على الجدران والأرض. ينبطح بعضهم على أرضية الستوديو لاتخاذ منظور بصري مختلف. تستخدم مصوّرة ما ترتدي من حلى لتكوّن صورتها. يستعين مصوّر آخر بساعة يده وهاتفه المحمول. يعثر آخرون على عناصر غير مألوفة لتكون مادة لصورتهم (الشريط الأحمر، شريط معدني سقط سهوا، ورقة مهملة…) ويصل الأمر بأحد المصورين لأن يتجرّد من ملابسه لتصبح مادة لصورة يتخذها وهو يرتدي سرواله الداخلي فقط.
سبق هذه التجربة التي تتحدى المصوّرين في قدرتهم على «خلق شيء من لا شيء» كما يقول عنوان الفيديو الفرعي، تجربة بعنوان «التطوّر» في تحدٍّ تشاركي بين مجموعة أخرى من المصوّرين. المادة في هذه التجربة واضحة لكنها محدودة؛ منصّة بيضاء تحمل في كل مرة أحد العناصر التالية: موزة، زهرة في أصيص، ملعقة وبيضة نيئة. يقوم كل مصوّر بالتصرّف كما يشاء بالغرض الماثل أمامه ليلتقط صوراً له، ثم يكمل زملاؤه من حيث انتهى مهما كانت حالة الغرض على أن يتجنّب التقاط الصورة نفسها.
تخلص هذه التجربة إلى مقولةٍ تظهر في نهاية الفيديو وهي: «إذا ما بحثتم جيداً ستجدون الإلهام في كل مكان». وتبعاً لهذه القاعدة اختارت «كَنون استراليا» أن يكون مسرح التجربة الثالثة مقبرة. لا لعبة هذه المرة، بل تجوال للمصورين في أرجاء المقبرة ـ الحديقة المطلة على البحر لإيجاد صورة واحدة تصلح للتعبير عن «الحياة الأبدية». الغائب الوحيد والأبرز في هذه التجربة آلات التصوير على أنواعها، وذلك لإثبات أن الأداة الأهم عند تكوين الصورة هي عقل المصوّر، لذلك حملت التجربة عنوان «كادر العقل». لمدة دقيقتين ونصف يرافق المشاهد المصورين في جولتهم حول المقبرة مع مقتطفات من نقاشاتهم عن كيفية التعبير عن «الخلود» عبر لغة الفن البصري. تتحدث إحدى المصورات عن إسناد المادة الفوتوغرافية إلى المنظور الثقافي أو المنظور الإنساني، ويربط أحد المصورين بين الأزرق في السماء والبحر ومفهوم الخلود، فيما يعتقد آخر أنه يمكن تجاوز ماديّة عناصر المقبرة واتخاذ مادة مختلفة لصناعة الصورة المبتغاة. يحكي أحد المصوّرين عن فكرة مسبقة كان يعتقد انها قد تكون صورة مناسبة للتعبير عن الحياة الخالدة وكيف تغيّرت تماما لحظة وصوله إلى أرض المقبرة، ويقارن زميلٌ له بلاغة التفكير بالصورة من دون الكاميرا بسهولة أخذ مئات اللقطات الرقمية واختيار الأنسب منها أمام شاشة الكمبيوتر.
المصدر:السفير