ما يطلبه الفنانون ..استمرارية العروض من أولويات تطوير المسرح

الجسرة الثقافية الالكترونية
*أشرف مصطفى
المصدر: الراية
معاناة المبدعين لا تنتهي في كل زمان ومكان، وربما تلك المعاناة هي التي يتمخض عنها الإبداع، لا سيما أن الفنان دائمًا ما يكون استشعاره للأزمات أكثر عمقًا لبحثه الدائم في التفاصيل، وتحاول الراية قدر استطاعتها من خلال هذه الزاوية، مناقشة أهم أزمات الإبداع، فتستعرض ما يطلبه الفنانون في كل حلقة، واليوم نستضيف أحد مبدعي “أبو الفنون” ليحدثنا عن أهم إشكاليات المسرح القطري، مطالبًا بتحقيق العديد من الإصلاحات التي تحتاجها الساحة للارتقاء بالحركة المسرحية.
في البداية، أكّد الفنان سالم المنصوري أنه من أولويات تطوير الحركة المسرحية استمرارية العروض على مدار العام، ولكنه اشترط لإحداث ذلك العمل بناء بنية تحتية تتمثل في إقامة المزيد من خشبات المسارح، والعمل على جذب الجمهور إلى المسرح من خلال التركيز في تقديم المسرحيات الاجتماعية والكوميدية الهادفة، وهو الشيء الذي رأى أن المهرجانات تفتقده وبشدة، مضيفًا إن نوعية مسرح المهرجانات لا يحضرها في الأغلب الجمهور بل تستهدف تلك النوعية من العروض فقط النقاد والمتخصصين والمهتمين بالمسرح، لذلك شدد على ضرورة أن تستمر العروض طوال العام، ثم يأتي المهرجان بعد ذلك ليتوج أفضل الأعمال، وأكّد على أن الجمهور ضلع أساسي في العملية المسرحية وبدونه لا يستقيم العمل، ولا يمكن أن تتطور الحركة المسرحية، قائلاً إن ما يحدث الآن على الساحة العربية من أحداث عنف يتوجب معه أن يكون المسرح عاملاً أساسيًا للترفيه والإمتاع إلى جانب كونه يهدف إلى التعليم حتى يجذب الجمهور إليه مرة أخرى.
وأشار إلى أن أبرز السلبيات التي يرى أنها تأتي من ضمن معطلات الحركة المسرحية القطرية هي عدم وجود موسم مسرحي مستقر واعتماد الساحة المسرحية على مهرجان وحيد، وهو ما يجعل فعاليات المسرح في قطر تستمرّ على مدار أسبوع واحد فقط طوال العام، حيث راح العديد من أصحاب شركات الإنتاج الفني القطرية ينتظرون الدعم الذي تقدمه وزارة الثقافة لهم خلال المهرجان، في وقت لا تنتج فيه شركاتهم أي عمل فني على مدار العام، وقال: لذلك فإنني أتمنى أن يقل الدعم المقدم للمشاركين بالمهرجان إلى النصف ويزيد عدد العروض إلى الضعف بحيث يصل إلى 16 عرضًا مسرحيًا، ومن سيكون لديه الرغبة في ممارسة فنّ المسرح بحد ذاته سيشارك، بينما من هدفه تجاري بحت سيتوقف، علمًا أنني غير متفائل بأن يقبل على المشاركة في المهرجان الكثيرون لو قلت استفادتهم المادية، خاصة أن البعض يتعامل مع هذا المهرجان على أنه فرصة مؤاتية لتحقيق المكسب المادي فقط دون النظر للقيمة الفنية ذاتها، وأضيف إن من يقول إنه فنان عليه أن يرينا فنه دون الاتكال الكامل على وزارة الثقافة.
وفي الوقت ذاته أكّد المنصوري أن المسرح القطري لا يعاني من تقصير في الدعم المادي من قبل المعنيين على الثقافة، قائلاً: هناك دعم مادي كبير توليه الدولة للمسرح فلا توجد دولة تنفق هذه المبالغ لدعم مسرحها، ومن المؤسف أن تلك الميزانيات الكبيرة تذهب إلى مهرجان يستمر لمدة أسبوع بينما يعاني باقية العام من نقص النشاط المسرحي، فمهرجان الدوحة المسرحي يتم خلاله إنفاق ما يفوق ثلاثة ملايين ريال قطري، كما أن هناك دعمًا كبيرًا كذلك تقدمه الدولة للفرق لكن دون فائدة، حيث لا يتم تقديم عروض مسرحية على مدار العام في ظل قلة خشبات المسارح وعدم قدرة الفرق المسرحية على حجز خشبة مسرح لتقدم عليها ليلتين طوال العام، وهو ما ينفي أن هناك تقصيرًا من حيث المادة، لكن التقصير ينطوي في عدم القدرة على التخطيط الجيد لإنجاح المسرح القطري وتفوقه وعدم العمل على إيجاد بنية تحتية حقيقية تكفل للمسرح القطري النجاح.
وعن رأيه في زيادة عدد الفرق المسرحية ومدى قدرة ذلك الأمر على إعادة التوازن للحركة المسرحية القطرية قال لا أعتقد أن الأزمة كانت في وجود فرقتين فقط، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في قلة الإنتاج، وعلى الرغم من أننا كنا نملك فرقتين مسرحيتين إلا أننا لم نكن نشهد لهما عروضًااً على مدار العام إلا من خلال مشاركتهما بمهرجان الدوحة المسرحي، والآن وبعد أن زادت الفرق المسرحية ستبقى الأربع فرق دون إنتاج، كما كان الوضع بالنسبة للفرقتين، ولن يحدث شيء سوى إضافة عبء أكبر على كاهل وزارة الثقافة من حيث توفير مقرات لها وتقديم دعم سنوي أكبر، بينما ستظل الأزمة كما هي لعدم توفير خشبات مسارح من أجل تقديم تلك الفرق عروضًا مسرحية على مدار العام، وهنا ننتقل للحديث على أزمة خشبات العرض والتي يدعي بعض الفنانين أنه قد تمّ حلها، في حين أن كل تلك الخشبات الجديدة التي دخلت إلى الخدمة حديثًا، لا تخدم سوى من يستأجرها بمبالغ مرتفعة للغاية وغالبًا لصالح حفلات ومناسبات لا تمت بصلة إلى المسرح، ولا يفوتني أن أقول للمدعين إنه لا توجد أزمة خشبات مسرح في قطر أريد أن أرى عروضكم، فأنتم تقولون ذلك في وقت لا تقدمون فيه أي أعمال مسرحية بسبب ذات الأزمة التي يعاني منها كل المسرحيين في الدولة، وهنا يجب أن أشير إلى ضرورة أن يكون المقر المخصص للفرق المسرحية مجهزًا بخشبة مسرح يتم تقديم العروض عليها على مدار العام.
وأكّد المنصوري أن أولى سبل تطوير المسرح من وجهة نظره هي العمل على إنشاء جمعية للمسرحيين للمساعدة في حل تلك المشكلات بشكل مستقل، ومن جانب الفنانين أنفسهم، وبمعزل عن الجهات الرسمية، وعلى المبدعين أن يتركوا خلافاتهم الشخصية وينشغلوا بالمسرح بدلاً من انشغالهم بالقيل والقال.
كما طالب المنصوري القائمين على مهرجان الدوحة المسرحي بإعداد لائحة تتضمن شروط المشاركة بالمهرجان على أن تكون محددة الملامح والتفاصيل، وقال: من أبرز سلبيات هذا المهرجان افتقاده لائحة يتمّ العمل من خلالها.