ليلى بنت يوسف تحلل السرديات النسوية في الامارات

الجسرة الثقافية الالكترونية
محمد الحمامصي
“السرديات النسوية في الإمارات.. مقاربات نقدية في الرؤية والتشكيل” العنوان الأحدث الصادر عن دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة للباحثة ليلى بنت يوسف، وهو الكتاب الفائز بجائزة أفضل كتاب لمؤلف إماراتي – جائزة دبي الثقافية للإبداع 2014 – 2015.
وأكدت الباحثة أن الرواية النسائية في الإمارات لم تكن بمعزل عن ساحة الأدب المعاصر إذ تمكنت منذ نشأتها عام 1990 أن تخلق لها مكانا مميزا، وتبرز بصمتها الأصلية، وتدخل معترك السرد الروائي لتعالج مشكلات الإنسان عموما والمرأة خصوصا بمنظار واقعي في أغلبه، حيث يعتمد على وجهة نظر الكاتبات اللاتي يدركن أن الرواية باتت الوعاء الفني الأكثر استيعابا لقضايا العصر ومشكلات المجتمع، بل واستيعاب مشكلا وهموم الروائيات أنفسهن.
مهدت الباحثة لكتابها بتناول سريع لنشأة ومراحل تطور الرواية النسائية الإماراتية، والتي حددتها بمرحلة النشأة 1990 ـ 1997 حيث ظهرت رواية باسمة يونس “ملائكة وشياطين” 1990 ثم رواية حصة الكعبي “شجن بنت القدر الحزين”، ثم مرحلة التجريب منذ العام 1998 إلى عام 2009 وأبرز أسماء هذه المرحلة أمنيات سالم وميسون صقر القاسمي وأسماء الزرعوني ورحاب الكيلاني وآمنة المنصوري وفاطمة السويدي ومريم الغفلي وصالحة غابش، ومرحلة الوعي وهي مرحلة ما بعد 2009 ومازالت مستمرة وفيها مريم الزعابي وروايتها “بالأحمر فقط” ووفاء العميمي وروايتها “راعي غوالي” ولميس المرزوقي وروايتها “حدثتنا ميرة” وباسمة يونس وروايتها “لعله أنت”.
جاءيت الدرايسة في مقدمة وتمهيد وثلاثة فصول وخاتمة، تناول الفصل الأول موضوعات الرواية النسائية في الامارات، حيث تحدثت الباحثة عن أهم الموضوعات وهي: الموضوع الحضاري، الموضوع الاجتماعي، الموضوع التاريخي، الموضوع المركب، لتخلص إلى أن الموضوع الحضاري والموضوع الاجتماعي من أكثر الموضوعات شيوعا لدى الكاتبات.
وفي الفصل الثاني تناولت الباحثة تقنيات البنية السردية في الرواية النسائية الاماراتية واشتمل على “دلالة العنوان” ثم “بناء الشخصيات” في الرواية وكيف بنتها الكاتبات وأبعاد البناء اللائي حرصن عليه، وذلك عبر محورين رئيسيين مرتبطين بتصنيف الشخصيات وهما الشخصية الرئيسية “المحورية” والشخصية الثانوية “التابعة”.
وعرضت نماذج تحليلية لبناء كلتا الشخصيتين، لتخلص إلى أن الكاتبات اعتنين ببناء الشخصيات بكل أبعادها الداخلية النفسية والخارجية الجسدية، وأن هناك علاقة بين بناء الشخصية والدور الذي تؤديه في الرواية.
كما حللت الباحثة نسق الأحداث وقدمت لها بمدخل نظري تحدثت فيه عن مفهوم الحدث الروائي وأهميته في العمل، ثم تناولت أنساق بناء الأحداث في الرواية النسائية الاماراتية وهي “نسق التتابع ونسق التضمين ونسق التناوب والنسق الدائري لكن الغلبة كانت لبناء الأحداث وفق نسق التتابع وهو من أكثر الأنساق شيوعا في الروايات العربية، وخلصت إلى أن الروايات النسائية الاماراتية اتبعت النسق التقليدي في بناء الأحداث مع تطلعها إلى الأنساق الجديدة كالنسق الدائري.
ومن نسق الأحداث إلى تقنية المكان حيث قدمت الباحثة مدخلا نظريا تحدثت فيه عن أهمية المكان في العمل الروائي ثم تناولت العلاقة بين المكان والفضاء الروائي، بعد ذلك ذكرت أنواع المكان في الرواية النسائية الاماراتية وهما نوعان الأماكن المفتوحة والأماكن المغلقة، لتخلص إلى أن المكان من أهم عناصر البناء الفني حضورا وتوظيفا وأن حضور المكان ارتبط بالبيئة المحلية وبالتطور الاجتماعي والعمراني الاماراتي.
وخصصت الباحثة الفصل الثالث لمعالم التجديد في الرواية النسائية الاماراتية من خلال مبحثين الأول تطور الللغة والثاني توظيف التراث، كاشفة أن اللغة جاءت في ثلاثة أنواع: اللغة المباشرة واللغة الشاعرية واللغة المزدوجة، ثم حللت علاقة اللغة بالحوار بقسميه الداخلي والخارجي وخلصت إلى أن حضور الحوار الداخلي بقوة.
وعرضت الباحثة في مبحث توظيف اللغة نماذج مفصلة حول كيفية توظيف التراث في الرواية النسائية الاماراتية عبر توظيف جميل للمناسبات والشعائر الدينية واستلهام الشعر النبطي وتوظيف كبير للأساطير والقصص الخرافية.
ومن أبرز النتائج التي خرجت بها الدراسة اهتمام الكاتبة في أثناء السرد بالتفاصيل والجزئيات الصغيرة والميل نحو الفضول، وهيمنة المونولوج على الديالوج في الحوار، وهي ميزة من ميزات الكتابة عند الكاتبات الاماراتيات وهذه الميزة مرتبطة بخصائص المرأة النفسية.
ورأت الباحثة أن الرواية النسائية الاماراتية على الرغم مما حققته من تراكم كمي ونوعي وتطور فني ملحوظ فإنها ما تزال دون مرحلة النضج، فالقارئ للروايات النسائية الاماراتية يشعر بأنها مازالت تفتقد الروح التي تمنحها الخلود في تاريخ الأدب العربي والعالمي، وأن ذلك لا يتم إلا بتطوير عناصر البناء الفني وتحقيق الترابط بينها بصورة تؤدي إلى تماسك المعمار الروائي دون العناية بأحد العناصر دون الآخر.
المصدر: ميدل ايست اونلاين