«ليلى و ليالي الفايسبوك» لنزار دندش.. درس في التواصل الاجتماعي

الجسرة الثقافية الالكترونية
*عماد حمزة
المصدر: السفير
لا شك في ان نزار دندش من اهل الادب والابداع، فالنظر في لائحة نتاجه الادبي، يضيق عن الحصر، وبالغ التنوع، وفي معرض الكتاب الأخير قبل شهر تقريبا، وقع روايته الممتعة «ليلى وليالي الفايسبوك» وفيه من الطرافة والجدة، ما ينم عن براعة الكاتب، وقدرته على استشراف اثر الفايسبوك في حياة الافراد، خارج اطار السفسطات اليومية عن مضارّه ومخاطره وغير ذلك. ففي جلباب الاديب نزار دندش، يقبع العالم متأمّلاً في معطيات العصر ونهوضه التكنولوجي، من زاوية عاطفية صرفة، وبعيدا من الاستعراضات العلمية والمعرفية للانترنت. واحسه في ذلك من أوائل الكتّاب العرب الذين سعوا للافادة من الانترنت كموضوع للادب، واطار عام لرواية، بظرافة حاولت ان تكون سهلة الهضم وواقعية في وقت واحد. لقد انتبه الكتّاب الغربيون الى ذلك قبلنا، فكتبوا للسينما في هوليوود قصصا في هذا الشأن بالغة الاثر وخفة الدم والنجاح، بما بشبه عرض دندش في روايته الممتعة «ليلى وليالي الفايسبوك». ففي الرواية موضوع بسيط للغاية الا انه دقيق وعميق فالكاتب يتناول اشكالية واقعية، وهي: هل ترتبط علاقاتنا بالآخر بنا، او بما عليه بيئتنا من نزاعات محلية، وافكار مسبقة.
ومن دون اي لتّ او عجن، او محاضرات في هذا الاطار، تتكشف لنا شيئا فشيئا حقيقة اننا ضحايا مفاهيمنا الخاطئة ونزاعاتنا المحلية والعائلية، وربما الطائفية، اذ عبر التواصل الفيسبوكي، تنشأ علاقة حب صادق بين شاعر وابنة قريته التي كانت ترفض حتى مصافحته، لكن وبعيدا من ضغوط البيئة والمواقف المسبقة، يتحابان ويتزوجان، ليثبت ان العلاقات اذا تجردت من سوابق القناعات، لعلها تؤدي الى نتيجة، وهكذا كان، فيتزوج الشاعر وليلاه. الى هنا، بدا الامر عاديا، لكن شخصية العالم المدقّق، لم ترض هذه النهاية السعيدة، وصلاح ذات البين بين عائلتين في قرية يعود لزمن الاجداد. وسرعان ما ينعطف نزار دندش الى الإضاءة على اشكالية اخرى: الزواج المتسرّع. وهنا ايضا لا نجد نزار دندش يحاضر او يتفلسف، لقد قال كلمته في هذا الموضوع، وهي: الطلاق. تنهي العلاقة بطلاق، اي بسبب جديد لنزاع جديد وحقد آخر بين العائلتين في القرية. وهذا امر غير مستغرب ولا مستبعد الحدوث، في مجتمعات، ما زلت تحبو في اتجاه الثقافة المعاصرة، فنحن وان قدنا سيارة، واستخدمنا هاتفا، وكومبيوترا، ما زلنا في جلابيب الماضي وكهوفه من علاقات وقناعات وعادات وتقاليد. ولعل هذا جل ما يمكن استخلاصه من رواية نزار دندش، ومن دون ان يبدو الروائي هنا محاضرا او متفلسفا.
ان رواية «ليلى وليالي الفيسبوك» رواية طريفة، ممتعة، وواقعية في الوقت نفسه، وقد عرضت بذكاء، ولغة شيّقة، وسلاسة، وسرعة، خالية من التسرع، لتنسجم بالشكل والحجم مع وتائر سرعة العصر وادوات اتصاله، ومع سرعة نشوء العلاقات، وسرعة انتهائها. «ليلى وليالي الفايسبوك» رواية ناعمة للاماسي والصباحات، وهي في الوقت نفسه درس تجريبي في قضايا التواصل الاجتماعي وخطورته، من دون حذلقة او تفلسف.