مجدي حليم يستدعي القارئ إلى شوارع موسكو

الجسرة الثقافية الالكترونية-العرب-

 

 عن “مجموعة النيل العربية للنشر والتوزيع”، صدرت رواية بعنوان “فيكا”، تأليف الكاتب المصري مجدي حليم، وهي تعدّ باكورة المشروع الأدبي الذي تتبناه المجموعة، والذي أعلنت عنه من قبل. كما أنها تعتبر أول رواية تنتهج طريقة محاكاة للأدب الكلاسيكي الروسي، بقلم روائي مصري عربي.

فيكا ذات الاسم الروسي تعدّ نمطا جديدا يضاف إلى أنماط الكتابة الأدبية العربية، حيث أن هذه الرواية لو أخفينا اسم الكاتب العربي وقرأناها، نستشعر بأننا في رحاب قصة مترجمة من قصص الأدب الكلاسيكي الروسي الذي يتميز بزخمه وقوته ونمطه الخاص في المشهد الأدبي العالمي، حيث يأخذنا الكاتب من بداية الرواية، إلى أعماق الريف الروسي، كما كان يأخذنا كتاب العصر الكلاسيكي في الرواية الروسية بكل شخوصه وأماكنه وملامحه، بل وحتى عادات وتقاليد أهله، كما لو كان مجدي حليم قد ولد هناك، وعاش عمره كله بين جنبات وحشايا الريف الروسي.

 

الحياة الريفية الروسية الساحرة لم تستمرّ حيث اضطرت بطلة الرواية إلى مغادرة مسقط رأسها لأول مرة بعد مقتل أمها، إذ “لم يصبح متوجبا عليها وأد أنوثتها فحسب، بل أصبح لزاما عليها أن تتحول إلى نمرة مقاتلة شرسة، تذود عن تخومها، وتصارع الذئاب البشرية التي بدأت بعد مقتل الأم في الحومان حول الدار، ظانة أن به لقمة سائغة أو قطعة من اللحم الأبيض الغض سهلة المنال”.

 

هذا الحدث المفصلي والمحوري في الرواية مثل بداية طريق رحلة متعددة الوجهات قادنا فيها الكاتب بحنكة وانتقل بأحداثها من القرية الصغيرة إلى رحاب المدينة الأوسع، في بنيان متماسك للأحداث التي تتصاعد وتبلغ ذروتها عندما تصل بطلة الرواية إلى عاصمة الروس موسكو للمرة الأولى في حياتها، بعد رحلة بالقطار بلغت آلاف الأميال.

 

في موسكو التي لم تكن تفكر يوما في زيارتها أو حتى المرور بها تجد الأعين من حولها تنظر إليها بتأفف شديد كشيمة من شيم أهل العاصمة التي تعني بأنهم لا يرحبون بالغرباء عن مدينتهم، حتى لو كانوا من الروس أنفسهم، وكأن لهم تقاليد يحافظون عليها، وأن الزائر لتلك المدينة العريقة إما أن ينصهر فيها، فيصبح واحدا من أبنائها، أو يغادرها غير مأسوف عليه.

 

وقد نجح الكاتب في أن يصور لنا طبيعة الحياة في موسكو بشوارعها وتقاسيم الحياة بينها، بروائحها وألوانها وسكانها والأحداث التي تدور في أحشائها، تصويرا دقيقا يشعر القارئ من خلاله بأنه هو من يتجول في شوارعها، وليس الكاتب هو من يصفها له، ثم يفاجئنا الكاتب بأن رحلة البطلة لا تنتهي في العاصمة، بل ستمتد إلى منتجع شرم الشيخ في مصر، وهناك تلتقي بالحب للمرة الأولى في حياتها.

 

ومن شرم الشيخ ستكون محطتها التالية هي إسرائيل، ولكن من خلال تهريب البشر في دروب صحراء سيناء التي تدور فيها أحداث كثيرة تجعل القارئ في حالة من التوتر والترقب لما ستسفر عنه تلك المغامرات الصحراوية، وما يحدث على جنبات الحدود بين مصر وإسرائيل حتى تنجح أخيرا في الوصول بعد عدة عمليات شرطية واستخباراتية ناجحة. وهناك تتوالى المفاجآت غير السارة بالمرة، وتلتقي بالثري القطري الذي يصل إلى تل أبيب للسياحة.

 

الرواية تزخر بالأحداث الكثيرة التي تجعل القارئ يلهث في ملاحقتها، وقد نجح الكاتب في أن يدفع القارئ دفعا لاستكمال الرواية، فالتتابع الهادر للأحداث لا يترك للقارئ الفرصة لكي يأخذ استراحة أثناء قراءتها ليلتقط فيها الأنفاس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى