ليندا نصّار في “إيقاعات متمردة”.. الشعر على إيقاع “الغيتار”

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

معمر عطوي

 

 

تحاول الشاعرة ليندا نصار أن تتمرد على اللغة وعلى الظلم في آن، على ايقاعات “غيتارها” المتلازمة مع كتابتها كموهبتين متناغمتين تنطلق بهما الى المشهد الثقافي بثقة متناهية، لكنها تخفق أحياناً في مواصلة التمرد فتيأس أو تتراجع أمام حتميات تعبيرية أو ميتافيزيقية تجعل تمردها دعسة ناقصة.

هي شاعرة تتقن استخدام اللفظ العربي وتوظيفه في سياق شعري فكتبت القصيدة التفعيلية والنثرية ونجحت أحياناً في اختيار القوافي المتجانسة من غير تكلف، لكنها أخفقت في قصائد أخرى كان أولى بها أن لا تتقيد بالشكل على حساب الصورة والموسيقى التعبيرية.

أستاذة اللغة العربية برعت في صياغة قصائد مثل “حالة انفصال” حيث تقول: ” لمسات في الموال الألف/ همسات، بل ألف سؤال/ يتدلى في في الوجدان فتسكره الأقدار/ والفكر خيار، من طبع الفكر خيار/ ويجيء سؤال/ في ثوب يلبس كل الأشكال…”

وعلى المنوال ذاته نسجت خيوط “غرور”: “وأدرك أني أحب الغرور/ غروري عيونك، صمت خجول/ وأوقن أني بحبي أثور/ وفي القلب غرس يقول: ألا أشرقي يا فصول/ فليس سوى الحب فيّ يجول/ وأعلم أن بزفيرك سور/ يؤدي لأنأى السهول/ ويبعث رغبة شعر جسور!/ صهيل ظنونك في خاطري/ ظنونك تصهل مثل الخيول…”

بينما كانت ليندا عادية جداً في قصائد بدت سردية أكثر مما تستخدم لغة شعرية مثل “حيرة”، أو “قناديل منسية”. حتى القصيدة التي اختارتها كعنوان للغلاف “ايقاعات متمردة” كانت قصيدة عادية جداً لجهة التعابير المستخدمة فلم تُحدث ذلك الإيقاع الذي ظهر في قصائد بدت أهم وأكثر امتلاكاً للغة شعرية ممتازة.

في هذه القصيدة لغة استفزاز لجوانية الذات وللتمرد الكامن فيها، حيث يرد: “حروفاً غريبة كتبتك في دفتري/ حروفاً من العشق كنت/ كتبتك في دفتري/ سحرت موانئ شوقي/ وأيقظت فيّ نقاط الوصول…/ رسمتك مخطوطة في وجودي/ ولي نغماً كنت في جزر/ سفائنها من لحون قديمة/ وإيقاع ألحانك العالية/ تمرد حتى استحال سحاباً ويرسم فيّ خطوطاً/ خطوطاً، رذاذاً من الحب تهمي/ شذى في عصور سماوية…”

أما لغة الرجاء والابتهال لمعذبها كما في قصيدة “تأملات حائرة” فهي تدحض مقولة التمرد وتبدو فيها وكأنها تناشد معذبها وتناجيه بدلاً من التمرد عليه، إذ تقول “إليك يا معذبي أبتهل/ تنهداتي كنت أعليها على الدوام/ علك أن تواسي/ ما كان في صدري من الأيام/ بمقلة حائرة..”.

ديوان ليندا التي ارتأت فيه أن توائم بين الموسيقى والشعر، من خلال صورة الغلاف وعنوانه، حافل بقصائد الحب والهيام، بتعابير شعرية بدت من خلالها تتماهى مع هواجسها وأفكارها وذائقتها الجمالية. لذلك كانت اطلالة الزميلة التي انضمت ايضاً الى نادي الصحافة، إطلالة مشهدية متكاملة بما فيها من إيقاعات صوتية ومشاهد متخيلة في “أقصوصاتها” الشعرية، وباتت وكأنها تمتلك لعبة القوافي التي لا ينجح في التعامل معها العديد من شعراء القصيدة الحديثة.   

المصدر: السفير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى