مآثر زايد في شهادات وقصائد واستذكارات كتّاب وشعراء

الجسرة الثقافية الالكترونية-الخليج-
نظمت دار هماليل للطباعة والنشر مساء أمس الأول أمسية بعنوان : “زايد حكاية أمة وحلم شعب” شارك فيها الدكتور فالح حنظل والشعراء محمد نور الدين، وعيسى المهري، وسعيد القحطاني، والإعلامي سعيد المعمري وذلك بمناسبة مرور الذكرى العاشرة على رحيل المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، وقدمت الأمسية الإعلامية شهد العبدولي وحضرها لفيف من الكتّاب والأدباء والمهتمين .
تحدث الدكتور فالح حنظل في مستهل الأمسية عن المآثر والصفات التي اتصف بها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والتي أهلته للقيادة والريادة وقال: “كان الشيخ زايد رحمه الله يتمتع بشخصية كارزماتية، لم يتخرج في جامعة ولا مدرسة، لكنه كان شخصاً ملهماً ولديه قدرة فائقة على مواجهة الصعوبات والمشاكل وحلّها والتغلّب على كل الصعوبات، واستطاع أن يبني دولة موحدة، جمع فيها كل الإمارات بتعقل، وتجاوز مرحلة الشعارات وأخذ بالتدرّج وأذاب كل المشاكل والخلافات واستخدم فن الوحدة وفكر الاتحاد الذي انضوت كل الإمارات تحت لوائه” .
وأشار إلى أن شعب الإمارات شعب سعيد ينعم بالاستقرار في غمرة الاضطرابات التي عرفتها المنطقة العربية، وهذا ثمرة صنيع المؤسس الراحل المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤكداً أنه على من يتصدر للحديث عن الشيخ زايد أن يدرك فلسفته ورؤيته في بناء الدولة التي أوجدها من عدم ولم تكن لديها مقومات كافية في منطقة كانت تعاني ظروفاً صعبة، ولم يتجاوز عدد أبنائها المتعلمين والمتخرجين آنئذٍ 100 متخرج .
وركّز حنظل على نظرة الشيخ زايد للتاريخ والتراث حيث اهتم بهما اهتماماً متناهياً، تجسّد ذلك في أقواله وأعماله ومواقفه التي كان يؤكد فيها ضرورة الاهتمام بالتاريخ والتراث، لأن “من لا ماضي له لا حاضر له”، كما رسخ لدينا نظرة عميقة ومشرقة عن ماضي البلاد وجعلنا ننظر إلى تاريخ الفخر والعز ونتغاضى عن تاريخ المشاكل والحروب والصراعات .
واستعرض حنظل بعض مواقف الشيخ زايد رحمه الله التي تظهر قدرته الفائقة على إدارة المواقف وتجاوز الصعاب بحكمة وأناة وصبر من خلال حديثه عن علاقة الشيخ زايد بالبريطانيين وتعامله معهم، حيث أدرك منذ الوهلة الأولى أنه يتعامل مع قوة لا يمكنه أن يصارعها عسكرياً بل عقلياً، فتعامل معهم بتعقل وحكمة، وهي سياسة اعتمدها المغفور له بإذن الله في إدارته لشؤون الإمارة ثم الدولة فيما بعد، ولم يقم بكيل الشتائم أو السباب للبريطانيين ولا بتأميم الشركات، بل سلك مسلك الحكمة والعقل والمنطق الصحيح الذي يمليه الموقف وتقتضيه الحاجة والمصلحة .
وأوضح حنظل دور الشيخ زايد رحمه الله في تحديث الدولة وإدخال عناصر الحضارة الغربية بما يحافظ على هويتها الثقافية العربية، حيث نهج فيها نهج الوسطية وزاوج بين الحداثة والأصالة، لإيمانه بضرورة الانفتاح على العصر وعلومه ومعارفه مع المحافظة على الخصوصية الثقافية للدولة وحماية تراثها وتاريخها الذي يعتبره قضية أمة ومصير شعب، من هنا كانت عنايته بالشعر النبطي الذي يعتبر الوعاء الذي يحمل الثقافة الشعبية، كما افتتح مجالس الشعراء التي كانت بمثابة المنتديات الأدبية اليوم .
ولفت حنظل إلى أن الشيخ زايد رحمه الله مكّن للمرأة في مجتمعها وبلدها وبوأها مكانة مرموقة ومنحها حريتها، وقبله لم يكن للمرأة حضور ولا ذكر، كما اهتم بقضية الإسلام من خلال التركيز على بناء المساجد بوصفها المركز والمعلم الثقافي الذي يغذي أبناء الأمة بالإسلام الوسطي وينشر ثقافة السلام والمحبة بين الناس، وينأى بهم عن التطرف والغلو .
واستحضر الشعراء المشاركون في الأمسية مآثر الشيخ زايد رحمه الله، وومضات من سيرته وفكره وفلسفته حيث قرأ الشاعر محمد نور الدين قصيدته “عاشر سنة” التي يقول فيها:
عاشر سنه يا طيّب الذكر والصيت
عاشر سنه ذكراك فرضٍ وسنّه
عاشر سنه وآنا مع الشوق حجّيت
والصوم عنّك خيّب العيد ظنه
ناداك داعي الرب زايد وبيت
راضي ومرضي بنفسك المطمئنة
غمّضت جفنك راحل ويوم غضّيت
مثواك يعله عقب جنة ل جنة
سلمّت روح طاهرة وكنك أطفيت
شموع بوسط الوطن ينورنه
لو ماسح الحزن الشوارع وكل بيت
ما غصّ صدري الهمّ لي كاتمنه
يا غير يوم أكبرت ربي وصلّيت
وشفت الأيادي النعش لي يحملنه
خرّت دموعي نازلة وما تمنيت
ألعيه وأنعي طول عمري بونة
يا منظر عياله على القبر كفيّت
كسّرت لي في القلب متحملنه
صمّيت سمعي امكذّب الخبر واقفيت
أحسد كفيف خالقي معمينه
إن ييت أصدق وين ما ييت عانيت
أدري الصبر بس ينصبر كيف عنه
فرقاه أبكى النخل والرمل وبكيت
وأبكى المآذن والقبب لي احتونه
وعظمّت أجري في الفراق وتسليت
بأيام من دنياه يستذكرنه
وقرأ الشاعر عيسى المهري قصيدته “ما مات زايد” التي يقول فيها:
سلام ياغيث الرحاب المهاطيل
سلام يا طيب النْسب والسّلاله
سلام ماهل السّحاب الغماليل
والمشرقّي يناوب هبوبْه شماله
ما صبّ من ودغ المزونَ الهماليل
وانْتعشت الفيحاء بقطْر الزّلاله
بديت به قولي وما قلت من قيل
ماهو موفي وصف راعي الضواله
مهما نحتّ من البلاغة تماثيل
ومهما صنعتْ من القوافي مقاله
إلى أن يقول:
ما مات زايد يوم خلف رجاجيل
ولا توارى منْه الا ظلاله
واحتفى الشاعر سعيد القحطاني في قصيدته “سبع دانات” بمنجزات الشيخ زايد رحمه الله تعالى وما قدّمه للإمارات والأمة العربية من أعمال لا تزال شاهدة على حسن صنيعه . وتذكّر الإعلامي الشيخ زايد بأجمل صفاته فهو الفارس والشاعر والقائد والأب الحنون الحاضر في كل تفاصيل الحياة اليومية، ولا يخلو مجلس من ذكره والاحتفاء بمنجزه رحمه الله وطيّب ثراه .